يولى الرئيس السيسى اهتمامًا خاصًا للمشروعات التنموية، ويأتى الاهتمام بالعملية الاقتصادية في صدارة أولوياته، والحكومة من جانبها تعمل على رفع نسبة النمو الاقتصادى لتحقيق استقرار اجتماعى، وهناك تفاؤل حذر بالنسبة للعملية الاقتصادية برمتها.. لكن يجب ملاحظة أن القوانين الحالية المنظمة لها غير فعالة.. وغير جاذبة للاستثمار، بل طاردة ليس للأجنبى القادم من الخارج فقط بل مصدر إزعاج لرجال الأعمال المصريين.
معروف أن الحكومات تسوق ما لديها لجذب الاستثمارات الأجنبية بدءا من الاستقرار السياسي، وهو أهم العناصر الجاذبة، مرورًا بحزمة حوافز خاصة بحماية المشروعات والاستثمارات وحركة الأموال والتسهيلات المقدمة بشأن الضرائب، الأراضى الصناعية المطلوبة، والعمالة وأسعار الطاقة.
رجال الأعمال لن تجذبهم دعوة أو تصريح صحفى عن بنية تحتية موجودة تتوافر فيها مطالبهم بشأن الترتيبات الإنشائية والإدارية، ولن تجذبهم تصريحات من المسئولين بشأن ضمان سلامتهم وأموالهم خاصة أنهم يطلون عبر وسائل الإعلام ويتحدثون عن المضايقات والسلوك المتناقض ما بين الرغبة في إحداث تغييرات تنموية في المجتمع الإدارى والدعوة للمستثمرين والموقف على الأرض ووجود عراقيل مؤلمة. بدون شك هناك فروق ما بين الإصلاح الاقتصادى والظروف الطاردة أو الجاذبة للاستثمار.. الحكومة تنفذ مجموعة إصلاحات في المجمل العام لإحداث التوازن والعدالة أمام الظروف وتشترك فيها أطراف أخرى مع الحكومة. مثل الإعلام.. القضاء.. المؤسسات والتشكيلات المسئولة عن العمالة.. الضرائب وكذلك التأمينات التراخيص.
منذ يناير ٢٠١١ لعب الإعلام مع غياب الأمن دورًا في تطفيش المستثمرين ومطاردة المصريين منهم باتهامات على ألسنة مختلفين أو عاملين غاضبين أو سماسرة قضايا بغرض الابتزاز. وهو ما عطل تمامًا الاستثمارات الأجنبية وقد لعبت العمالة دورًا في تويتر العملية الاقتصادية برمتها.
طيب.. ماذا يمكن أن نقدمه لجذب الاستثمارات الأجنبية وأيضًا لاستثمارات رجال الأعمال في مصر؟
قبل الإجابة الدولة تتسابق في تقديم الحوافز للمستثمرين الأجانب والمصريين في ظل التأكيد على أن بناء البلاد وصناعة مستقبلها وتوفير فرص العمل مسئولية رجال الأعمال لا الحكومات.
حتى توفير كل متطلبات الحياة يرجع أيضًا لهم لأن الحكومات عادة مهمتها البنية القومية والسيطرة على عدد من المرافق الحيوية. ما دون ذلك القطاع الخاص ورجال الأعمال، وهم القاطرة في العملية التنموية بشكل عام.. القطاع الخاص مهمته العمل وتوفير الخدمات والصناعات للبلد وللتصدير وتشغيل الأيدى العاملة بخلق فرص عمل والربح، وعلى المجتمع أن يحمى مصالح هذا القطاع قبل الحكومة.
رجال الأعمال حتى الآن مساهمتهم في بناء مصر الحديثة متواضعة، العلاقة بينهم وبين الحكومة غابت عنها الثقة، وذلك ناتج من عدم استقرار القوانين، وبالتالى غياب عملية الدراسة الحقيقية للمشروعات المطروحة وهو ما دفعهم للتراجع خوفًا من قوانين مفاجئة أو سلوك حكومى غير متوقع.. بشأن المحاسبة على الضرائب كمثال.. وأيضًا غياب السياسة النقدية المستقرة بشأن تحديد سعر الصرف.. كلها أمور مربكة لخطط رجال الأعمال.
ما نراه الآن هو حالة من الريبة والخوف تسيطر على العلاقة بين رجال الأعمال والحكومة أو الاستثمار في مصر.
بالطبع الرئيس السيسى يحاول بكل الطرق التدخل بنفسه لطمأنة رجال الأعمال، وهو أمر أدى إلى حل عدد من المشكلات الاقتصادية ونزع فتيل أزمات، بعودة الحقوق أو التصالح مع قرارات مفاجئة أو سلوك إدارى تم تغييره بدون سابق إنذار.
نحن مطالبون بتصحيح المفاهيم في العلاقة بين المجتمع ورجال الأعمال.. وتخطى الشائعة أو الاتهام المدفوع الأجر بأنهم لصوص.. على المجتمع أن يؤمن بأن دورهم مهم وفعال ومفيد للمجتمع.. وهذا يتطلب تغييرا للقواعد الحاكمة للإعلام بشأن الاغتيال المعنوى لرجال الأعمال لصالح آخرين أو لمصالح خاصة.
بالطبع رئاسة الرئيس السيسى للمجلس الأعلى للاستثمار خطوة مهمة ومؤثرة وأتمنى أن يصنع خطوة مهمة ومؤثرة في هذا الاتجاه. وأتمنى أن يضع الرئيس قواعد منظمة مستمرة ومستديمة.. على الأقل لينتقل إيمان الرئيس إلى الوزارات والمسئولين، وحتى موظف الشباك الذي يصدر التصريحات ويقدم الموافقات. نحتاج إلى سيستم كامل مؤمن بقيمة ودور رجل الأعمال. مازالت هناك مشاكل ذات جذور بين المستثمرين والحكومة. قد تكون ناتجة من اللعب في العقود، ومنها عدم الالتزام بما هو موجود، بتسهيلات غير مشروعة، وهى عناوين في باب التسهيلات غير المشروعة.
ليس ذنب رجل الأعمال وجود موظف أو مسئول مرتش أو صاحب مصلحة تغاضى عن تنفيذ المسطر بالعقود.. وليس ذنب رجل الأعمال عدم وجود نظام تحكيمى حاسم بشأن القضايا الخلافية في العملية الاقتصادية. الحل بسيط.. قوانين واضحة تحمل الشفافية.. وأدوات مراقبة قوية وعادلة.
وغياب تفهم المجتمع بشكل عام لدور رجال الأعمال من الداخل والخارج أمر يقلل من عملية الاستقرار وبالتالى تعطيل وصول رجال الأعمال لمصر.
من المهم أن تعترف بأن هناك إحجاما من رجال الأعمال بالسعودية ودول الخليج مع تراجع الباحثين عن فرص جديدة، والسبب عدم وضوح الرؤية الاقتصادية في مصر، وفى كونها إلى أين تتجه، وأيضًا غياب الاستقرار في القوانين.
أثق أن الرئيس سينتصر في معركة التنمية مثلما نجح في الكثير من المعارك للحفاظ على وحدة مصر وسلامة المصريين.