عقب ثورة الثلاثين من يونيو واسترداد الشعب المصرى هويته المصرية بعد ما كادت جماعة الإخوان المسلمين فى فترة حكمها الديكتاتورى القصيرة أن تمحو ملامحها الأصيلة وبعد القبض على قيادات الجماعة وإخضاعها للمحاكمة لكى يحاسبوا على الجرائم التى ارتكبوها فى حق الشعب فر عدد من أعضاء الجماعة وقادتها إلى الخارج، واحتموا أولا بقطر والتى أصبحت اللسان الملوث المعبر عن الفكر المنحرف لجماعة الإخوان المسلمين، ثم سرعان ما انتقلوا إلى تركيا بعد أن أعلن «أردوغان» بحماقة لا يحسد عليها أن ما حدث فى ٣٠ يونيو هو انقلاب عسكرى وأن «محمد مرسى» هو الرئيس الشرعى بالرغم من أنه أصدر إعلانا دستوريا ديكتاتوريا هدم فيه بنفسه شرعيته المزعومة!
وقد تابعت –بصورة منهجية- نشاطات قادة الإخوان فى تركيا خصوصا وفى الخارج عموما. واكتشفت أنه بالرغم من أن بعضهم كان فى مصر من بين أساتذة الجامعات الذين يتسمون بالعقلانية إذا ما قورنوا بأنصاف المتعلمين من أعضاء مكتب الإرشاد إلا أن «اللوثة» الإخوانية فيما يبدو أعمق مما نتصور!
والدليل على ذلك أن أستاذًا جامعيًا إخوانيًا من القيادات الهاربة إلى الخارج وكان سلوكه قبل الهجرة يتسم بالتعقل إذا به يقبل أن يكون رئيسًا لبرلمان الإخوان الشرعى فى الخارج والذى يضم ما لا يزيد على عشرة أشخاص كانوا من أعضاء مجلس الشورى المنحل!
وقد شاهدت على الشاشة اجتماعا وهميا لهذا البرلمان منعقدا فى إحدى صالات أحد الفنادق التركية والأستاذ الإخوانى المحترم يجلس فى مقعد رئيس البرلمانّ!
وقد قرر هذا البرلمان مخاطبة برلمانات العالم باعتباره البرلمان المصرى الشرعى الوحيد!
ليست هذه لوحة منتقاة من فيلم كوميدى، ولكنها للأسف صورة واقعية لخيبة القيادات الإخوانية وإنكارها التام لما وقع فى مصر، والذى كان فى الواقع فشلا سياسيا ذريعا لجماعة الإخوان بعد ما تبين أنهم لا يمتلكون أى كوادر قادرة على إدارة مؤسسات الدولة.
غير أن قادة الجماعة فى الخارج ولديهم تمويلات ضخمة من مصادر متعددة قرروا إنشاء قنوات تليفزيونية إخوانية تبث أساسا من تركيا.
وحين أريد أن أروح عن نفسى قليلا من عناء عملية البحث العلمى يطيب لى أن أشاهد هذه البرامج الإخوانية.
واكتشفت أن كل مقدمى هذه البرامج يشتركون فى عدة خصائص أساسية. أولها إنكار ما حدث فى ٣٠ يونيو واعتباره انقلابا. وثانيا البذاءة فى التعبير واستخدام أساليب السّب والقذف دون مراعاة لأصول مهنة الإعلام وتقاليدها.
ويمكن القول إن هذه القنوات الإخوانية من حق مقدمى البرامج فيها أن يمارسوا نقد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر بشرط ألا يلجأوا إلى الكذب وإنكار الإنجازات التى تمت والزعم بأنها لا أساس لها. وأسوأ من ذلك أنهم –نظرا لمشاعر الحقد الأسود التى انتابتهم بعد انقضاء حكم الإخوان – يبدون الشماتة فى أى كارثة تحدث فى مصر سواء كانت كارثة طبيعية أو حدثا إرهابيا إجراميا.
ولو حاولت أن أصف مقدمى البرامج الإخوانية لقلت – بدون ذكر أسماء- إن واحدا منهم جاهل جهلا مطبقا وكان يثير السخرية من أدائه الهزلى حين كان فى مصر، أما الثانى فهو متحذلق وليس لديه أى خلفية فكرية ما عدا بعض العبارات الإنشائية التافهة.
وهناك مقدم برنامج ثالث بارع فى البذاءة والتعليقات السطحية.
غير أن هناك أحد مقدمى البرامج فى قناة إخوانية مثقف ثقافة واسعة وقارئ جيد للأدب ومتابع للفنون بحكم دراسته السابقة. غير أنه لا يختلف عن غيره من مقدمى البرامج الإخوانية فى استخدامه أسلوب البذاءة فى التعبير عن رفضه لما حدث فى مصر فى ٣٠ يونيو. وقد تابعت برنامجا له ظهر فيه وكأنه أصيب بصدمة عصبية قاتلة بعد الأخبار التى تواترت عن الاتفاق التركى الإسرائيلى وظهور وسائل التعاون الوثيقة بين حامى حمى الإخوان والدولة الإسرائيلية. غير أن الرجل -وقد أشفقت عليه حقا- كان فى حالة هلع شديد حين تابع أخبارا تركيبية تتحدث عن محاولات مجلس الوزراء التركى إجراء محادثات مع النظام المصرى وأن «أردوغان» صرح قائلا دعونا ننسى حكاية الرئيس المعزول «محمد مرسى».
ظهر الهلع على الرجل، لأنه أحس أن الدعم التركى غير المحدود للقيادات الإخوانية المهاجرة وللقنوات الإخوانية يوشك على الانحسار!
أما مقدم البرنامج الرابع وهو أصلا «طبيب فاشل» فهو حكاية فى حد ذاته، لأنه متعصب بغباء لأوهام جماعة الإخوان المسلمين، وأهمها أن «مرسى» راجع راجع وقد صرح سيادته فى أحد برامجه الكوميدية بأنه لا يهتم بالجهود التى يبذلها قادة الإخوان فى مجال اصطفاف القوى الوطنية فأهم من ذلك أن يعود «مرسى» ويتسلم البلد من جديد!
وفى انفعال شديد قال الرجل إن مصر ليس فيها سوى أحرار وعبيد! أما الأحرار فهم طبعا بقايا جماعة الإخوان المسلمين وأما العبيد فهم الشعب المصرى!
هكذا تكلم نجوم الإعلام الإخوانى الأغبياء!
eyassin@ahram.org.eg