السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ثورة يونيو استرداد للهوية المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ألقى الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، رئيس الجمهورية، كلمة موجزة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة الثلاثين من يونيو خاطب فيها الشعب.
ومما هو جدير بالالتفات أن الرئيس أطلق على ٣٠ يونيو «الثورة المجيدة»، وهو بذلك يتجاوز التوصيفات التي أطلقت على ما حدث في ٣٠ يونيو والتي قلت عنها في عديد من مقالاتى إنها كانت «انقلابًا شعبيًا» دعمته القوات المسلحة المصرية بجسارة، وذلك لاسترداد الهوية الوطنية المصرية التي كادت جماعة الإخوان المسلمين - في حكمها الديكتاتورى القصير الذي لم يتجاوز عامًا - أن تمحو ملامحها الأساسية سعيًا وراء تثبيت «هوية إسلامية متخيلة» تتحدث عن الأمة الإسلامية وتهدر قيمة الارتباط بالأرض والوطن في محاولة لاسترداد نظام الخلافة الإسلامية، والذي بمقتضاه - في زعمهم - سيتولى خليفة إسلامى واحد حكم كل البلاد الإسلامية في المشرق والمغرب!
حلم كاذب ووهم كبير ومع ذلك حاولت بعض الجماعات المتطرفة الإرهابية - وفى مقدمتها تنظيم «داعش» - تحقيق هذا الحلم الوهمى بإعلان ما أطلقت عليه «الخلافة الإسلامية في سوريا والعراق»، بعد أن تم اختيار الإرهابى «أبى بكر الزرقاوى» خليفة. وشرعت الخلافة الإسلامية المزعومة - عكس كل تقاليد الإسلام السمحة - في ممارسة التعامل مع المواطنين والأجانب بصورة بربرية غير مسبوقة تمثلت في قطع رءوس الرهائن أو إحراقهم أحياء أو إغراقهم.
وبذلك قدمت هذه الخلافة الإسلامية المزعومة صورة مشوهة للإسلام.
ولو رجعنا إلى عبارات خطاب الرئيس في كلمته الموجزة نجده يقول «... نحتفل اليوم بالذكرى الثالثة لثورة الثلاثين من يونيو المجيدة، تلك الثورة التي استعاد بها الشعب المصرى هويته وصوب مساره ليثبت للعالم أجمع أن إرادته لا يمكن كسرها أو كبحها».
والواقع أن عبارة «استرداد الهوية» بالغة الأهمية، لأنها تعبر عن ثورة الشعب ضد المشروع الإخوانى والذي كان يهدف «لأخونة الدولة وأسلمة المجتمع».
وهو مشروع لا يؤمن - كما قلنا - بهوية الشعب التي تمثلها الوطنية المصرية التي تراكمت طبقاتها عبر العصور تعبيرًا عن الارتباط بالأرض والوطن، إضافة إلى هوية مصر العربية باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية.
وجماعة الإخوان المسلمين - ومن سار وراء خطواتها من الجماعات الإسلامية المتطرفة - ترفض فكرة «الوطن» رفضا مطلقًا لأنها - كما قرر مرة «سيد قطب» المنظر التكفيرى الإخوانى المشهور - عبارة عن حفنة من تراب عفن! لأن الهوية في نظره لا تكون إلا هوية إسلامية. وكذلك صرح «مهدى عاكف»، مرشد الإخوان السابق، في لحظة انفعال حادة قائلًا «طظ في مصر واللى في مصر. أنا أقبل أن يكون حاكم مصر ماليزى مادام سيكون مسلما»، وهذه العبارة التي صدرت بهذه التلقائية والعنف تكشف عن الكارثة التي كانت ستصيب الوطن لو أتيح لجماعة الإخوان المسلمين أن «تتمكن» لأن مشروعها كان - كما صرح أحد قادتها - أن تحكم مصر لمدة خمسمائة سنة مقبلة على الأقل!
ويبدو - إذا ما تأملنا تصريحات عديد من قادة الإخوان المسلمين ودعاتهم - أنهم يظنون أن المسلمين أرقى من غيرهم من مواطنى العالم. وأخطر من ذلك أن هناك واجبًا على المسلمين لدعوة غير المسلمين لكى يعتنقوا الإسلام، فإن رفضوا وتمسكوا بديانتهم - اليهودية أو المسيحية - فإنهم يعتبرون كفارًا.
وقد صاغ أحد قادة الجماعة الإسلامية في مصر، واسمه الحركى الدكتور «فضل»، في كتاب أساسى له عنوانه «العمدة في إعداد العدة» نظرية تكفيرية متكاملة.
وبمقتضى هذه النظرية فإن - كما يؤكد - الإسلام كدين بعد البعثة المحمدية موجه للإنس والجن معًا، ومن لم يدخل فيه فإنه يعد كافرًا يجوز قتاله في الداخل أو في الخارج!
ولعل في مفردات هذه النظرية التكفيرية الخطيرة تفسير لنزوع الجماعات الإسلامية المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش»، لقتال الغربيين من غير المسلمين باعتبار ذلك واجبًا دينيًا لا بد من القيام به!
وخطورة هذه النظرية القاتلة أنها بالضرورة تدخل العالم الإسلامى كله في حرب دائمة ضد غير المسلمين، بزعم أن إجبار غير المسلمين على الدخول إلى الإسلام واجب دينى!
ولنا أن نتصور موجات الاضطراب التي يمكن أن تثيرها هذه النظرية في العلاقات بين الدول والشعوب والثقافات المعاصرة.
استرداد الهوية المصرية الأصيلة هو جوهر ثورة ٣٠ يونيو.