عقب عمليتى تنظيم داعش الإرهابيتين الأخيرتين سواء فى مدينة أورلاندو بفلوريدا الأمريكية، والتى راح ضحيتها أكثر من خمسين قتيلًا، و١٠٠ جريح، الأمر الذى اعتبره بعض المراقبين بأنه العملية الأكبر عقب أحداث سبتمبر.
أو فى فرنسا، والتى راح ضحيتها قائد للشرطة الفرنسية بمدينة ليمبروا، وزوجته، حيث لقيا مصرعهما طعنًا بالسكين على يد أحد عناصر تنظيم داعش، وأعلن التنظيم مسئوليته عن العملية، وسبق هذه العملية الأخيرة، قيام عناصر تنظيم داعش بمهاجمة عناصر الشرطة الفرنسية بجون - ليه - ثور بوسط فرنسا بذات الأداة «السكين» كنا نتوقع بأن تنتفض حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وفى القلب منها البرلمان الأوروبى والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والأهلية خاصة منظمة العفو الدولية، للتصدى الفعلى لإرهاب هذا التنظيم والمنظمات الإرهابية التى تنتهج ذات النهج سواء جماعة أنصار بيت المقدس أو جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التى تعد الأب الشرعى لهذه التنظيمات، حيث خرجت من أحشائه، وعناصر التنظيم الدولى الذين ينتقلون بحرية تامة بفنادق خمس نجوم بعواصم هذه الدولة، ويواظبون على الاجتماعات التى يضعون فيها المخططات الإرهابية والإشراف على تنفيذها، والتنسيق ما بين هذه المنظمات على مستوى العالم، ودعمها بالمال والسلاح والعناصر المدربة.
إلا أننا وجدنا أن الشغل الشاغل لهذه الحكومات، والمنظمات الدولية التى تسيطر عليها، والطابور الخامس المدرب فى العديد من الدول العربية من خلال منظمات التمويل الأجنبى همهم الأساسى هو استمرار تنفيذ مخططات تقسيم وتفتيت البلاد العربية وإشاعة الفوضى لإسقاط سلطة هذه الدول وتدمير جيوشها والتشكيك فى نزاهة قضائها وبث الشائعات الكاذبة، والفرقة من أجل ضرب الاصطفاف الشعبى خلف القيادات الوطنية بالبلاد العربية وعلى رأسها مصر من أجل إضعافها وضرب علاقاتها ببعض الدول العربية الشقيقة الداعمة لها أوالدول الأوروبية كفرنسا أو إيطاليا أو روسيا، وأن هذه الحكومات، والمنظمات الدولية التى تسيطر عليها لا تبالى بأرواح مواطنيها التى يزهقها الإرهاب أو المبادئ، والقيم التى تتغنى بها شعوبها كالحرية أو الديمقراطية أو قبول الآخر، ونبذ العنف، والإرهاب.. إلخ.
وذلك كله من أجل المحافظة على أمن، وأمان إسرائيل وبقائها قوية ومتفوقة على جميع البلاد العربية، كما أنها تسعى سعياً حسيسًا من أجل عودة جماعة الإخوان المسلمين وعناصرها للحياة السياسية بدعاوى المصالحة وممارسة أقصى الضغوط السياسية على حكومات البلاد العربية من أجل تحقيق هذا على أمل أن تعود مرة أخرى للحكم ليتم تنفيذ جميع المخططات الشريرة بالمنطقة العربية.
وبعيدًا عن نظرية المؤامرة التى يحقر منها أفراد الطابور الخامس حتى لا تنجح الشعوب العربية فى التصدى لهذه المخططات نجد الآتى فى التو واللحظة. عودة قضية الشاب الإيطالى جوليو ريجينى الذى عثر على جثته مقتولًا بمصر فى ظروف غامضة هو الوحيد الذى يعلم أسبابها وفاعلها، وكذلك أستاذته الإخونجية مها عزام التى كانت تشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة به عن النقابات المستقلة بجامعة كامبريدج البريطانية وتضع له خطط تحركه فى مصر وكذلك الجامعة الأمريكية. حيث تجرى المحاولات للضغط على البرلمان الأوروبى للإعلان عن مصر دولة غير آمنة لاستمرار عدم قدوم الأفواج السياحية الأوروبية لمصر تنفيذًا لمخطط ضرب السياحة المصرية التى تعد أهم موارد دعم الاقتصاد المصرى عدم الاستثمار فيها وعلى الرغم من استمرار التعاون ما بين القاهرة وروما على أعلى المستويات فيما يخص هذه القضية، بينما رفضت الدكتورة مها عزام وجامعة كامبريدج الرد على استفسارات المدعى العام الإيطالى الذى قام بزيارة الجامعة فى ٦ يونيو الماضى، واكتفت برسالة بريد إلكترونى لنيابة روما العامة، والتى أكدت فيها أن علاقة ريجينى بجامعة كامبريدج كانت متقطعة وغير منتظمة، كما أن أنشطته البحثية كانت ترعاها الجامعة الأمريكية فى مصر، ودخلت على الخط منظمة العفو الدولية حيث قامت بتحريرها خطابًا لوزير خارجية إيطاليا يوم ٢٠ يونيو الجارى تضمن هذا الخطاب اتهامًا للسلطات المصرية بالتقاعس عن التعاون فى الكشف عن ملابسات مقتل الطالب الإيطالى «ريجينى»، وأشاد بقرار إيطاليا بسحب سفيرها من القاهرة، والربط بين تسليم السفير الإيطالى الجديد مهام عمله بالكشف عن حقيقة مقتل ريجيني. وعلى ذات النهج سارت الولايات المتحدة الأمريكية حيث فوجئنا بهجوم المندوب الأمريكى فى اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف ليكيل الاتهامات لمصر بشأن المنظمات الحكومية، وأن الحكومة المصرية تقوم بإجراء تحقيقات مسيسة للمنظمات غير الحكومية التى توثق انتهاكات حقوق الإنسان، وتدافع عن الحقوق والحريات التى نص عليها الدستور المصرى، وكان الرد القوى من جانب مندوب مصر، والذى حاز على إعجاب الجميع خاصة الوفود العربية، حيث أبدى الوفد المصرى قلق مصر من مسائل متعلقة بمجريات العدالة بالولايات المتحدة الأمريكية التى تثور أقاويل حول مدى كفاءتها، وهى ذات المسائل ذات الصلة بنظر دعاوى مسلك الشرطة الأمريكية العنصرى باستعمال القوة المفرطة على نحو أدى إلى وقوع حوادث قتل ضد مواطنين منحدرين من أصول إفريقية وعربية على يد أفراد أمريكيين أو من الشرطة الأمريكية والانتهاكات الأمريكية لحقوق الإنسان فى معتقل جوانتانامو الذى وعد الرئيس أوباما بإغلاقه قبل ثمانى سنوات؟!، وأن المطلوب إغلاقه إنما محاسبة المسئولين عن الانتهاكات التى وقعت فيه وإجراء تحقيق واسع. ومعارضة الخارجية الأمريكية للقرارات الخاصة بأوضاع حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وقيام مكتب التحقيقات الفيدرالى بالقبض على الطالب المصرى عماد السيد بولاية كاليفورنيا لتعبيره عن رأيه تجاه المرشح الأمريكي ترامب؟! كما أن أمريكا سمحت لعناصر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابى بعقد مؤتمر بأمريكا حضره عدد من أعضاء الكونجرس ومسئولين فى منظمات حقوقية دولية بمناسبة الذكرى الرابعة لتنصيب مرسى رئيسًا لمصر وعلى الرغم من إعلانهم عن اعتزامهم القيام بعمليات إرهابية فى حال تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة فى حقه الأمر الذى يعد تحديًا لأحكام القضاء المصري.
أما أتباعهم فى كل من قطر، وتركيا فكان الأمر غريبًا، ومثيرًا، فمجرد النطق بالحكم بالإدانة لمرسى وعصابته فى قضية التخابر مع قطر.. حتى قام أمير قطر باستقلال طائرته والتوجه على الفور لتركيا لتكون الزيارة الثالثة خلال شهور، الأمر الذى يؤكد التنسيق الدائم والمستمر ما بين الدولتين بحكم كونهما الراعيين الأساسيين لتنظيم داعش بالمال والسلاح والعناصر المتدربة حتى يعم الخراب والدمار فى البلاد العربية والإسلامية سواء فى سوريا أو العراق أو ليبيا، وهذا كان أثره واضحًا حيث إن الجيش العربى السورى البطل كان على وشك تحرير مدينة الرقة عاصمة داعش لولا التدخل التركى وإمدادهم بالسلاح والعناصر المدربة من خلال الحدود المفتوحة ما بينه وبين سوريا الشقيقة، ومازال الكلام دائرًا حول الخمس سفن التركية المحمولة بالأسلحة الحديثة والمرسلة لتنظيم داعش فى ليبيا لوقف الانتصارات التى يحققها الجيش العربى الليبي.
وعلى الرغم من التهديدات التى أطلقها تنظيم داعش بتوجيهه العديد من الضربات والعمليات الإرهابية لقلب أمريكا وفرنسا، الأمر الذى يؤكد لكل ذى عينين من الوطنيين المخلصين لبلدهم أن حجم المؤامرات التى تحاك ضدنا كبير وخطير، وعلينا ألا ننساق وراء أكاذيب وفتن وشائعات الطابور الخامس الذى يقلل من هذه المؤامرات، ويسخر منها فى بعض الأحيان حتى لا تنجح فى التصدى لها باصطفافنا وتوحدنا خلف قيادتنا الوطنية المخلصة خاصة أن ذكرى ثورة يونيه التى قمنا بها تصحيحًا لثورة ٢٥ يناير ستحل.. وإننا لمنتصرون بإذن الله.