الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

دولة الخلافة.. تاريخ مكتوب بالدماء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى تصريح حديث له، قال الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، الدكتور أحمد الطيب: «إن سقوط الخلافة الإسلامية عام ١٩٢٤ كان بتدخل الغرب، لأنها كانت تشكل بالنسبة للغربيين نوعًا من القلق والتوتر والخوف». 
لكن الإمام الأكبر لم يوضح أسباب هذا القلق والتوتر والخوف، وربما لم يشغل نفسه كثيرا بقراءة تاريخ تلك الفترة التى كانوا يطلقون فيها على دولة الخلافة اسم «الرجل المريض»، تسعى كل الدول المنتصرة فى الحرب العالمية الأولى إلى تقاسم ممتلكاته، وهو ما حدث بالفعل إثر اتفاقية «سايكس بيكو» التى تقاسمت فيها إنجلترا وفرنسا ممتلكات «الرجل المريض» فى قارتى آسيا وإفريقيا قبل عام ١٩٢٤ الذى كان بمثابة إعلان شهادة وفاة «الرجل المريض».
لكن المهم فى حديث شيخنا الجليل فى ذات البرنامج الفضائى هو إعلان شوقه وحنينه إلى عودة دولة الخلافة، وهجومه الشديد على الإمام الجليل الشيخ على عبد الرازق وكتابه «الإسلام وأصول الحكم» الصادر عام ١٩٢٥ الذى أكد فيه «أنه لا توجد خلافة فى الإسلام، وأن الإسلام دين وليس دولة، وأن الخلافة هى نوع من اغتصاب حقوق الناس والتعدى على حقوق الإنسان، وتمثل ديكتاتورية فى الحكم».
تاريخ دولة الخلافة التى يتحرق إليها شوقا إمامنا الأكبر كان الجزء الأكبر منه مكتوبا بدماء المسلمين، هذا التاريخ تحكى عنه كتب التاريخ وتتحاكى، ولنبدأ من آخر دولة خلافة «العثمانية» التى يتباكى على سقوطها شيخنا الطيب.
تقول الباحثة فى تاريخ دولة الخلافة العثمانية «أشجان غوباشى» فى دراستها عن «التقاليد العثمانية فى دولة الخلافة»:
«نشب خلاف بعد وفاة أرطوغرول بين ابنه عثمان وعمه دوندار، وانتهى بقتل عثمان لعمه واستيلائه على الحكم، ليقيم بعد ذلك الدولة العثمانية عام ١٢٩٩، ويبدأ معه تاريخ القتل العائلى داخل الأسرة العثمانية الحاكمة. وخلف أورهان والده عثمان الذى توفى عام ١٣٢٤، دون أن يقتل أيا من أشقائه أو أقربائه، لكن نجله مراد الأول قتل شقيقيه إبراهيم وخليل (وهما من أُمَين أخريين)، ثم كوى، بتحريض من زوجته الأولى، عينى ولده ساوجى بالنار، وأعدمه حتى لا ينافس أولاده الآخرين على السلطة.
ولم يتردّد السلطان مراد، وهو على فراش الموت فى معركة كوسوفو عام ١٣٨٩، فى إصدار تعليماته، حسب الرواية الرسمية، من أجل خنق نجله يعقوب حتى لا ينافس شقيقه بيازيد الأول، الذى اختاره مراد خليفة له، ومن دون أن يراعى أحد ظروف مقتل يعقوب، الذى كان فى ساحة المعركة مع الصرب، عندما استدعى إلى خيمة والده وهو على فراش الموت.
ودفع بيازيد ثمن غدره هذا بالوقوع فى الأسر واستبعاده من الحكم من قبل المغولى تيمورلينك عام ١٤٠٢، وقد كان له ٦ أولاد من ٣ زوجات: تركية وبلغارية وصربية. ليقع الخلاف والاقتتال سريعًا بين هؤلاء الأولاد الستة، فقُتل ٣ منهم وهرب آخران، وبقيت السلطة لمحمد الأول، الذى حكم حتى عام ١٤٢١. أراد محمد الأول، الذى كان مريضًا، أن يحمى ولده الصغير من غدر ولده الأكبر مراد الثانى، فأوصى بأن يذهبا إلى الدولة البيزنطية بعد وفاته، وهو ما لم يتحقق له؛ لأن مراد الثانى قتل عمه مصطفى وشقيقه مصطفى أيضًا بعدما استولى على السلطة، وكوى عينى شقيقه الأصغر يوسف.
وتُبين المعلومات أن السلاطين العشرة الذين حكموا الدولة العثمانية ما بين عامى ١٢٩٩ و١٥٦٦ ميلادى قد قتلوا جميعًا أولادهم أو أشقاءهم أو أبناءهم من دون أى رحمة من أجل السلطة، وقد استمرت هذه «العادة» فى العائلة العثمانية حتى انتهاء الحكم العثمانى عام ١٩٢٢، فارتكب جميع السلاطين، وعددهم ٣٦، باستثناء ٩، جرائم عائلية. وتبقى حكاية السلطان محمد الثانى، أى محمد الفاتح الذى فتح إسطنبول، وهو نجل مراد الثانى، لافتة، بعدما أصدر محمد أمرًا شرعيًا حلل فيه قتل السلطان لشقيقه من أجل وحدة الدولة ومصالحها العليا. أما قصة مراد الثالث، وهو نجل السلطان سليم الثانى، فهى الأكثر إثارة فى عالم القتل والغدر من أجل السياسة، إذ قتل أشقاءه الخمسة فور تنصيبه سلطانًا على البلاد خلفًا لوالده. ولم يكن ولده محمد الثالث أقل إجرامًا من والده مراد الثالث، بحيث قتل أشقاءه التسعة عشر فور تسلمه للسلطة، ليصبح صاحب الرقم القياسى فى هذا المجال. ولم يكتف محمد الثالث بذلك، فقتل ٧ جوارٍ حوامل قيل إنهن كنّ على علاقة بأشقائه. كذلك فإنه لم يتردد فى قتل ولده الصغير محمود، الذى يبلغ من العمر ستة عشر عامًا، كى تبقى السلطة لولده البالغ من العمر أربعة عشر عامًا، وهو السلطان أحمد، الذى اشتهر فيما بعد ببنائه جامع السلطان أحمد فى إسطنبول، والمعروف بالجامع الأزرق. أما السلطان أحمد الشاب، فلم يتردد بدوره فى وضع شقيقه مصطفى البالغ من العمر ١٣ عامًا فى قفص خاص حتى لا يشكل خطرًا عليه بحجة أنه مجنون».
هذا هو التاريخ المشرق لآخر دولة خلافة يتباكى عليها الأزهرجية والداعشية والإخوانجية والسلفجية ومن لف حولهم.
وتاريخ الدم لم يكن استثناء عرفته دولة الخلافة الأخيرة، لكنه تاريخها منذ النشأة.
يورد فضيلة الشيخ محمد نصر فى بحثه «عن أيّة خلافة يتحدثون»
بعض المعلومات التاريخية عن دولة الخلافة:
١- فترة الخلافة دامت من ٦٣٢ م إلى ١٩٢٤م أى لمدة ١٢٩٢ سنة، وفيها حكم ٩٥ خليفة.
- الخلفاء الأوائل أربعة هم أبو بكر، عمر عثمان وعلى رضى الله عنهم.
- الخلافة الأموية دامت ٩٠ سنة وتولى فيها الحكم ١٤ خليفة وانتهت على يد العباسيين الذين قتلوا ومثلوا بجثة آخر خليفة أموى وقتلوا عائلته.
- الخلافة العباسية دامت حوالى ٦٠٠ سنة وتولى الحكم فيها ٣٧ خليفة وانتهت على يد التتار (هولاكو) الذين قتلوا ومثلوا بجثة آخر خليفة عباسي.
- الخلافة العثمانية دامت حوالى ٦٠٠ سنة وتولى فيها الحكم ٤٠ خليفة وانتهت على يد المنتصرين فى الحرب العالمية الأولى.
٢- الخلفاء الراشدون هم ٥ (من مجموع خمسة وتسعين خليفة) أى أربعة فى المائة من الخلفاء.
- أبو بكر حكم عامين ومشكوك فى وفاته بسبب حروب الردة.
-عمر بن الخطاب حكم ١٠ سنوات ومات مقتولا.
-عثمان بن عفّان حكم لمدة ١٢ سنة ومات مقتولا.
-على بن أبى طالب حكم لمدة ٥ سنوات ومات مقتولا.
-عمر بن عبد العزيز حكم لمدة سنتين ومات مقتولا.
أى أن الخلافة الراشدة دامت ٢٩ سنة من جملة ١٢٩٢ سنة أى هناك ١٢٦٣ سنة خلافة غير راشدة بنسبة ٩٨ فى المائة.
٣ - ستون فى المائة من الخلفاء ماتوا مقتولين، أشهرهم:
- الوليد بن يزيد قتله ابن عمّه.
- مروان بن عبد الملك قتله جند بن العباس.
- المتوكل قتله ابنه المنتصر.
- القاهر ثملت عيناه ومات عطشا.
- المعتز تم قتله عطشا من جنود الترك.
٤- الكعبة ضربت مرتين بالمنجنيق فى عهد يزيد بن معاوية، والمرة الثانية على يد الحجاج فى فترة حكم عبد الملك بن مروان، وفيها قتل ابن الزبير على يد الحجاج، وصلبه بعد قتله، وهو أول مصلوب فى الإسلام...
٥- تطور اسم الخليفة من خليفة رسول الله إلى خليفة الله فى الأرض عند الأمويين، إلى سلطان الله فى الأرض عند العباسيين.
وكان كثير منهم مغرم بالخمور والجوارى، حتى إنّ الخليفة العباسى المتوكل كانت له أكثر من ٤٠٠٠ جارية!!
٦- طوال الفترة الأموية والعباسية والعثمانية كان البشر يباعون ويشترون فى الأسواق كالمواشى، وكان هناك العديد من المجاعات والثورات على هؤلاء الحكام.
.. وبعد على ماذا تتابكون؟ وعماذا تهيمون شوقًا إلى عودتها؟ وعن أى دماء جديدة تبحثون؟ ارحمونا يرحمكم الله.