الثلاثاء 02 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"البوابة" تحقق في تدمير "صناعة الحرير"

إعدام 3 ملايين شجرة توت فى الدلتا الخطوة الأولى للتخريب

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ خسائر أقدم شركة فى الشرق الأوسط تصل لـ82 مليون جنيه.. وتوجه لبيع أراضيها
■ 17.5 مليون جنيه حجم استيراد الحرير الطبيعى سنويًا
■ رئيس شركة الحرير: رواتب العاملين البالغة 105 ملايين جنيه سبب الخسائر
فتح «ملف صناعة الحرير» يشبه الدخول إلى عوالم المجهول، ومحاولة التفتيش عن أزماتها أكبر من الممكن ومن المتاح، فما بين قطاع كامل يعمل بعيدًا عن أعين الدولة يربح الملايين، وبين مصانع أغلقت أبوابها وشُرد عمالها، قصة لم تنته فصولها بعد.
قصة هذه الصناعة فى مصر، لم تعتمد فقط على الحرير الطبيعى، ولكن كان للحرير الصناعى نصيب أيضًا، إلا أن انهيار زراعة أشجار التوت، وإغلاق مصنع كفر الدوار للحرير الصناعى سبب كوارث ضخمة للاقتصاد الذى يئن تحت وطأة الديون.
ابتدعت الدولة مسمى براقا لما وصفه الخبراء والمتخصصون الاقتصاديون بالخصخصة الجديدة، وهو «إعادة الهيكلة»، حيث تم تكليف مكتب «ورانر الأمريكى» بإعداد خطة لتقليص خسائر شركات قطاع الغزل والنسيج التى زادت من ٩٥٠ مليون جنيه حتى بلغت ٣٠ مليار جنيه فى الفترة من عام ٢٠٠٤ وحتى عام ٢٠١٤، وكان نصيب خسائر شركات الحرير منها نحو ٨٢ مليون جنيه، بالإضافة إلى خسارة الاقتصاد المحلى لآلاف الوظائف، غير المباشرة، لمن كانوا يعملون فى ظلاله.
أكثر من ٤٠ مصنعا أغلقت أبوابها، ودمر إرث «محمد على» من أشجار التوت، إذ فقدت الدلتا والوادى ما زينتهما لسنوات من أشجار التوت التى بلغ عددها نحو ٣ ملايين شجرة، وحين أعادت الحكومة النظر فى قضية التشجير فى السنوات الماضية، لم تنجح خطتها، إذ تمت زراعة أشجار لا تسمن ولا تغنى إلا من أخشابها فقط.
وتحت وطأة الديون، والنظرة القاصرة للبعض، انهارت صناعة الحرير، التى اتخذت فصولاً عبثية، قبل أن ينتهى بها الحال إلى الانزواء والفشل.
كما أن إهمال تطوير ودعم مركز بحوث الحرير بالتكنولوجيا، وعدم وجود دعم مالى، عاد بالسلب، ليس على المركز وحسب، لكن على صناعة الحرير فى مصر، إذ اضطرت مصر لاستيراد نحو ٣٥٠ طنًا من خام الحرير الطبيعى.
ملايين الدولارات يتكبدها الاقتصاد المصرى سنويًا، بسبب التخلى عن صناعة الحرير الذى يدخل فى مجالات أخرى، بخلاف صناعة الملابس والسجاد، يدخل فى صناعات الدواء تحديدا خيوط الجراحة، إذ تثبت الدراسات العلمية الصادرة عن جامعة القاهرة، أن خيوط الجراحة المصنوعة من الحرير تسهم فى سرعة نمو الخلايا، بحيث تلتئم الجروح بسرعة، كما يدخل خام الحرير فى صناعة مستحضرات التجميل، خاصة أنه يحتوى على مواد تزيد من جمال البشرة وتحافظ عليها، كما تصَنع منه المواد الغذائية مثل الشاى عالى القيمة، ويدخل أيضا فى صناعة علف الحيوان.
كان تقلص مساحة زراعات التوت عاملاً كبيرًا فى تقزم صناعة الحرير، وانهيار الإنتاج المصرى من الخام الثمين إلى ما دون الطن، إذ لجأ بعض أصحاب مكامير الفحم وصنّاع الأثاث إلى قطع أشجار التوت، غير عابئين بما سيحل بـ«دودة القز»، تلك الصغيرة التى تلد ذلك الخام الثمين، الذى عَظّمه القرآن.
انهارت قلاع صناعة الحرير فى مدن دمياط وأخميم، ولم يعد باقيا منها غير جيوب صغيرة فى بعض القرى الصغيرة فى المنوفية وفى أسيوط، معظمها تعتمد على الأنوال اليدوية العتيقة.
انتهاء عصر الحرير
«شركة مصر للحرير الصناعى»، هى أول شركة للحرير الصناعى والألياف الصناعية فى مصر والشرق الأوسط، وتأسست بمدينة كفر الدوار فى عام ١٩٤٦، برأس مال قدره ١،٥ مليون جنيه، وتظهر موازنة الشركة زيادة مجمعات الإهلاك إلى نحو ٦٥٪ من حجم الأصول الثابتة، الذى وصل إلى ٣ ملايين و٨٠٠ ألف جينه، فيما بلغ حجم الإهلاك ٢ مليون و٥٠٠ ألف جنيه.
ويرى المهندس سعيد محمود، رئيس شركة مصر للحرير الصناعى والبوليستر السابق، أنه حاول تقليل خسائر الشركة، التى تسلمها وهى خاسرة نحو ٨٢ مليون جنيه، وأنه قلل الخسائر إلى نحو ٦٩ مليون جنيه خلال عام ٢٠١٠، حتى بلغت نحو ٣٥ مليون جنيه خلال العام الماضى.
تنهد رئيس شركة الحرير طويلًا وهو يقول إن خسائر الشركة أضحت ضخمة، خاصة بعد زيادة الرواتب إلى نحو ١٠٥ ملايين جنيه خلال العام المالى الحالى، مقارنة بـ٨٢ مليون جنيه قبل عام ٢٠١١.
يلفت سعيد إلى تقلص حجم العمال من ١٥ ألف عامل فى أوائل التسعينيات إلى أقل من ٢١٠٠ عامل فقط خلال العام الحالى، مشيرًا إلى أن السبب خروجهم على المعاش، وعدم قدرة المصنع على فتح أبواب التشغيل لأى عامل جديد، بسبب تردى أحوال المصنع تكنولوجيًا وماليًا.
كان مصنع الحرير الصناعى، يوفر المادة الخام لأكثر من ٤٠ مصنعا فى دمياط، تعمل فى صناعة الأقمشة الحريرية، لكن الوضع تغير خلال السنوات السابقة، حيث لم يعد متبقيًا من هذه المصانع سوى مصنعين أو ثلاثة على أكثر تقدير، وفقًا لرئيس الشركة السابق.
تبلغ مساحة الأرض المقام عليها المصنع نحو ٢٠٠ فدان، وتحتضن منشآت الشركة: مصنع الحرير، ومصنع للغزول، ومخازن، وبعض الجراجات، وبنايات إدارية للشركة فى مدينة كفر الدوار، على بعد ١٥ كيلو مترا فقط من الإسكندرية.
ينفى سعيد علمه بمشروع إعادة الهيكلة، بدعوى خروجه على المعاش قبل اتجاه الحكومة البدء فى المشروع، على الرغم من أن تاريخ خروجه على المعاش فى يونيو ٢٠١٥، وتم إطلاق مشروع إعادة الهيكلة خلال أوائل العام نفسه. كما نفى سعيد علمه ببيع أراضى الشركة.
«كانت مصر كلها تلبس الفسكوز والقمصان الحرير من المصنع»، بهذا ختم رئيس شركة مصر للحرير الصناعى السابق.
تضمنت خطة إعادة الهيكلة التى أعلنتها الشركة القابضة، استبعاد ٧ شركات بدعوى الخسائر، وهى شركات متخصصة فى تجارة الأقطان: «إسكندرية التجارية، وبورسعيد، ومصر المساهمة، والشرقية، وشركة الجوت، وشركة غزل دمياط»، بحيث تتم إعادة هيكلة ١٠ شركات لإنتاج الغزل، و١١ شركة للملابس الجاهزة، و٤ شركات لحلج الأقطان.
غزل دمياط.. بحر من الخسائر
تظهر موازنة الشركة للعام ٢٠١٥، انخفاض صافى أصول شركة غزل دمياط من ١٢ ألفا و٧٧٦ إلى أقل من ٦ آلاف و٩٠٠ جنيه، دون وجود أى استثمارات أو أرصدة، رغم أن المساحة الحالية المقامة عليها الشركة تبلغ نحو ٤٠ فدانًا فى موقع مميز فى مدينة دمياط.
شركة غزل دمياط، أنشئت عام ١٩٥٩، برأسمال قدره يقارب الـ٥٠ مليون جنيه، على مساحة نحو ٧٠ فدانًا، تقلصت هذه المساحة مع منتصف التسعينيات، بمعدل ٣٠ فدانًا لتبلغ نحو ٤٠ فدانا فقط.
ليس هذا فقط، فوفقًا لعمال، رفضوا ذكر أسمائهم خوفًا من فقدان وظائفهم، فإن الشركة القابضة تنوى بيع بقية أراضى مصنع غزل دمياط، بدعوى تقليل الخسائر التى تتعرض لها الشركة.
ويقول العمال إن مسئولى الشركة القابضة تعهدوا لهم بشراء أراض جديدة لإقامة المصنع فى مدينة دمياط الجديدة، إلا أن العمال متخوفون من عدم وفاء المسئولين بذلك، وإغلاق المصنع بشكل نهائى.
ولعل ما يؤكد تخّوف العمال، هى الخطة المعُلنة من قبل الشركة القابضة فيما سمى بـ«إعادة الهيكلة»، حيث استقدمت الشركة مكتبا أمريكيا لإجراء دراسة جدوى لمصانعها، انتهت إلى تقسيم الشركات والمصانع إلى مجموعتين، بعد دراسة أوضاع نحو ٢٥ شركة.
تطّلب تنفيذ خطة إعادة الهيكلة توفير مبلغ نحو ٦ مليارات جنيه، لذا عرض المكتب الأمريكى حلًا يقضى ببيع أراضى بعض الشركات الخاسرة والتخلص منها والاستفادة من ثمن الأراضى، خاصة أن أراضى معظم المصانع تقع فى داخل الأحوزة العمرانية، مرتفعة السعر، وعليه سوف يتم عرض أراضى شركة غزل دمياط للبيع.
يرى أشرف عباس، المحامى العمالى عضو مركز الجماعة الوطنية، وهو مركز متخصص فى قضايا العمال، أن مصطلح إعادة الهيكلة ما هو إلا مسكنات لجرح وصل إلى مرحلة الغرغرينة، ذلك أن صناعة الحرير القائمة بالأساس على صناعة الغزل والنسيج أُهملت وتردت أحوالها بقسوة.
ووفقًا لآخر إحصائيات قطاع الأعمال العام، فقد تقلص حجم الشركة القابضة لصناعة الغزل والنسيج من ٣٢ شركة إلى نحو ١٦ شركة فقط، فضلاً عن تكبد هذه الشركات نحو ٣٠ مليار جنيه خسائر خلال الفترة السابقة.
كما انخفض عدد العاملين فى قطاع الغزل والنسيج من ٢ مليون إلى أقل من ٩٥٠ ألف عامل، بعد البدء فى برنامج الخصخصة الذى اتبعته الحكومة المصرية، بدءًا من نهايات حقبة الثمانينيات، ثم البدء فى إنشاء شركات قطاع أعمال عام فى ٢٠٠٤، كوسيلة لإنقاذ الشركات التى تعوم فى الخسائر، إلا أنها باءت بالفشل.
ويضيف عباس، أنه سواء كانت الشركة تابعة لوزارة الاستثمار أو كانت شركات قابضة، هذا تغيير مسميات فقط، إذ لم يكن هناك حل جذرى، مشيرًا إلى تبعية شركة الحرير الصناعى إلى القانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣.
«الدولة تتخلى عن الشركات لصالح مافيا رجال الأعمال والشركات الكبرى، إذ أن مصر سوق تجارية مستهلكة ضخمة، وإذا تحولت للصناعة، فسوف يتسبب فى خسائر لدول أخرى لا تريد لمصر النهوض، فمثلًا تطور مصر يحرم إسرائيل من السوق الإفريقية والعربية»، وفقًا لمحامى مركز الجماعة الوطنية.
عن العمال، يوضح عباس، عدم وجود قوانين تنصف حقوقهم، إذ لا توجد قوانين تضبط حقوق العامل وتبين واجباته، كما تعانى مصر من انهيار منظومة الصحة والسلامة المهنية للعمال، فضلًا عن تردى الأوضاع التأمينية لهم، إذ يتلاعب أصحاب الشركات فى المبالغ التأمينية، من خلال التأمين على العامل بموجب راتبه الأساسى، الذى عادة يكون مبلغا زهيدا، وعلى هذا لا يجد العامل معاشا يستطيع إعالة نفسه فى فترة شيخوخته.
يلفت عباس إلى أن اتجاه الحكومة للتخلص من الشركات، هو أحد شروط صندوق النقد الدولى، الذى يلزم الدولة بكف يدها عن التدخل فى الاقتصاد للحصول على قروض، مشيرًا فى هذا الشأن إلى قرض صندوق النقد الدولى الذى وقعته مصر مع البنك خلال شهر ديسمبر الماضى بقيمة ٢،٣ مليار دولار.
معهد بحوث الحرير
فى المركز القومى للبحوث بوزارة الزراعة تبدو الجدران حزينة، رغم ما تسكن جنابتها من جمال، كآبة وحزن غلفا وجوه العاملين، وشعور بالأسى على ما حل بمركز تأسس فى عام ١٩٢٧.
مبتسمًا، وهو جالس على مكتب صغير، غلفته قصاصات الأوراق، تحدث إلينا الدكتور أسامة غازى، رئيس قسم بحوث الحرير بالمركز القومى للبحوث بوزارة الزراعة، عن أسباب انهيار زراعة التوت، وكواليس إغلاق مصانع «بلوفار» للحرير الطبيعى بالإسكندرية، ومصنع مصر للحرير فى حلوان.
حول أسباب انهيار زراعة التوت، وبالتالى صناعة الحرير، يقول غازى: «قطع أشجار التوت بشكل عشوائى، وعدم زراعة أشجار أخرى تحل محلها، سبب هام، فقد كانت مصر تمتلك نحو ٣ ملايين شجرة توت فى الدلتا فقط، تمت زراعتها فى عهد محمد على باشا، بالإضافة إلى تهرب أصحاب مزارع التوت، أو المقبلين عليها بفعل عوامل كثيرة أهمها عدم وجود إرشاد زراعى، يقوم بنقل أفكار ودراسات مركز البحوث إلى المزارعين».
كما تسببت رغبات بعض من وصفهم غازى، بـ«نواب القروض» فى وصم زراعة الحرير بالفساد، حيث لجأ بعض نواب البرلمان، بالإضافة إلى بعض رجال الأعمال إلى «تسقيع أراض حصلوا عليها بامتياز من الدولة للزراعة» ثم زرعوها ببعض أشجار التوت، بدعوى إثبات الجدية فى زراعة الأرض، رغم أنهم سيقومون بعد ذلك ببيعها أو تحويلها إلى مراكز عمرانية.
بأسى، ووجه غلفه الحزن، يعقد غازى مقارنة بين إنتاج مصر من الحرير حاليًا، الذى يبلغ طنا واحدا، وبين إنتاجها فى فترة السبعينيات، والذى تجاوز الألف طن.
يضيف غازى، بأن الصين قامت خلال الفترة الماضية بممارسة سياسة الإغراق على سوق الحرير فى مصر، حيث قامت بتصدير خام الحرير إلى مصر، بسعر ١٣٠ جنيها للكيلو، رغم أن صناعته محليًا كانت تكلف نحو ١٨٠ جنيهًا، بغية انهيار زراعة الحرير فى مصر واحتكار الصين لها، ولما انهارت الزراعة، بدأت الصين تتحكم فى الأسعار وترفعها متى شاءت.
منذ تأسيس مركز بحوث الحرير، كان الهدف الرئيسى هو الإشراف والمتابعة والتنظيم لعملية زراعة وصناعة الحرير، حيث كان يستورد المركز «البيض» المستخدم فى توليد دودة القز، ومن ثم توزيعها على مزارع التوت فى مصر، إلا أن الوضع اختلف مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية.
وكان قسم بحوث الحرير، ينظم مزادات لبيع محاصيل مزارع التوت، وكانت رغبة التجار فى ممارسة الاحتكار الدافع وراء تبنيهم سياسية «تفصيل المزاد» إذ يتم دفع أحدهم ليتم إرساء المزاد عليه، ومن ثم يتحكم فى سعر المحصول، حيث لا يدخل المزاد غيره.
ولا توجد إحصائية واحدة حول أعداد أشجار التوت فى مصر، أو المزارع، لكن هناك بعض المناطق التى لا يزال بها بعض من الأشجار القديمة، إذ يوجد ١٥ فدانا فى برج العرب، و١٠٠ فدان فى إحدى مناطق أسيوط، تابعة لشركة مير لصاحبها الدكتور هشام جريس، ومزرعة سرابيوم التابعة لهيئة قناة السويس بالإسماعيلية، و٢٥ فدانا بمزرعة فى بالفيوم، و٢٠٠ ألف شجرة تابعة لسميح ساويرس فى مدينة هرم ستى.
يشكو غازى من تهرب المزارعين وأصحاب حقول التوت من إشراف المركز «بياخدوا المعلومة ومبنشوفش وشهم تانى».
أهم مشكلة تواجه مركز بحوث الحرير فى ممارسة وظيفته، أو استعادة دوره المفقود، هو قلة عدد العاملين فى المركز، إذ لا يتجاوز عددهم الـ ٣٠، منهم ٧ بدرجة أستاذ متفرغ تجاوزت أعمارهم السبعين، وبالتالى فإن العدد لا يسمح لهم بتغطية بقاع الجمهورية، أو المتابعة.
لعل السبب الأساسى فى قلة عدد العاملين بمركز بحوث الحرير، هو تردى الميزانية العامة لمركز البحوث الزراعية، التى انخفضت من ٢٤٠ مليون جنيه خلال سنوات سابقة، إلى نحو ٢٠ مليون جنيه فقط، ومن المفترض أن يكفى هذا المبلغ نحو ٢٤ معهدا، بالإضافة لآلاف العاملين بها.
يقول غازى: إن مناهج تدريس الحرير فى قسم الحشرات بكليات الزراعة، تعد عائقًا كبيرًا أمام تطور المنظومة، إذ لا تعدو الدراسة محاضرتين على الأكثر فقط ضمن المنهج العام للكليات».
يضيف غازى: «إن طول شرنقة دودة القز نحو ١٥٠٠ متر، يتم توليدها فى ٣٤ يومًا»، مشيرًا إلى أن الـ ٤ صفائح شرانق مجففة يخرج منها كيلو حرير طبيعى، والكيلو يكون نحو متر من السجاد أو ١٦ مترًا من القماش بحسب متانة القماش ونوعيته.
يلفت غازى إلى عدم وجود مصانع متخصصة فى إنتاج وصناعة الحرير الطبيعى فى مصر، اللهم إلا بعض الأنوال اليدوية الموجودة فى بعض غرف المنازل، وبخاصة فى مدينة أخميم، مشيرًا إلى أن سعر سجادة حرير طولها متر واحد نحو ١٥ ألف جنيه، فيما كانت «أخميم» قلعة صناعة الحرير فى مصر، وذلك إرثً حضارى، اتسمت به المدينة منذ عهود الفراعنة، حيث كانت تستورد الحرير وتوزعه على باقى الدولة، ومن هنا نشأت مراكز صناعتها بها.
يقول غازى: «إن الحرير صناعة NO WEST PROJECT أى أن كل جزء منها يدخل فى صناعة معينة، ولا توجد فضلات منها على الإطلاق، حيث تدخل فى صناعة الدواء، وفى صناعة مستحضرات التجميل، أو فى صناعة المواد الغذائية».
استيراد 350 طن من الحرير
نظارة صغيرة، وضحكة لا تفارق ملامح وجهه الصغير، تحدث إلينا سامح أحمد، المدير التنفيذى لرابطة مسوقى ومنتجى الحرير الطبيعى، عن حجم تجارة الحرير الطبيعى التى تمثل قطاعا غير رسمى كبير، وعن كيفية احتكار عدد من التجار سوق التصدير، وبخاصة «صناعة وتصدير السجاد».
تستورد مصر سنويًا نحو ٣٥٠ طنا من الحرير الطبيعى من دول «الصين وتايلاند والهند وغيرها»، بمتوسط سعر للطن الواحد نحو ٥٠٠ ألف دولار «١٧،٥ مليون جنيه» وفقا لآخر إحصائيات تقديرية.
تمثل الأنوال والمصانع اليدوية، قطار هذا القطاع الكبير غير الرسمى، والذى غالبًا لا يدفع ضرائب للدولة، بسبب عدم وضعه على الخريطة الضرائبية للدولة.
تقوم مصر بصناعة السجاد المصنوع من الحرير يدويًا، ومن ثم تصديره لعدد من الدول خاصة إيطاليا، التى تقبل على السجاد المصرى نظرًا لشهرته عالميًا.
يقول سامح: «إن رابطة منتجى الحرير حاولت نشر مشروع زراعة التوت فى مصر، سواء من خلال مشروعات قامت هى بها مثل مشروع زراعة ٦٠ ألف شجرة توت على مساحة ١٢ ألف فدان بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة ٦ أكتوبر، وزراعة أشجار التوت لن تكلف الدولة شيئًا، سوى قيامها بإطلاق يد منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الخيرية باستغلال المياه المعالجة فى محطات الصرف الصحى لزراعة الأشجار».
«كونت مياه الصرف الصحى بحيرة كاملة على مساحة نحو ٢٠٠ فدان، على تخوم مدينة ٦ أكتوبر، تكفى لزراعة ملايين أشجار التوت، ولا نريد من الدولة سوى توفير الأراضى، حيث من الممكن أن توفر هذه الزراعة ملايين الدولارات للدولة المصرية»، تابع المدير التنفيذى لرابطة منتجى الحرير.
يلفت سامح إلى إمكانية مساهمة مشروع الحرير فى الارتقاء بأحوال آلاف الأسر، خاصة هؤلاء القاطنين فى القرى الفقيرة والمعدمة، إذ لا يكلف المشروع سوى زراعة بعض أشجار التوت، وشراء علبة بيض دودة القز والتى تحوى ١٨ ألف بيضة، بسعر نحو ٢٥٠ جنيهًا فقط. يوضح المدير التنفيذى لرابطة منتجى الحرير الطبيعى، أنه باستطاعة مربى دودة القز أن يمتلك ٨ أشجار توت، والحصول على ١٠٠٠ جنيه فى كل دورة «٣٥ يومًا» بمعدل ٦ دورات فى العام. ٣ مليارات جنيه حجم سوق الحرير الصناعى
يقول يحى زنانيرى، رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة رئيس لجنة الجمارك باتحاد الغرف التجارية: «إن مستقبل صناعة الملابس الجاهزة يعتمد على الألياف الصناعية، والتى منها يَصُنع الحرير الصناعى أو الفسكوز أو النايلون وخلافه». ويضيف زنانيرى: «إن مصنع كفر الدوار كان ينتج الحرير الصناعى خلال الستينيات حتى آواخر حقبة الثمانينيات، ثم أغلق المصنع أو تقلص إنتاجه خلال الفترة اللاحقة»، مشيرًا إلى أن حجم استهلاك الشعب المصرى من الملابس بلغ ١٥ مليار جنيه سنويًا، حسب آخر تقدير إحصائى. يأتى معظم استهلاك مصر من الاستيراد الخارجى، إذ تظَهر إحصائيات جهاز التعبئة والإحصاء عن العام الحالى، بلغ حجم صناعة غزل الحرير ٢٤.٣ ألف طن، ووالألياف الصناعية ١١٤.٧ ألف طن، وذلك فى قطاع الأعمال العام والحكومى، وهذه أحجام لا تفى باحتياجات المصريين.
ويشير رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة إلى عدم قدرة مصنع كفر الدوار على الاستمرار نتيجة لتعرضه لسياسات أفشلته وجعلته متخلفا عن ركب التكنولوجيا العالمية فى صناعة الحرير، وبالتالى تعتمد مصر على الاستيراد من الخارج، لافتًا إلى أن حجم سوق الألياف الصناعية والحرير الصناعى يتراوح بين ٢ إلى ٣ ملايين جنيه سنويًا.
ويلفت زنانيرى إلى أن حجم تجارة الملابس الجاهزة فى القطاع العام بلغ ٣٦٠ مليون قطعة، ونحو ٢٤ مليون بطانية، مشيرًا إلى اعتماد كل هذه الصناعات على الألياف الصناعية.