وفى الساعة الثامنة مساء وصلنى أول اتصال من إدارة الشئون المعنوية مفاده أن شريطا يتحرك نحو مبنى ماسبيرو، وكنت أتابع التحرك لحظة بلحظة بينما الفريق المعاون وفرق العمل على أهبة الاستعداد سواء في صالة تحرير الأخبار أو استديوهات الهواء، فيما توقعت وصول الشريط إما قبل نشرة التاسعة أو أثناءها، وفى كل الأحوال اتفقنا على أنه بمجرد وصول الشريط تضم كل القنوات المرئية والشبكات الإذاعية على استديو ١١ الخاص بالأخبار بإشارة معينة، وهى إذاعة أغنية يا حبيبتى يا مصر للمطربة شادية بعدها يتوحد إرسال الإذاعة والتليفزيون.
وفى الساعة الثامنة و٥٠ دقيقة مساء وصل الشريط، وانتقلنا إلى الاستديو وفى الساعة التاسعة حبسنا الأنفاس حتى سمعنا إشارة توحيد الإرسال فيما تسلم مذيع الاستديو مقدمة الخبر، ليقدم الحدث الذي ينتظره الملايين، وتضم كل القنوات الفضائية في مصر والعالم العربى على القناة الأولى بالتليفزيون المصرى الرسمى، فيما طيرت الخبر العاجل وكالات الأنباء وكثير من المحطات الإخبارية العالمية.
وبدأ الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، يلقى البيان في مؤتمر حضره رموز الأمة السياسية والدينية ويعلن أنه استجابة لإرادة جماهير الشعب المصرى، فقد تقرر سقوط نظام الإخوان وتعطيل العمل بالدستور وعزل محمد مرسي وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا مقاليد الحكم حتى إجراء انتخابات رئاسية وحدد البيان خارطة للمستقبل من عدة نقاط تبدأ بإعداد دستور جديد يتم الاستفتاء عليه، ثم تتوالى بعد ذلك بقية الاستحقاقات.
ولم يتمالك الجميع أنفسهم، وسالت دموع الفرحة بنجاح الثورة وتعانقوا في لحظة تاريخية حاسمة اعتبرتها الإنجاز الأهم في حياتى المهنية على مدى أكثر من ٣٨ عامًا.
ولا شك أن الساعات الحاسمة التي عشناها بكل مشاعرنا وقوانا يوم ٣ يوليو عام ٢٠١٣ كانت أمرا طبيعيا لإنقاذ البلاد من حكم «فاشى» كاد أن يلقيها في هاوية التخلف والضلال.
وعندما غادرت المبنى في الساعات الأولى من فجر يوم الرابع من يوليو شعرت بأننى أتنفس هواء مختلفا عن ذى قبل، وسرت بصعوبة بين الآلاف الذين تجمعوا على نيل ماسبيرو، وقد عادت البسمة لوجوههم وعلا علم مصر في كل مكان فيما غطت الألعاب النارية سماء العاصمة، لتبدأ مصر صفحة جديدة من تاريخها أكد فيها أنه لا يصح إلا الصحيح.