الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وماذا بعد تفجير المسجد النبوي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اسمح لى أصدمك فى عيد الفطر، وأنبهك الي وصول الإرهاب لمرقد رسولنا الكريم، ويحتمل أن يقترب أيضا من الكعبة المشرفة، أى أن أماكن الشعائر المقدسة فى خطر.. والخطر ليس من جيوش معادية بل قادم من المسلمين أنفسهم!
شاب مسلم يخدعه مسلم آخر بتأويل آية أو حديث ويدفعه لارتداء حزام ناسف يفجر به الحرم النبوى الشريف، ما تبقى من رسولنا يدمر بدعوى نصرة دينه الحنيف!، تخيل معى المشهد الصعب وأن ما تبقى من الحرم المكى، بيت الله الحرام مجرد حجارة بدعوى صرفها الناس عن عبادة الله بعبادة حجر كما قال أحد قادة داعش قبل عامين حينما هدد بتفجير الحرم.
وماذا بعد قتل اكثر من 200 عراقى فى بغداد وعدد من السواح الإيطاليين والأمريكيين واليابانيين فى بنجلاديش على يد عناصر تنتمى لداعش، وماذا بعد ذبح الابن لأبيه وأمه وإخوته بدعوى أنهم كفار.. هل انتصر الإسلام؟
وسينتصر على من؟ الشيطان أم باقى البشر ؟
الإجابة لا أعلم، وظني أن كثيرا من مشايخنا يتابعون في صمت، لا يستنفرهم سوى المجتهدين الحالمين بالتصدي لمن يحاولون تحويل الدين لمفرمة تسحق البشر
ما يحدث ينذر بالخطر الشديد، وتحذير العديد من الرؤساء والملوك من خطورة التطرف الديني لم تترجم على أرض الواقع لمواجهة حقيقية تتقدم صفوفها المؤسسة الدينية، عبر مراجعات عديده لما يستخدمه شيوخ التطرف من أسانيد شرعية وفقهية تمكنهم من تفخيخ العقول، ولذلك كانت نداءات الرئيس عبدالفتاح السيسي المتكررة لشيخ الأزهر بضرورة التصدي العاجل للتطرف والغلو في الدين وآخرها في خطابه بمناسبة ليلة القدر حينما ضرب مثلا لشيخ الأزهر بالأوائل والأخيار حينما تصدوا لـ600 ألف حديث كاذب فتصدوا لها، ولم يخافوا، ولم يقولوا: "لا أحد يمس كلام النبي، ويفحصه".. بل قالوا هذا ما نراه صائبا، وهذا ما نراه غير صائب.. وعلماء الحديث قاموا بهذا الدور في حاجات أخرى.. فلماذا لا نتصدى ونقول: الكلام ده ينفع، والكلام ده ما ينفعش.. ونطبق ذلك في حاجات أخرى؟" أنتم تحتاجون إلى أن تتصدوا ليه من غير ما تكونوا خايفين أنكم تضيعوا الدين.. مؤكدا ما نراه "ضيَّع الدين كتير قوي"
محذرا: "الأمم اللى هاتروح.. مش هاترجع تاني".
وفي حقيقة الأمر لم يكن نداء الرئيس السيسي هو الوحيد.. بل تبعته نداءات أخرى طالب فيها الحكام رجال الدين بالتدخل وممارسة دورهم في تنقية التراث الديني ومع ذلك لا يستجيب أحد، حيث دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للتركيز على المبادئ السمحة للإسلام الذي يؤمن النفوس ومواجهة الفكر المتطرف الذي يعطي انطباعات مشوهة لا أساس لها في تعاليم الدين الصحيح.. مما يضعنا أمام احتمالين الأول سيطرة الأفكار المتطرفة علي رجال الدين أو خوفهم من بطش تلك الجماعات، والثاني عدم فهمهم لما هو المطلوب لوقف طوفان التطرف.
لقد اجتهد كثير من العلماء والمفكرين داخل المجتمعات الإسلامية وخارجها ودعوا إلى توحيد المرجعية الدينية فتعدد المرجعيات والآراء سمح بوجود ثغرات عديدة ينفذ منها التطرف إلى الشباب من خلال تأويلات لآيات القرآن وأحاديث رسول الله ووروايات للسلف الصالح تمكنوا بها من السيطرة على عقول الشباب بعد إقناعهم أن الدولة وشيوخ الأزهر الشريف علي ضلال، كما رسخوا لمبدأ السمع والطاعة وعطلوا الجدل والتشكك في كلامهم بتصدير فكرة تكفير المجتمع والحاكم ، وفي المجتمعات متعددة الأديان كفروا واستحلوا قتل اصحاب الديانات الأخرى، ثم صنعوا مجتمعاتهم الموازية وتاريخهم الموازي ومدارسهم الموازية، عناصر داعش يعيشون بيننا لكن مختلفون عنا فلا يمكن أن يكون ما أعلمه عن الإسلام هو نفسه ما حرك مئات الإرهابيين لتفخيخ وتفجير وقتل المسلمين وغيرهم بدم بارد، فالإسلام الذى أعرفه يقدس الحق الحياة ويحترم الآخر ويكف عنه الأذى، ويحض علي التراحم وإتقاء الله، أما إسلامهم فيقدم الموت ويسفك الدماء ويؤذي الناس ويضيق عليهم رزقهم بضربهم لمواردهم الاقتصادية فكانت الضربات المؤلمة للسياحة كمصدر دخل وعمل لآلاف الناس في مصر وتونس ثم محاولة استهداف موسم الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية.
وفي حقيقة الأمر فإن الإرهاب الذي نشهده ليس عمليات عشوائية فالعقول التي تديره لديها معلومات وتستهدف ضرب الدولة ومصداقيتها لدي الناس بالتزامن مع قتل اقتصادها وإشعال الفتن الطائفية ليتسني لها إيقاعها بالكامل تحت ضغط الغضب من ضيق الحال وكذلك استعداء العالم علي الإسلام من أجل صناعة "مظلومية " تمكنهم من تجنيد المزيد والمزيد من الشباب.
إن ما يشهده العالم الآن ليس إرهابا صنعه داعش بل محصلة تربية دينية ارتكزت علي كراهية الآخر والدعاء عليه في كل صلاة جامعة، تربية أقصت الآخر وصنعت أمجادا غير واقعية في التاريخ لتتصارع أجيال لاحقه من أجل استعادتها، خطورة ما نحن فيه أن باقي العالم لن يصبر كثيرا على تمادي هذا الفكر المتطرف أوعلى تهديد هؤلاء الإرهابيين لأمنه واستقراره، ولذلك أصبحت الدعوة لمؤتمر دولي للإرهاب يناقش تطورات الظاهرة وسبل التعامل وكذلك تدشين تعاون دولي استخباراتي وعسكري للمجابهة الأمنية وتجفيف منابع التمويل أمر ملح وضرورى، فالتلاعب بالإرهاب في الصراعات السياسية والاقتصادية لم يعد مقبولا ولا محتملا.