الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تجاهل 30 يونيو وإجحاف حق الرئيس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصابتنى الدهشة والضيق، بعد أن شاهدت الاحتفال بذكرى ثورة ٣٠ يونيو، والذى شهده الرئيس «السيسى» فى دار الأوبرا المصرية.. فقد عبر الاحتفال عما يعانيه الواقع المصرى من تدهور ثقافى وفنى، وفقر فى الإبداع، وانعدام رؤية من المسئولين الذين لا نجد لهم أى دور أو إنجاز وما زلنا نرى من يصفق ويهلل لهم باعتبارهم حاملين رايات الفن والثقافة!!.. ولكن جاء الحفل ليثبت مدى الضعف وعدم الكفاءة لمن يتحملون مسئولية خروجه بهذا الشكل المهلهل، الذى لا يعبر عن اسم الاحتفال أو عن الواقع الذى نعيشه والذى يمتلئ بإنجازات لم تجد من يدعمها أو يعبر عنها.
فقد وجدناه قد نقلنا للماضى دون داعٍ، وكأننا فى احتفال لثورة ٥٢ وليست ثورة ٣٠ يونيو، وكأنهم مفصولون عنا وما زالوا يعيشون منذ ٥٠ عاما، وكأنهم لم يجدوا ما يقدمونه أو أن عصرنا بلا إنجازات، فالفن هو الذى نقلنا إلى الأجواء التى لم نعشها فى ثورة ٥٢، وما يليها من حقب مرت بمصر، وكلمات الأغانى التى تغنت بالإنجازات والمشروعات مثل: «السد العالى»..أو «تأميم القناة».. وغيرهما من الأغنيات الرائعة التى تغنت بإنجازات مصر منذ الخمسينيات وعاشت بداخلنا، ولكن ما علاقتها بثورتنا الآن؟..لقد وجه الرئيس نداءاته للمبدعين خلال كلماته فى عدة مناسبات.. وأكد أهمية دورهم وأهمية أن نتغنى بمشاريعنا العملاقة وإنجازاتنا، التى تفوق السد العالى الذى غنى له المبدعون فى حقبة الرئيس عبدالناصر.. ولكن خاب أملنا وأمل الرئيس بعد أن شاهدنا الحفل منذ بدايته، بظهور المذيعة «جاسمين طه زكى» لتقديم الفقرات التى بدأت بمشهد من باليه «الثورة» الذى أخرجه المرحوم «عبدالمنعم كامل»، فشعرنا بصدمة الجمهور بعد كلمة المخرج الراحل، ليتراجع الجمهور عن التصفيق وتظهر ملامح الضيق والتوتر على وزير الثقافة «حلمى النمنم» الذى ظهر فى التليفزيون وهو يتململ على الكرسى.. كذلك تم تقديم الحفل باعتبار النجوم المشاركين فيه من نجوم الأوبرا، رغم أن أبناءها الذين يحملون اسم نجوم الأوبرا تم تجاهلهم، ولم تتم الاستعانة بهم، بل تم استبدالهم بنجوم من خارج الأوبرا أو ممن كانوا يعملون فيها فى السابق، رغم أن الأوبرا تمتلئ بالأصوات والمواهب الرائعة الذين لم يجدوا فرصة ولم يجدوا من يدعمهم ويساندهم، بعد أن أصبحت الأوبرا تكتفى بالمشاهير ولا تقوم بدورها فى صناعة النجوم، ولم نر فى الحفل ما يرتبط بذكرى الثورة سوى الفيلم التسجيلى الذى أعدته إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة والذى يتضمن مشاهد وصورًا حية ممن شاهدناه جميعًا فى التليفزيون من قبل.. ولا أعلم هل معنى الأوبريت، هو تقديم أغانٍ قديمة يتخللها كلام نثرى للربط بين الأغانى بطريقة «القص واللزق». فإذا كان عامة الشعب لا يدرك ماذا يعنى قالب الأوبريت..هل المتخصصون والقائمون على هذا العمل لا يدركون أيضا؟..وهل الاستسهال والرهان على عدم إدراك الناس بلغ هذا الشكل المقيت الذى يجعلهم يعتقدون أنه لا أحد يفهم، وأن الجميع سيظل يصفق بلا فهم أو وعى، ورغم أننى شاهدت الحفل من خلال التليفزيون، إلا أننى شاهدت مصادفة الكتيب الذى تم توزيعه فى الحفل ويتضمن البرنامج وأسماء المشاركين..لأفاجأ بالإضافة لشكله الردىء الذى لا يتناسب مع احتفال رئاسى بصورة الغلاف الخارجى لميدان التحرير فى أقل أوقاته امتلاءً وأكثر من نصفه خالٍ.. فبدلًا من أن توضح الصورة العدد غير المسبوق الذى نقلته شاشات وصحف العالم..وجدنا الصورة تزيف الواقع وتسىء له، والسؤال: كم تكلف هذا الحفل؟.. والذى شاهدنا هذا الكم الهائل من المشاركين فيه؟..وهل تقديم ما سمعناه من الأعمال القديمة يستحق المبالغ المالية التى تم صرفها؟..لقد جاء رد الرئيس قاسيًا لمن يدرك ويقرأ ما بين السطور.. فالرئيس الذى كان يقف طويلًا لمصافحة الفنانين بعد كل احتفال خرج مسرعًا بعد كلمته المقتضبة، لأنه شعر بالاستهانة واللامبالاة بما يحدث من إنجازات..وظهر وكأنه يلومهم بأدبه الشديد فقد بدأ كلمته بالشكر قائلا: «اسمحوا لى أشكركم على كل اللى عملتوه وقدمتوه بس أنا عايز الولاد دول يطلعوا قدام»..فى إشارة للأطفال الذين شاركوا فى أغنية «الانتصار» والتى عرضت فى نهاية الحفل واستغرقت دقيقتين، وهى إحدى الأغنيات الوطنية التى سمعناها من قبل، وتم تصويرها من خلال أطفال يرتدون «الأفرول» أى أنها أيضا لم تكتب للاحتفال بذكرى «ثورة ٣٠ يونيو» وإن كانت الأغنية الوحيدة التى تمت فى عصر الرئيس السيسى..ثم استطرد: «أنا قلت للولاد الصغيرين يطلعوا قدام علشان مصر لازم تساعهم وتحميهم وتديهم الأمل بجد..الكلام اللى أنا بقولوا ده إحساسى، اللى أنا حسيت به بعد كل اللى الكلام اللى إتقال ده..وبالمناسبة كل اللى إتقال ده بقالوا ٥٠ سنة..مش وليد النهارده وكأنه معمول للنهارده، بس هو من ٥٠ سنة.. آخر رسالة مصر بتقولوكوا مكانى مش اللى أنا فيه ده.. مكانى مش كده..بقى أنا برضه حجمى كده!! بقى أنا عندكم كده.. مكانة مصر أعز من كده بكتير وأكبر من كده.. زى من ٥٠ سنة ما عملوا لينا الولاد دول بيقولولنا اوعوا ما تعملوش لينا، فإحنا مش هنضيعكم وهنعملكم كل حاجة إن شاء الله».. هذا الحفل المسىء الذى قامت عدة وزارات بدعمه يستحق مساءلة المسئولين عنه.. فهو يوضح غياب الرؤية وانعدام الوعى لمن هم من المفترض أن يصنعوا الوعى.