جلست مع صديقة شابة «نسوية»، من المتحمسات لقضية تحرير المرأة وتمكينها، وكشف أبعاد المؤامرة «الكونية» الكبرى التى يقوم بها الرجال منذ آلاف السنين لاستبعاد واستعباد النساء، نتحدث عن صورة المرأة فى مسلسلات وإعلانات رمضان.
بداية أنا من هؤلاء المصدقين المتحمسين لقضايا المرأة، وأؤمن فعلا إنها تعرضت لمؤامرة كونية دبرها الرجال فى فترة من تاريخ البشرية، وهم يؤسسون لفكرة القبيلة المحاربة والدولة المحاربة والإمبراطورية المحاربة.. وفى مجال الثقافة أؤمن، مثل النسويين، بضرورة تحليل وتشريح الانحيازات الجنسية والعنصرية الموجودة عن عمد، وغالبا عن غير عمد، فى المنتجات الثقافية كلها، من حكايات وأمثال وأغان شعبية، وروايات وأفلام ومسلسلات وإعلانات تليفزيونية.
لكننى أختلف مع كثير من النسويات والنسويين حول منهج هذا التحليل وأدواته ومدى العمق الذى يتم به. وحتى أقرب الفكرة للقارئ دعنا نتخيل شخصا يعتقد أن أى فيلم أو مسلسل يتعرض للغريزة الجنسية أو يصور امرأة جذابة هو عمل «جنسي» يحرض على الفسق! هذا النوع من الأشخاص موجود فى مجتمعنا بالفعل، وهم كثيرون. وبنفس القدر، على الناحية الثانية، هناك من يعتقد أن تصوير أى امرأة شريرة أو مفترية أو غاوية أو جميلة أو ضعيفة هو تشويه متعمد للمرأة. وكما يطالب الشخص الأول بأعمال «نموذجية» أخلاقية عن انتصار المتدينين على أهل الشر، تطالب الثانية بأعمال نموذجية تصور كفاح النساء وبطولاتهن وقوتهن، فى مواجهة خسة وضعف الرجال.
الفنون لا تعمل بهذه الطريقة المباشرة التعليمية الساذجة، والخائبة، التى يعمل بها المتحدثون باسم الدين والأخلاق والتنمية البشرية! هؤلاء غالبا ما يخفون الشرور والسواد خلف كلامهم المنمق المزوق مثل شخصية «رحمة حليم»، التى تؤديها يسرا فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات» أو شخصية «الشيخ فاروق» التى تؤديها نيكولا معوض فى مسلسل «ونوس».
الأعمال الفنية تشبه الناس، ومثلما يوجد المخادعون والكذابون والمرضى النفسيون فى الحياة، توجد أعمال فنية مخادعة وكذابة ومريضة نفسيا. وكما أن الحكم على الناس بالمظاهر الخارجية فقط قد يجلب الكوارث على المرء، فإن الحكم على الأعمال الفنية بمظهرها الخارجى فقط قد يجلب الكوارث على المجتمع الذى تسود فيه تلك الطريقة فى النظر والتعامل مع الفن.
قلت لصديقتى «النسوية» التى عبرت عن استيائها الشديد من صور النساء فى مسلسلات هذا العام: أنا لا أتفق معك وعلى العكس تماما أرى أن هذه المسلسلات تعكس حضورا طاغيا للنساء على كل المستويات، من ناحية عدد وترتيب أسمائهن على العناوين إلى حجم أدوارهن على الشاشة إلى نوعيات هذه الأدوار وتأثيرها على الدراما.
لن أعيد ما كتبته من قبل حول صور الأمهات والآباء فى المسلسلات، ولكن سأضيف فقط الحضور الأنثوى الطاغى فى كثير من الأعمال الاجتماعية والكوميدية، ومن بين أربعة مسلسلات كوميدية هى «نيللى وشريهان» و«بنات سوبرمان» و«يوميات زوجة مفروسة» و«هبة رجل الغراب» نجد أن النساء يسيطرن عليها من «الجلدة للجلدة»، وهى ظاهرة جديدة على نوع الكوميديا الذى يسيطر عليه الرجال تماما، بل إن إعلانات أفلام العيد القادم يتصدرها فيلم «أبوشنب» الذى تلعب بطولته ياسمين عبدالعزيز فى دور شرطية تتصدى لأعتى المجرمين وزملائها من فطاحل وفحول الرجال وتنتصر عليهم!
قالت لى صديقتي: «ولكن كثيرا من أدوار النساء فى المسلسلات غير إيجابية، فهى تلعب دور شريرة وقاتلة وفتوة وقوادة وعاهرة، وحضورها غالبا ما يكون مخيفا للرجال».
فقلت لها: العبرة فى الدراما بالتأثير والقوة وليس بالمهنة، ولو فكرنا بهذا الشكل سوف نكتشف أن معظم الأفلام والمسلسلات «الرجالية» تشوه الرجال لأنها تظهرهم غالبا فى هيئة مجرمين وقتلة وشهوانيين وخونة لزوجاتهم.. ولا تعرض إلا نادرا نموذج الرجل الطيب الموظف الغلبان مثل حالاتنا!
أما هذا الحضور فهو بالفعل يعكس خوفا مزمنا ومتزايدا من النساء.. له أسبابه ومعناه.
وللحوار بقية.
بداية أنا من هؤلاء المصدقين المتحمسين لقضايا المرأة، وأؤمن فعلا إنها تعرضت لمؤامرة كونية دبرها الرجال فى فترة من تاريخ البشرية، وهم يؤسسون لفكرة القبيلة المحاربة والدولة المحاربة والإمبراطورية المحاربة.. وفى مجال الثقافة أؤمن، مثل النسويين، بضرورة تحليل وتشريح الانحيازات الجنسية والعنصرية الموجودة عن عمد، وغالبا عن غير عمد، فى المنتجات الثقافية كلها، من حكايات وأمثال وأغان شعبية، وروايات وأفلام ومسلسلات وإعلانات تليفزيونية.
لكننى أختلف مع كثير من النسويات والنسويين حول منهج هذا التحليل وأدواته ومدى العمق الذى يتم به. وحتى أقرب الفكرة للقارئ دعنا نتخيل شخصا يعتقد أن أى فيلم أو مسلسل يتعرض للغريزة الجنسية أو يصور امرأة جذابة هو عمل «جنسي» يحرض على الفسق! هذا النوع من الأشخاص موجود فى مجتمعنا بالفعل، وهم كثيرون. وبنفس القدر، على الناحية الثانية، هناك من يعتقد أن تصوير أى امرأة شريرة أو مفترية أو غاوية أو جميلة أو ضعيفة هو تشويه متعمد للمرأة. وكما يطالب الشخص الأول بأعمال «نموذجية» أخلاقية عن انتصار المتدينين على أهل الشر، تطالب الثانية بأعمال نموذجية تصور كفاح النساء وبطولاتهن وقوتهن، فى مواجهة خسة وضعف الرجال.
الفنون لا تعمل بهذه الطريقة المباشرة التعليمية الساذجة، والخائبة، التى يعمل بها المتحدثون باسم الدين والأخلاق والتنمية البشرية! هؤلاء غالبا ما يخفون الشرور والسواد خلف كلامهم المنمق المزوق مثل شخصية «رحمة حليم»، التى تؤديها يسرا فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات» أو شخصية «الشيخ فاروق» التى تؤديها نيكولا معوض فى مسلسل «ونوس».
الأعمال الفنية تشبه الناس، ومثلما يوجد المخادعون والكذابون والمرضى النفسيون فى الحياة، توجد أعمال فنية مخادعة وكذابة ومريضة نفسيا. وكما أن الحكم على الناس بالمظاهر الخارجية فقط قد يجلب الكوارث على المرء، فإن الحكم على الأعمال الفنية بمظهرها الخارجى فقط قد يجلب الكوارث على المجتمع الذى تسود فيه تلك الطريقة فى النظر والتعامل مع الفن.
قلت لصديقتى «النسوية» التى عبرت عن استيائها الشديد من صور النساء فى مسلسلات هذا العام: أنا لا أتفق معك وعلى العكس تماما أرى أن هذه المسلسلات تعكس حضورا طاغيا للنساء على كل المستويات، من ناحية عدد وترتيب أسمائهن على العناوين إلى حجم أدوارهن على الشاشة إلى نوعيات هذه الأدوار وتأثيرها على الدراما.
لن أعيد ما كتبته من قبل حول صور الأمهات والآباء فى المسلسلات، ولكن سأضيف فقط الحضور الأنثوى الطاغى فى كثير من الأعمال الاجتماعية والكوميدية، ومن بين أربعة مسلسلات كوميدية هى «نيللى وشريهان» و«بنات سوبرمان» و«يوميات زوجة مفروسة» و«هبة رجل الغراب» نجد أن النساء يسيطرن عليها من «الجلدة للجلدة»، وهى ظاهرة جديدة على نوع الكوميديا الذى يسيطر عليه الرجال تماما، بل إن إعلانات أفلام العيد القادم يتصدرها فيلم «أبوشنب» الذى تلعب بطولته ياسمين عبدالعزيز فى دور شرطية تتصدى لأعتى المجرمين وزملائها من فطاحل وفحول الرجال وتنتصر عليهم!
قالت لى صديقتي: «ولكن كثيرا من أدوار النساء فى المسلسلات غير إيجابية، فهى تلعب دور شريرة وقاتلة وفتوة وقوادة وعاهرة، وحضورها غالبا ما يكون مخيفا للرجال».
فقلت لها: العبرة فى الدراما بالتأثير والقوة وليس بالمهنة، ولو فكرنا بهذا الشكل سوف نكتشف أن معظم الأفلام والمسلسلات «الرجالية» تشوه الرجال لأنها تظهرهم غالبا فى هيئة مجرمين وقتلة وشهوانيين وخونة لزوجاتهم.. ولا تعرض إلا نادرا نموذج الرجل الطيب الموظف الغلبان مثل حالاتنا!
أما هذا الحضور فهو بالفعل يعكس خوفا مزمنا ومتزايدا من النساء.. له أسبابه ومعناه.
وللحوار بقية.