أثناء اعتصامي «رابعة» و«النهضة» منذ ثلاث سنوات مضت، وقُبَيْل حلول عيد الفطر المبارك بأيام، أطل علينا وجهان كئيبان لا يعرفان للإسلام قيمة، ولا لإرادة الشعب مكانة، ولا لرموز مصر قامة، الأول القيادى الإخوانى محمد البلتاجى الذى أدلى بتصريحٍ خطير ذكر فيه أن ما يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى يعود فيها محمد مرسى إلى قصر الاتحادية.. فردوس الإخوان المفقود، فى حين صرح القيادى الإخوانى صفوت حجازى بتصريح زف بشرى عظيمة لمعتصمى «رابعة» و«النهضة» ولشراذم الإخوان فى الدولة المصرية، وتمثلت هذه البشرى فى أن «الأخوات» قررن أن يصنعن كعك وبسكويت العيد، وأن الجماعة سوف توفر لهن الإمكانات الخاصة بذلك فى مكان الاعتصام.
ورصدت بعض المواقع الإخبارية وقتها مجموعة من الإجراءات التى لجأ إليها قادة الاعتصام، للمطالبة بعودة المعزول محمد مرسى للحكم مرة أخرى. وتوفير عدة سيارات قامت بنقل العشرات من المحافظات المختلفة إلى محيط الاعتصام للإيحاء بتزايد المعتصمين، ولتعويض النقص العددى خاصة مع رحيل عدد من المعتصمين من مقر الاعتصام، للاحتفال مع أسرهم بالعيد. وتمثلت هذه الإجراءات فى قيام الشباب المعتصمين بالميدان بتقسيم أنفسهم إلى عدة فرق للعب الكرة عند أطراف الميدان، مع الحرص على وضع الزينة فى بعض زوايا الاعتصام. وحرصت اللجان الشعبية على تهنئة الوافدين إلى الاعتصام وتوزيع بعض قطع «الكعك والبسكويت» عليهم، وأطلقوا عليه «كعك مرسى».
أما داخل الاعتصام فتواجد العديد من «الأخوات» اللاتى قمن بعمل البسكويت والكعك للمعتصمين، بعد توفير الأدوات الخاصة لهم من قبل «لجنة النظام». وقام المعتصمون بكتابة العديد من العبارات السياسية بالسمن والسكر وتسويتها، والتى تنوعت ما بيين التأييد للرئيس المعزول وبين الهجوم الشديد على الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة وقتها ومنها «كعك العيد يا كعك العيد ومرسى راجع من جديد». وأكد عضو بلجنة النظام أن الكعك والبسكويت يتم توزيعهما بالمجان على المعتصمين، حتى يشعروا بجو العيد، مؤكدًا أن المنصة شددت على توفير كامل مطالب المعتصمين فى عيد الفطر. ومن بين المساخر، خروج مسيرة كانت تضم العشرات من «الأخوات» بميدان رابعة العدوية إلى شارع الطيران، حيث قمن بإنشاء خيمة كبيرة هناك لعمل كعك العيد بها، وقاموا بترديد هتافات «كعك العيد يا كعك العيد مرسى راجع بكره أكيد»، «البسكوت ويا العيدية ومرسى معاه الشرعية». وقام أنصار الرئيس المعزول بجلب مستلزمات الكعك والبسكويت لعمله فى الخيمة، مؤكدين أن العيد فى «رابعة» سيكون مختلفًا وأنهم سيقومون بشراء الألعاب والمراجيح ووضعها بالاعتصام يوم العيد. ومن مساخر الإخوان إلى سخرية نشطاء شبكات التواصل الاجتماعى الذين التقطوا صور علب الكعك والبسكوت المطبوعة باللون «الأحمر» ومكتوب عليها «النهضة.. كعك وبسكويت»، ليتندروا على الإخوان فى فترة حكمهم الفاشل للدولة المصرية ويقولوا إن «مشروع النهضة» طلع كعك وبسكويت.
ورغم العادات والتقاليد المصرية الأصيلة، تقضى بعدم الاحتفال بالمناسبات السعيدة والعزوف عن الابتهاج بالأعياد، عندما تكون هناك حالة وفاة داخل العائلة، ويتم التخلى عن مظاهر الاحتفال مثل «الكعك والبسكويت» فى عيد الفطر المبارك، وذلك كنوع من أنواع الحداد على الفقيد، إلا أن جماعة الإخوان أصرت على الاحتفال بالعيد وعمل الكعك والبسكويت داخل اعتصامهم فى المكان الأقرب للرقعة التى سال على أرضها دماء من نزلوا للدفاع عنهم، بعد أن غرروا بهم باسم الدين. ولعل اختيار اللون «الأحمر» كان دالًا فى مشهديْن بالنسبة لجماعة الإخوان: المشهد الأول أنه كان خلفية صورة المرشح محمد مرسى فى حملته الرئاسية، وهو ما تبدى جليًا فى إراقته لدماء المتظاهرين على أسوار قصر الاتحادية، والمشهد الثانى هو طباعة علب كعك وبسكويت «النهضة» باللون الأحمر، وكأن هذا الكعك والبسكويت كان مغموسًا بدم من استشهد أمام أسوار «الاتحادية» فى عهد هذه الجماعة الإرهابية، وبدم من دفعهم الإخوان من المرتزقة لمهاجمة أحد المقرات العسكرية «الحرس الجمهورى» لتحرير رئيسهم المزعوم، وبدم من استشهدوا فى سيناء من رجال الجيش والشرطة بعد عزل الرئيس الإخوانى على أيدى الإرهابيين الذين جلبتهم الجماعة من كل بقاع الأرض ليكونوا سندًا لها وظهيرًا ضد الشعب المصرى وجيشه وشرطته.
ورغم أن هذه الأحداث مرت عليها ثلاث سنوات، إلا أن جماعة الإخوان ما زالت تحتفل بعيد الفطر فى ذكرى اعتصامي «رابعة» و«النهضة»، وما زال أفرادها يصنعون الكعك والبسكويت مغموسًا بدماء الشهداء من رجال الجيش والشرطة والقضاة ورجال الدين المسيحى، وتفوح منه رائحة الموت، بل ويحتفلون مع كل حادثة يقع فيها شهيد جديد شماتةً فى مصر التى لا تعنيهم، وشماتةً فى المصريين الذين خلعوهم.
ألم يأن لجماعة الإخوان أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق وتعى حُرمة الدماء، بدلًا من اللهاث وراء الشيطان، ألم يأن لجماعة الإخوان أن تدرك معنى كلمة «وطن»..