مرة أخرى وليست أخيرة يضرب الإرهاب أمريكا وفرنسا بعمليتى تنظيم داعش الذى صنعته أجهزة مخابراتهما ويرعاه حلفاؤهما سواء تركيا التى تقوم بتدريب عناصره على أراضيها أو تقوم بتصريف مسروقاته سواء كانت البترول الخام أو الآثار، وقطر التى تغدق عليه بالأموال أو أحدث الأسلحة. وفى البداية نؤكد إدانتنا لهاتين العمليتين، ونؤيد موقف حكومتنا الوطنية التى كانت سباقة فى الإدانة والتحذير من وقوعهما، وما نكتبه ليس نوعًا من الشماتة إنما صرخة عسى أن تفيق الأجهزة الأمنية والمخابراتية لهذه الدول سواء أمريكا أو الاتحاد الأوروبى أو تركيا أو قطر، وتتوقف عند خلق ودعم هذه المنظمات الإرهابية، وترتقى إلى حسن ومبادئ شعوبها وقيامها التى تنبذ الإرهاب وبث الكراهية وقبول الآخر ورفع رايات التسامح. وأن ما تزرعونه من إرهاب سيرتد لصدر شعوبكم وستجنوا ثماره والعملية الإرهابية الأولى كانت يوم الأحد الدامى ١٢ / ٦/٢٠١٦م بمدينة «أورلاندو» بولاية فلوريدا حيث قام انتحارى يدعى «عمر متين» باحتجاز عدد من زوار ومرتادى ملهى نادى «بالس» لمدة ساعة. الأمر الذى دفع بعض المحتجزين إلى الاتصال بالشرطة، حيث سارعت إلى كسر الباب باستخدام مدرعة مسلحة، واشتبكت معه مما أدى إلى مقتل وإصابة ١١٥ شخصًا مما دفع بالمسئولين إلى إعلان حالة الطوارئ بالمدينة وإغلاق مداخلها ومخارجها، ووصف هذا الحادث بأنه أقوى الأعمال الإرهابية منذ أحداث سبتمبر ٢٠١١، الأمر الذى ألقى بظلاله على الانتخابات الرئاسية الأمريكية خاصة المرشح الجمهورى رونالد ترامب الذى شن هجومًا على الدين الإسلامى مؤكدًا أن هذا الحادث من وجهة نظره فيما سماه بالإسلام المتطرف، وأعلن تنظيم داعش عن تبنيه لهذا الحادث ونشر صور عمر متين على موقعه. وكتب أحد المؤيدين للتنظيم «إن قتلوك يا أخ عمر متين فنسأل الله لك الشهادة وأن يسكنك جنة الفردوس ويلحقنا بك. فقد قتلك ٥٠ كافرًا ولا يجتمع كافر وقاتله فى النار»، والفاعل أمريكى من أصل أفغانى، وينتمى لمقاطعة يورث سانت لويس الواقعة فى فلوريدا. وذكرت شبكة «إن بى سى» الأمريكية مزيدًا من التفاصيل حول متين منفذ العملية الذى ولد بالولايات المتحدة الأمريكية لأبوين من أفغانستان وعمل كموظف أمن منذ ٢٠٠٧ لدى شركة «جى فور إس»، وهى شركة متعددة الجنسيات بريطانية الأصل متخصصة فى تقديم الخدمات الأمنية، وعملت مع سجون الاحتلال الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية المحتلة حيث وقعت عقدًا مع شركة إسرائيلية فى عام ٢٠٠٧ لتقديم خدمات أمنية فى سجون الاحتلال، وقامت بعمليات تفتيش فى الضفة الغربية ومستوطنات إسرائيلية غير شرعية، ونتيجة الضغوط التى مارستها جماعات حقوقية ألغت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة عقودًا كانت قد وقعتها مع شركة «جى. فور، إس» لتقديم خدمات لمنشآت أمنية فى عمان بالأردن. وهذه الشركة شاركت فى الانتهاكات التى مارستها سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى حق الأطفال المعتقلين. مما دفع «ديزموند توتو» كبير أساقفة جنوب إفريقيا السابق الحائز على جائزة نوبل للسلام عام ١٩٨٤م إلى توقيع خطاب مفتوح إلى هذه الشركة للتوقف عن هذه الانتهاكات.
كما أن عمله بشركة الأمن يسهل له شراء الأسلحة وإخفاءها التى استخدمها فى تنفيذ الهجوم. أما العملية الإرهابية الثانية.. فوقعت يوم الثلاثاء فى فرنسا وراح ضحيتها قائد الشرطة الفرنسية وزوجته، وأعلن تنظيم داعش مسئوليته أيضًا عنها. حيث ذكر «مقاتل فى الدولة الإسلامية يقتل قائدًا بالشرطة الفرنسية فى مدينة ليميرو وزوجته طعنًا بالسكين»
وهذه ليست المرة الأولى. فقد سبقها منذ عامين بحادث آخر حيث هاجم رجل فى العشرين من ديسمبر ٢٠١٤ عناصر شرطة بسكين فى جون ليه ثور «وسط فرنسا». وأطلقت أجهزة المخابرات العالمية على مرتكبى هاتين الحادثتين «الذئاب المنفردة» نسبة إلى الأفراد الذين يقومون بأعمال إرهابية بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظم ما. وهذا أشد خطرًا، ويثير فزع أجهزة المخابرات خاصة أن تتبعهم فى غاية الصعوبة. وهذا الأسلوب يعد نقلاً عن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية فى مصر.. الجماعة الأم التى خرجت من أحشائها كل التنظيمات الإرهابية سواء القاعدة أو داعش أو تنظيم أنصار بيت المقدس. فهذا الأسلوب انتهجته جماعة الإخوان الإرهابية فى عام ٢٠١٤، وذلك باستهداف المنشآت العامة ورجال الجيش والشرطة فى مصر، وكان أبرزها كتائب حلوان وزاهق وحسم ومولوتوف وكتائب الذئاب وحركة إعدام...... إلخ. وهذا الأسلوب اعتمده تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابى وحلفاؤهم من تنظيمات أخرى، وذلك بتحريض أنصاره على تنفيذ عمليات الاغتيالات والتفجيرات عن طريق شن هجمات بشكل منفرد من قبل أشخاص لا تربطهم علاقة واضحة بالتنظيم كنوع من أنواع التضليل لأجهزة الأمن وهذه الدعوة أطلقها أبو محمد العدنانى المتحدث باسم دولة داعش فى نهاية ٢٠١٣. كما أن تنظيم القاعدة كان السباق لولادة الذئاب المنفردة حيث أطلقها أبو مصعب السورى الذى طالب أنصار التنظيم عقب تلقى التنظيم ضربات موجعة وقاسية فى أفغانستان والعراق، بتنفيذ عمليات تفجير أو قتل بشكل منفرد تفاديًا للتضييق الأمنى، ودعا إلى هذا النوع من العمليات رئيس حزب الفضيلة السلفى الهارب إلى تركيا، وكذلك فتى خيرت الشاطر المدلل الذى حرض أتباع التنظيم على انتهاج استراتيجية الذئاب المنفردة باستهداف رجال الجيش والشرطة والبعثات الدبلوماسية وكل المنشآت الحيوية. ونجحت قوات الأمن المصرية فى القبض على العديد منهم مثل كتائب حلون أو حركة مجهولون أو حسم المقاومة الشعبية أو كتائب الذئاب أو حركة إعدام. وهذا يؤكد الصلة الوثيقة التى تربط التنظيمات الإرهابية على الرغم من تعدد التسميات التى تطلقها على نفسها حيث يجمعها تنظيم دولى واحد وترعاها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى وتركيا وقطر.
حيث ساعدهم فى الاستيلاء على السلطة فى مصر عقب ثورة ٢٥ يناير إلا أن الشعب المصرى نجح فى عزل سلطة الفاشية الدينية إلا أن قيادتهم هربوا خارج البلاد لينضموا إلى عواصم هذه الدول وفنادق الخمس نجوم مستمرين فى وضع المخططات الإرهابية، وتصدير الإرهاب، ونأمل عقب هذين الحادثين وما سبقهما من اعتداءات فى باريس ٢٠١٥ أو بروكسل عام ٢٠١٦ أن تتوقف عن احتضان هذه العناصر الإرهابية، والمسارعة بالقبض عليهم وتسليمهم لدولهم لمحاكمتهم عما اقترفوه من جرائم القتل والتدمير والحرق والتمثيل بالجثث، وهم فاعلون وشركاء فى هذه العمليات الإرهابية وندعو شعوب العالم إلى الاتحاد فى مواجهة التنظيمات الإرهابية.