الأربعاء 06 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الشرف.. معانٍ مختلفة لكلمة واحدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أظن أن الكل تأكد من أن بناء الدولة لا يقوم إلا على أكتاف الشرفاء ولنراجع أنفسنا خاصة بعد تسريب أسئلة امتحانات الثانوية العامة والذى نكأ جرحاً عندى، لأنى بعد أن أتممت جميع امتحانات الثانوية العامة إلا المادة الأخيرة، فوجئت بمن يقول عودوا إلى منازلكم لأن الامتحانات ستعاد لتسرب الأسئلة، والتى كان بطلها لاعب كرة وأبوه لاعب كرة. ولأننى ذهبت إلى المنزل غاضبا، والكل يعلم أن الثانوية العامة عبء نفسى قبل أن تكون عبئًا فى الدراسة والاستذكار وقد قلت غاضبا إننى لن أعيد الثانوية العامة، أنا لم أسرب الامتحان ولم تصلنى الأسئلة ولا الأجوبة النموذجية، فكيف أعيد ما قد امتحنت فيه بعد شهر أو أكثر، ولأن والدى كان حكيما فقد نظر إلى أمى التى استعدت للمناقشة الحادة معى وكيف أن هذا مستقبل، وأن تسريب الامتحانات وتسريبها قدر إلى آخر المقولات المثلجة الممجوجة، والتى حفظناها من تكرارها وقال لى أبى افعل ما تراه لا أحد يلومك فقد اجتهدت وامتحنت، وبالنسبة لى فأنت حاصل على الثانوية العامة ومرت الأيام وعدت إلى المذاكرة والمراجعة وعدى الامتحان بسلام. والسؤال هنا حدث هذا فى أوائل الستينيات، هل تكراره فى ٢٠١٦ يدل على أننا نتدارس الماضى ونسد الثغرات على من تسول له نفسه خيانة وطنه؟ والسؤال الآخر صحيح أن من سرب أسئلة الامتحان سيجازى بعد محاكمته، ولكن ماذا عن الأهل الذين دفعوا أموالًا لشراء هذه الأسئلة؟ هل هذا النموذج الأمثل والقدوة الصحيحة التى يقدمونها لأبنائهم؟ أعلم علم اليقين أن من فى عمرى تربوا على مقولات غير شريفة مثل «على قد فلوسهم» و«تسمية الجنيه باللحلوح»، لأنه يلحلح المسائل والكثير والكثير من مثل هذه المقولات، وكانت الرشوة لا تزيد علي بضعة جنيهات وفى الأعم جنيه واحد، ولكن المهايا فى ذاك الوقت كانت فى الأعم ١٢ جنيها فى الشهر، وهاأنت ترى أن الجنيه كان مبلغا كبيرا، وكان هناك أيضا الهدايا الصغيرة التى تفتح الأبواب المغلقة وخزائن الموظف «إذا أردت أن تنجز فعليك بالوينجز»، وهى نوع من أنواع السجائر فى ذلك الوقت.وأرى أن يركز رجال الدين على أن الشرف دائرة كبيرة تسع كل ما يفيدك ويفيد الآخرين، وليس فقط العفة الجنسية كما وقر فى عقول غالبية الشعب، فإذا أنا أخذت بأى طريقة فوق ما استحق، فهذا بالقطع يمس الشرف وإذا اتفقت مع إنسان وأخللت بالاتفاق، لأنه غير مكتوب فهذا أيضا يمس شرفى بل إذا اتفقت مع إنسان على اللقاء، ولم أظهر أو أعتذر فهذا أيضا يمس شرفى فما بالك بشراء أسئلة الامتحانات التى لا تمس الشرف فقط، بل هى خيانة لمن اشتراها وخيانة لوطنه، فسيظل هذا جرحًا حيًا يؤلم دائما لأنه مع كونه محاميا كبيرا أو محاسبا أو طبيبا أو مهندسا، فيعلم فى قرارة نفسه أنه وصل إلى ما وصل إليه بالغش، وليس بالاجتهاد وما أحلى أن تصل إلى ما تريد بالشرف والأمانة وما أبغض أن تصل بقلة الشرف والخيانة. فلنغلق المدارس فى وجه الطلاب، ولنفتحها لأولياء الأمور، لأن التعليم هو عامل مشترك بين المدرسة والمنزل، ولأن الأب أو الأم ليسا مثلا أعلى فى الشرف والأمانة، فلا تتوقع من الطلاب هذا المسلك ولأن الأب إذا قال لا تكذب يا ابنى فإن الكذب حرام، وفى نفس الوقت عندما يرن جرس التليفون يقول لابنه قوله بابا مش هنا، فهو يعلم ابنه التدليس فوق الكذب. فكيف لدولة أن تقوم بالتزاماتها نحو المواطنين والشعب يتهرب من الضرائب، وكيف لها أن تنظف الشوارع والجميع يتفنن فى إلقاء كل ما لا يرغب فيه من النوافذ؟ وكيف نزرع ونحن لا نرشد من استخدامنا للمياه أو نقيم المصانع ونحن نسرف فى استخدام الوقود والكهرباء؟ وإذا كنا نريد أن نقول تحيا مصر، فيجب أن نعرف أن فى هذه الكلمة مفهوما آخر وهو يحيا الشرف، فالدول لا تحيا إلا بالشرفاء من أبنائها.