التصريح ليس ساخنًا بما يكفى، مرت عليه عدة أيام، ورغم خطورته إلا أن أحدًا لم يتوقف عنده، كان الزميل بشير حسن، مستشار وزير التعليم، يتحدث لإحدى الفضائيات عما جرى فى تسريب امتحانات الثانوية العامة، قال: «لدينا ثقوب فى الوزراة نعمل على سدها».
الثقب فى وزارة التربية والتعليم كان كبيرًا بما يكفى ويفضح، فتسريبات الثانوية العامة ليست عملية فساد فقط، ولكنها تعبير عن حالة انهيار كاملة، فلا أخلاق ولا ضمير ولا مستقبل من الأساس، فكيف تتصورون بلدًا تريد أجياله القادمة أن تصنع مستقبلها بالغش؟ هل يمكن أن نستأمنهم على غد نعرف أن المشاكل تحيط به من كل اتجاه؟
لا أستبعد المؤامرة مطلقًا.
تحدثوا عن الإخوان كما تشاءون، وتحدثوا عن أجهزة عالمية تريد أن تفسد كل شىء كما تريدون، لكن لا تخدعوا أنفسكم، فالفساد منا وفينا، وإذا أردنا أن نواجه السقوط الذى يواجهنا جميعا، فعلينا أن نتوقف عن الفساد السارح فينا جميعا.
وكما اعترفت وزارة التعليم بأن لديها ثقوبًا، وهو الاعتراف الذى ربما جاء نتيجة ضغط هائل على المسئولين فيها، حتى يتخلصوا من الحصار المفروض عليهم سياسيًا وإعلاميًا، فإن وزارات الحكومة ومؤسسات الدولة جميعها لديها ثقوب.
السؤال الأهم: هل الاعتراف وحده يكفى؟ هل عندما نقر بما فينا نكون بذلك قد أدينا كل ما علينا؟ إننا لسنا فى بيت عبادة، الاعتراف يعنى التطهر، إننا فى بيت مفروض أن يحكمه القانون فقط، الاعتراف لا يجب أن يعفى من العقوبة.
لن أكون موضوعيًا إذا أنكرت أن لدينا عددًا من الوزراء يعملون، يبذلون كل ما يستطيعون من جهد، ولا يمكن أن ينكر أحد عليهم إنجازهم.
وقد تقول إن هذا الإنجاز لم يتم إلا لمعرفة الوزراء أن وراءهم رئيسًا يحاسب على الصغيرة والكبيرة، ولن يسمح ببقاء أى وزير إلى جواره لا يعمل.
ويمكننى أن أقول لك إن هذه مشكلة كبرى.
صحيح أن شعور الوزراء بوجود الرئيس معهم فى كل لحظة يجبرهم على العمل، لكن هل من المنطقى أن يعمل وزراء بعينهم من أجل الرئيس فقط، من أجل أن يفوزوا برضاه، راقب فقط بعض الوزراء وهم يتحدثون أمام الرئيس، ستجدهم يقولون له ما يرضيه، يستخدمون كلمات بعينها، يعرفون أنها تروق له، مثل الإنجاز قبل الوقت المحدد، ومثل أن العالم كله يشيد بالإنجازات التى تحققت.
لا أتهم أحدًا من الوزراء بخداع الرئيس بالطبع، ولكننى أرصد محاولة الوزراء لاسترضاء الرئيس، وتطمينه بأن كل شىء تمام، رغم أن الأمور على الأرض ليست كذلك تمامًا.. وراجعوا مثلا ملف الأسعار، وقارنوا بين ما سمعه الرئيس عنه، وما يحدث على الأرض فعلًا.
الثقوب التى يصدرها لنا الوزراء، يقصدون من خلالها التأكيد على أن هناك اختراقات لوزاراتهم، وأن هناك خلايا نائمة من الإخوان تعبث فى كل شىء.
لا أنزه الإخوان وبقاياهم فى المؤسسات الحكومية، فهم يسعون إلى خرابها كراهية وانتقامًا، لكن لماذا لا نبحث عما يسد هذه الثقوب بشكل كامل، إذا كانت إخوان سدوها، وإذا كانت فاسدين وموظفين بلا ضمير أوقفوهم عند حدودهم تماما، مستقبل هذا البلد لا يحتمل تهاونًا ولا تواطؤًا.. فلا تجعلوا من حديثكم عن الثقوب حجة تتهربون بها من المسئولية... لأن المسئولية تقتضى أن نواجه لا أن نهرب.