السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الغيبوبة السياسية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تدفعنا الأحداث والوقائع والظواهر دفعًا التي تحدث في بلادنا إلى محاولة اختراع مصطلحات ومفاهيم جديدة لوصفها لأن المفاهيم المتداولة في العلوم الاجتماعية المختلفة، وفي مقدمتها علم السياسة أصبحت لا تفي بالغرض!
وأذكر أنني منذ سنوات بعيدة أيام سنوات المدّ لتيار القومية العربية نحت مصطلحًا جديدًا لوصف السلوك السلبي لعديد من البلاد العربية إزاء قضية الوحدة العربية هو “,”التناحة القومية“,”! بمعنى التبلد والسلبية وعدم اتخاذ مواقف صريحة من سياسة كان من شأنها أن تحفظ السيادة الوطنية لكل بلد عربي، في الوقت الذي تحمي فيه المصالح الاستراتيجية للأمة العربية كلها في مواجهة الأخطار الجسيمة التي تواجهها، وفي مقدمتها الخطر الصهيوني والتهديد الإسرائيلي.
وأذكر أنني بعد اندلاع ثورة 25 يناير، وبالتحديد يوم 29 يناير، أي بعد أربعة أيام من مظاهرات الملايين الحاشدة في ميدان التحرير، كنت أشارك في اجتماع كان يعقد شهريًا في جريدة الأهرام ويحضره عدد من كبار الصحفيين لفحص إنتاج الصحفيين الشبان لمنحهم جوائز مالية لتفوقهم المهنى. في هذا اليوم دخلت قاعة الاجتماع غاضبًا وأنا أصيح في الزملاء: إيه التناحة دي؟ وكنت أقصد “,”تناحة النظام“,”، لأنه بعد أربعة أيام كاملة لم يخرج رئيس الجمهورية كي يخاطب الشعب ويقدم تصوراته لحل الأزمة، ولم يدلِ رئيس الوزراء بتصريح سياسي، وإنما ران على البلاد صمت ثقيل ومريب في نفس الوقت!
قياسًا على اجتهاداتي السابقة في نحت المصطلحات الجديدة لتوصيف الظواهر التي نكب الشعب المصري بقيامها في وجهه سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعدها، أقدم اجتهادي لأصف الحالة الراهنة لسلوك جماعة الإخوان المسلمين التي تحكم البلاد والعباد في الوقت الراهن.
بعد الإعلان الدستوري الباطل الذي فاجأ به الرئيس “,”مرسي“,” الشعب المصري وأعلن نفسه ديكتاتورًا مطلق السراح لا معقب على قراراته في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل، بالإضافة إلى العدوان الصارخ على المحكمة الدستورية العليا، وتحصين مجلس الشورى الباطل ولجنة الدستور المزيفة انقسمت البلاد انقسامًا سياسيًا خطيرًا بين جبهة الإنقاذ الوطني التي تمثل تجمع المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين التي تمثل “,”حكم المرشد“,” بعد أن انفضت عنها حتى التيارات السلفية التي تحالفت معها من قبل.
في ظل هذا الانقسام السياسي الذي قسم البلد إلى نصفين، وبعد القرارات المتعجلة للرئيس مرسي في فرض حالة الطوارئ على محافظات القنال الثلاث، وفرض حظر التجول، سادت البلاد موجات بالغة العنف من الاحتقان السياسي ومن مظاهرات الاحتجاج العنيفة التي تصاعدت إلى حد إعلان العصيان المدني في بور سعيد.
وفي ظل هذه الظروف الكارثية فاجأنا الرئيس “,”مرسى“,” بتحديد موعد لإجراء انتخابات مجلس النواب على أربع مراحل!
وأحسست ساعتها أن جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة أصابتها “,”غيبوبة سياسية“,” كاملة!
أي انتخابات يمكن أن تجري في ظل المناخ الفوضوي السائد في البلاد، حيث الانفلات الأمني والاحتجاجات واسعة المدى ضد حكم المرشد.
لقد ناقشت جبهة الإنقاذ بجدية شديدة هذا الموقف الخطير وفاضلت بعد رأين. الأول دخول الانتخابات بعد تعهد حكومة الإخوان بضمانات قوية لنزاهتها، والثاني لأنه ليست هناك أي ضمانات حقيقة لانتخابات صحيحة ومن الأفضل صدور قرار من الجبهة بمقاطعة الانتخابات حتى لا تعطي شرعية لجماعة الإخوان المسلمين في الحكم المطلق المستبد للبلاد.
وصدر القرار بالمقاطعة.
وهكذا عبرت المعارضة الخط الفاصل بين المعارضة من داخل النظام باستخدام الوسائل الديموقراطية المعروفة، والانشقاق على النظام تمهيدًا للعمل السياسي لإسقاطه تحقيقًا لإرادة الشعب التي عبرت عنها جماهيره الغفيرة.
لقد دخلت ثورة 25 يناير في المرحلة الحاسمة إما ثورة شعبية حقيقية أو ديكتاتورية إخوانية مستبدة.
بقي أن يكون لدى جبهة الإنقاذ خطة سياسية مدروسة للتصعيد في المرحلة القادمة.