تفجرت مظاهرات الغضب الأمريكى ضد عنف الشرطة تجاه المواطنين الأمريكيين السود والمولويين من أصول إفريقية، وذلك بقتلهم بدم بارد، ودون مبرر من القانون.
وكانت بداية الأحداث التى تشهدها المدن الأمريكية الآن قيام شرطى أبيض بقتل مواطن أمريكى من ذوى البشرة السمراء يدعى «التون شبنرلج» البالغ من العمر ٣٧ عاما فى مدينة باتون روج عاصمة ولاية لويزيانا، وذلك أثناء قيامه ببيع نسخة مقلدة من أقراص مدمجة للأغانى والأفلام خارج أحد متاجر المدينة.
أما الشاب الثانى فيدعى «فيلان وكاسبنل» ذو البشرة السمراء، والبالغ من العمر ٣٢ عاما، الذى لقى مصرعه برصاص شرطى أمريكى أبيض بولاية مينيسوتا، وترتب على ذلك انفجار مظاهرات الغضب التى عمت المدن الأمريكية، ففى نيويورك انطلقت المظاهرات فى شوارع جنوب مانهاتن، بينما ركز المتظاهرون فى واشنطن على الوقوف أمام البيت الأبيض، وقام المتظاهرون بإغلاق الشوارع، والطرق الكبرى سواء باتلانتا أو فيلاد ريفنا، أما تـظاهرة دالاس، فكانت الأقوى والأعنف، حيث قام الشاب الأسود ميكا أكس بوتشى الجندى السابق بالجيش الأمريكى، الذى خدم فى أفغانستان بإطلاق الرصاص على عناصر من الشرطة الأمريكية البالغ عددهم ١٤ فردا، الأمر الذى أدى إلى مقتل ٥ ضباط، وإصابة ٩ آخرين، واعتبر كينا مسلحا، وأنه كان يستهدف قتل أكبر عدد ممكن من الشرطة الأمريكية، الأمر الذى اعتبرته السلطات الحادث الأخطر عقب أحداث سبتمبر، فدفعت بالقوات الخاصة للبحث عنه، واعتبرته قناصا، وأخذت تبحث عنه فى المطاعم، والفنادق والمحلات، وقامت هذه القوات باقتحام الشقق واستيقاف المشتبه فيهم مع تحليق الطائرات الهليكوبتر فى سماء المدينة، وتم تعليق رحلات الطيران من وإلى دالاس، وكانت هذه القوات مسلحة بالرشاشات التى يستخدمها الجيش الأمريكى حتى تم العثور عليه، وقتله بواسطة روبورت. وكشف هذا الحادث عن وجود رابطة للدفاع عن الأمريكيين الأفارقة، التى قادت هذه المظاهرات على متسوى المدن الأمريكية، كما أن قوات الشرطة الأمريكية ردت على هذه المظاهرات بكل قوة، وأفرطت فى استخدامها سواء استخدام الذخيرة الحية أو استخدام رزاز الفلفل، واعتقال المتظاهرين، وتم تعطيل القانون، وجميع هذه المظاهرات سبق الإدارة الأمريكية أن انتقدتها فى بلدان العالم الأخرى التى لا تنسجم مع السياسة الأمريكية، وربيبتها إسرائيل، وعكست عناوين الصحف الأمريكية حالة التفرقة العنصرية بأمريكا. تلك السياسة التى ظهرت فى أمريكا عقب الحرب الأهلية فى الولايات الجنوبية، حيث التفرقة فى المعاملة بين السود والبيض، والأوروبيين فى الإسكان، والعلوم، والوظائف، ووسائل النقل، وأماكن الترفيه، حيث ظهرت القوانين العنصرية التى تدعم سيطرة البيض فى أواخر القرن التاسع عشر، التي رد عليها السود بالمقاومة قبل الحرب العالمية الثانية، وخصوصا قوانين التعليم، فجاء عنوان الثأر فى واجهة صحيفة دالاس المحلية، وربطت بين مقتل ضباط الشرطة، وقيام الشرطة بالقتل العنصرى للشبان السود.
أما صحيفة «نيويورك تايمز»، فكانت افتتاحيتها «متى يتوقف القتل فى أمريكا؟».
أما عناوين صحيفة «واشنطن بوست» فكانت «رعب فى دالاس» «مسيرات سلمية تتحول إلى فوضى»، كما أن اللافتات والشعارات اللتين رفعهما المتظاهرون عكست هذا أيضا «حياة السود لها قيمة ارفعوا أيديكم» «لا تطلقوا الرصاص» أما على المستوى الرسمى اضطر الرئيس باراك أوباما إلى اختصار جولته إلى أوروبا، وقطعها حيث كان فى قمة حلف الناتو بوارسو، وأمر بتنكيس الأعلام فوق البيت الأبيض، وجميع المبانى الحكومية فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
وأحيت هذه الأحداث ذاكرة حوادث القتل والتصفية الجسدية للأمريكيين من أصول إفريقية على يد رجال الشرطة البيض، وأبرزها اغتيال مارتن لوثر كينج فى ٤ إبريل ١٩٦٨، الذى كان من أبرز المدافعين عن الحقوق المدنية للسود، وكان ذلك على يد أحد المتعصبين البيض، ويدعى جيمس رال راى الذى قاد فى عام ١٩٥٥ - ١٩٥٦ حركة مقاطعة السود لأتوبيس مدينة مونتغمرى عاصمة ألاباما بعد أن طلب من الزنجية روزا باركس ترك مقعدها لرجل أبيض فى الأتوبيس، ورفضت فتم اعتقالها، واستمرت المقاطعة حتى أصدرت المحكمة العليا حكمها بإلغاء قوانين العزل. ووريس تايلور وهى امرأة سوداء من ألاباما التى تعرضت للاغتصاب الجماعى من مجموعة من البيض، ورونى كينج الزنجى الأمريكى الذى تعرض للضرب المبرح من شرطة لوس أنجلوس فى عام ١٩٩١، ومايكل براون الشاب الأمريكى ابن الـ١٨ عاما من أصول إفريقية الذى توفى عقب قيام ضابط أبيض يدعى دران ويلسون بإطلاق الرصاص عليه عقب مشادة كلامية بينهما فى عام ٢٠١٤ فى فيرون بولاية ميزورى، والعائلة المسلمة
التى تتكون من ٣ أشخاص الذين تعرضوا للقتل بمنزلهم بسابل هيل بكارولينا الشمالية عام ٢٠١٥، وجوثاثان فيريل الذى طلب المساعدة بعد حادث سيارة فأطلق عليه الرصاص مما أدى إلى مقتله.
وكنا نتوقع من المنظمات الدولية التى تدور فى الفلك الأمريكى كمنظمة العفو الدولية أو رايتس ووتش بأن تصدر بيانا تدين هذه التفرقة العنصرية، وكذلك من المنظمات المحلية المصرية التى تتغنى بحقوق الإنسان، إلا أننا لم نجد هذا الأمر الذى يؤكد أن هذه المنظمات لا يعنيها من قريب أو بعيد الحقوق والحريات العامة، إنما الذى يعنيها التمويل الأجنبى، وأنهم عبيد لدى أسيادهم الذين يغدقون عليهم الأموال ويبيعون أوطانهم.
وحتى لا يكون كلامنا مرسلا.. لا نجد سوى عرض حيثيات محكمة جنايات القاهرة التى انعقدت بمحكمة شمال القاهرة، برئاسة المستشار محمد على الفقى، وعضوية المستشارين د. جابر المراغى، ومصطفى الحميلى فى قضية «التمويل الأجنبى» بمنع فرع ومركز من التصرف فى أموالهما العقارية والمنقولة والسندات والأسهم والصكوك بالبنوك والشركات وغيرها على ذمة التحقيقات الجارية فى القضية رقم ١٧٢ لسنة ٢٠١١ حصر قضاة التحقيق... وقالت المحكمة فى حيثيات الحكم إنها اطمأنت لما جاء بتقرير لجنة تقصى الحقائق المشكلة بقرار المستشار وزير العدل والمتعلق بفض الكيانات من مراكز وجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى الحاصلة على تمويل أجنبى وفق ما أفاد به جهاز المخابرات العامة الذى أكد أن مركز «..» يعمل فى ظاهره فى مجال حقوق الإنسان ويديره «...»، وأنه تلقى تمويلا من الخارج مصدره الاتحاد الأوروبى، والوقف الوطنى الأمريكى كما أن جهاز الأمن الوطنى أكد أن مركز «...» جمعية غير شرعية تهدف فى ظاهرها إلى نشر ثقافة التسامح ومواجهة التعصب، إلا أن نشاطها الفعلى أخذ صورة نشر الادعاءات الكاذبة بوجود تمييز دينى ضد الأقباط، والبهائيين بقصد الإضرار بالأمن القومى، وتشويه صورة البلاد فى الخارج، وإصدار بيانات مخالفة للحقيقة للإيحاء بوجود فتنة طائفية داخل مصر، وكل ذلك مقابل مبالغ مالية تلقاها «...» للقيام بهذا الدور المشبوه.. إلخ. ولعل سبب صمت هذه المنظمات تجاه أحداث التفرقة العنصرية فى أمريكا ترجع للأموال التى تغدق عليهم كتمويل، وبعد معرفتنا السبب يبطل العجب.