تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
“,”سأكتب لاشىء يثبت أنى أحبك غير الكتابة“,”، فكما يقول الشاعر محمود درويش “,”هنا أول السُلَم الحجري المؤدي إلى الله والسجن والكلمة“,”، وهُنا ي هى روائع صبري موسى وعالمه الساحر المدُهش.
ذلك الأستاذ العظيم، الذى نسوه زمانا كلوحة نادرة من العصور الوسطى، كحلم لم يكتمل بمصر جميلة متقدمة متحضرة، كبسمة غائبة على خدي طفلة تخطو أولى خطواتها نحو المدرسة.
قبل أيام صدّق الفريق عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة على علاج المبدع العظيم صبري موسى في المستشفيات العسكرية، فعل “,”السيسي“,” ما لم يفعله مرسي ولم يقدمه طنطاوي ولم يف به نظام مبارك كحق أصيل لمبدع عظيم أمتّع العالم بعبقرية مُدهشة جعلته أحد أعظم رواد الأدب المصرى الحديث، إلى جوار قمم عظيمة كنجيب محفوظ ويوسف إدريس ويحيى حقي وتوفيق الحكيم.
إن موسى هو المكتشف لـ“,”فساد الأمكنة “,”، المراقب لـ“,”حادث نصف المتر “,”، الحاكى لقصة “,”السيد من حقل السبانخ، المبشّر بأدب الصحراء، المستحق الأوحد لجائزة “,”بيجاسوس “,” الأمريكية في عالمنا العربي.
كان الرجل أديبا فريدا ينقلنا من زمن التردد إلى زمن الحسم، ويخرجنا من ضباب الحداثة إلى صدق الواقعية، يعري الحجارة بحكمة جراح متقن، ويمسح غبار البداوة عن صورتنا فى فضاء العالم، يصنع من الكلمات صورا تتداخل لتعيد صياغة أحاسيسنا وأشواقنا، يترجمنا إلى محبة وحنان وكلام جميل يدل أننا دولة لها حضارة.
وعلى مدى ثلاثة عشر عاما كاملة يرقد صبري موسى مريضا منسيا فى وطن لا يتذكر مبدعيه ومفكريه، ويقاوم داء التجاهل المتوارث لدى أهل مصر منذ عهد الفراعنة، لا يزار ولا تسأل عنه رموز الثقافة، ولا تتكفل الدولة بعلاجه الذى يلتهم جل معاشه المتواضع.
ورويدا رويدا ينفض المحتشدون عنه، المسترزقون ببريقه، المتتلمذون على كلماته، ولا تبقى معه سوى زوجته الصابرة، وكتاباته الخالدة، ويصل الجهل والنسيان بأحد أرزقية الصحافة أن يكتب عنه فى جريدة القاهرة “,”المرحوم صبري موسى“,”، وتصل الانتهازية الجاحدة بأن تنشر له مجلة “,”الأهرام العربي“,” حوارا لم يُجر معه، وصورا له لم يُستئذن في نشرها، وكأن الرجل الذى غسل قبائح مجتمعنا ورش الجمال والتحضر والتأنق على حقول الثقافة العربية فريسة يسعى كثيرون لتمزيقها وشرب دمائها.
قرار السيسي بعلاج صبري موسى يعنى أن هناك من يعيى قدر المبدعين، ويبشّر باحتضان حقيقى من الدولة للمثقفين، إنه لا شك واجبه، لكن ما دامت العادة جرت بألا يؤدى مسئولو الدولة واجباتهم، فمن حقه علينا أن نشكره.
إنني أرى أن من واجبنا جميعا على الأديب العظيم أن نقدره التقدير المستحق، ونكرمه بما يليق بإبداعه العظيم، وأن نرد له بعض الجميل عن عطاء غير محدود، وعبقرية لا متناهية، هذا أفضل علاج للمبدع النقي صبري موسى. والله أعلم.
[email protected]