السبت 06 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"غوازي" السياسة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد دقائق من حادث "نيس" المروع،  والذى راح ضحيته 84 مواطنًا على يد شخص منحرف، أكد كل من يعرفه انه يعانى خللا نفسيا، ولديه مشاكل اجتماعية مع أسرته- وهو ما أكدته التحقيقات الأولية- انهالت ألسِنةُ الساسة الغربيين المتشدقين بالحريات، وأصحاب المصالح لتحويل الدفة إلى العالم الإسلامى وإظهار مجتمعاتهم بالضحية المسالمة التى تواجه الشرير الأعظم وراحت، تأخذ الرأى العام العالمى إلى طريق "هم فعلا يجيدوه" وهو المراوغة وإلباس ضعفهم وإخفاقهم في تأمين منشآتهم إلى الدين الإسلامى.
ولأن دونالد ترامب المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل للولايات المتحدة الأمريكية صاحب النظرية الأقوى حاليا ومهندس إلصاق كل ما يجرى من أعمال إرهاب وقتل وتخريب في العالم بالإسلام، استغل هذا الحادث وذهب ليهيل التراب على كل ما هو إسلامى، مستغلا سقطته التى كادت أن تنهى مستقبله السياسى، عندما طالب بمنع المسلمين من دخول أمريكا وقام بتحويلها إلى نصر، فعاد يكرر فعلته، ولكن هذه المرة وسط ترحيب وإشادات من الرأى العام الأمريكى والغربى، الذى نجحت الآلة الإعلامية الغربية المدعومة بأجهزة استخباراتية في تشويه والصاق الإرهاب بكل ما هو مسلم.  
إذ سارع ترمب إلى الضرب على وتر الحادثة باعتبارها برهانا واضحا على منطقية تصريحاته حول منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وقال ترامب لشبكة فوكس نيوز الإخبارية، إنه مستعد لشن "حرب شاملة" فور توليه الرئاسة في مواجهة الإسلام المتشدد.

نفس الأمر تكرر أيضا في حادث هجوم نفذه مسلح على ملهى ليلي للمثليين في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية 12 يونيو الماضى، فقبل أن تبدأ اى تحقيقات راحت نفس الشخصيات لإلصاق الحادث بالإسلام، وكتب وقتها ترامب على حسابه الخاص على "تويتر"، "هل سيذكر الرئيس أوباما أخيرا عبارة (الإرهاب الإسلامي المتطرف)؟ إن لم يفعل فعليه الاستقالة فورا.. هذا عار".
الملاحظ إنه بمجرد أن ينطق هؤلاء نجد الآلة الإعلامية تلتقط الخيط سريعا، وتعزف على نفس الوتر، ثم تتبعها قيادات دول أوروبية- المفترض أنها كبيرة- فيخرج قادتها يتحدثون بنفس النهج تتبعهم اجهزتهم الاعلامية لترسيخ الفكرة. 
الرأى العام الغربى أصبح لديه قناعة كبيرة بأن كل ما هو إسلامى إرهابى، وأن هذه البلدان لا بد أن تنتهى من الوجود، إذ يتصور أن الإسلام إنما جاء لأجل القتل والسفك وإهدار كرامة المرأة، وأنه دين يهاجم العقل ويصادمه وأنه لا يمكن أن يجتمع في المرء العقل والإسلام وكأن كل المسلمين عبر القرون المتطاولة هم مجانين من نسل مجانين وينسلون مجانين وأنه لم يأت إلا لإقرار النقائص، وأنه لم يدع أبدا إلى فضيلة وكأن الذين رضوا به دينا هم أهل لكل عيب بعيدون عن كل فضل ، وأن من عداهم هم مثال الشرف والعدالة والأمانة وهم عنصر الخير في الكون"، وهذا يجعلنا لا نلقى اللوم على هؤلاء فهم معذورن الى حد كبير لانهم وقعوا فريسة لـ "غوازى" السياسة من أبناء جلدتهم. 
الغريب أن في دولنا من يسير على نفس الطريق،- سواء بفهم أو عن جهل- ففي بلادنا خليط عجيب متناقض شكلاً، ولكنه يتفق هدفاً ومضموناً مع من يريدون إنهاكنا وإضعاف قوتنا، أما ما هو أغرب، حالة اللامبالاة للجهات المنوط بها الدفاع عن الدين، فمع هذه الأحداث وكم المحاولات لتشويه العالم الإسلامى لم يخرج أى منها ولو بكلمة تقول كفى كذبا وافتراء، وإن الذين يشوهون الدين هم صنيعتكم.