تقدم نحو
ستين نائبًا صباح الأحد الماضي بمقترح لمشروع قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة إلى
الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، الذي قام بدوره بإحالته إلى لجنة مشتركة
تضم لجان التضامن الاجتماعي وذوى الإعاقة، وحقوق الإنسان، والتشريعية والدستورية.
إلى هنا
يبدو الأمر طبيعيًا، لكن المفارقة أن هذه الخطوة جاءت مفاجأة لمعظم النواب من ذوى
الإعاقة وعددهم ثمانية، حيث لم يحدث أن اتصل بهم أحد من مقدمي المقترح من باب
التنسيق والتشاور.
ومع ذلك
تعد هذه الخطوة متغيرًا جديدًا يعكس اهتمام النواب بقضية نحو ١٢ مليون مواطن مصري
من ذوى الإعاقة، طالما عانوا التهميش والإهمال، ولا يمكن إنكار دور النائبة
الدكتورة هبة هجرس التي بادرت بتقديم المقترح عبر لجنة التضامن والأسرة والأشخاص
ذوى الإعاقة، وفيما يبدو أنها بذلت جهدًا لحشد هذا العدد من أجل الإسراع بتقديم
المشروع، وهو ما لم يكن متوقعًا على الأقل خلال الفترة الحالية. ورغم التحفظ على
اتخاذ هذه الخطوة دون تنسيق مسبق مع كل النواب من ذوى الإعاقة، إلا أن المضي قدمًا
نحو مناقشة مشروع القانون يبقى أمرًا ضروريًا حتى يخرج معبرًا عن آمال وطموحات
ملايين المصريين المعنيين به، ومترجمًا لما ورد في مواد الدستور بشأن حقوق ذوى
الإعاقة.
ولعله من
المناسب هنا طرح عدة ملاحظات أساسية في بناء القانون دون الخوض في تفاصيل مواده التي
أعدها خبراء ومتخصصون في مجال الإعاقة في كل المجالات (التعليم والصحة والعمل...
إلخ).
أولى تلك
الملاحظات أن المشروع المقدم يتضمن مواد تخص وضع المجلس القومي لشئون الإعاقة، وظني
أنه ربما يكون من الأفضل إعداد قانون مستقل بالمجلس لإنشائه وبناء هيكله الداخلي
وتنظيم آليات عمله، وتوصيف وظائفه الأساسية والأدوار التي من المفترض أن يضطلع بها.
ذلك أن
المجلس صارت له وضعية جديدة كمجلس مستقل طبقًا للمادة ٢١٤ من الدستور، وهو ما يعنى
ضرورة وجود قانون خاص به شأنه في ذلك شأن باقي المجالس. تجربة الأعوام الأربعة
الماضية هي عمر المجلس القومي لشئون ذوى الإعاقة الذي أسس بقرار من رئيس مجلس
الوزراء د. كمال الجنزوري منتصف عام ٢٠١٢، تؤكد أن ذوى الإعاقة بحاجة إلى مجلس قوى
لديه صلاحيات عمادها التنسيق بين الأجهزة التنفيذية لضمان تقديم خدمة جيدة
للمواطنين من ذوى الإعاقة، ومراقبة تلك الأجهزة في عملها، وإعداد تقارير تقيم
أداءها ومدى التزامها بالقانون والحقوق الواردة بالدستور، علاوة على قيامه بأدوار
تشريعية بإعداد التعديلات على القوانين أو المشاركة في إعداد مشاريع القوانين
المعنية بذوى الإعاقة، وأن يبتعد تماما عن أي وظائف تنفيذية أو خدمية، المؤكد
طبقًا للتجربة السابقة أنها ستشكل إعاقة كبرى لأدواره الأساسية.
إضافة
إلى ذلك ينظم هذا القانون المفترض عملية اختيار أعضاء المجلس على أن تكون بينهم
شخصيات عامة من الكتاب وكبار المثقفين والسياسيين، وألا تقتصر العضوية على ذوى
الإعاقة أو الخبراء التكنوقراط في المجالات المختلفة.
الملاحظة
الثانية أن يكون قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة شموليا في مواده، وألا يزيد عددها
عن ثلاث أو أربع مواد تأتى صياغاتها ملزمة لجميع الأجهزة التنفيذية بحقوق ذوى
الإعاقة، وألا يتطرق إلى مواد تفصيلية تخص التعليم أو الصحة أو العمل.
على أن
يتم تضمين تلك المواد المتعلقة بحقوق ذوى الإعاقة سواء الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية أو الثقافية والتعليمية أو السياسية والمدنية في القوانين التي تشرع
في كل مجال، أولا تطبيقًا لفلسفة الدمج، وعدم عزل ذوى الإعاقة في قانون يبدو
فئويًا، وثانيًا حتى تصبح كل وزارة أو جهة ملزمة بتطبيق تلك المواد، ولا نترك
للبيروقراطية المتجمدة فرصة للتهرب من حقوق ذوى الإعاقة.
بمعنى أن
تضمن المواد الخاصة بالدمج التعليمي بقانون التعليم، حتى تصبح ملزمة بما تسمى
بإدارة التربية الخاصة دون الحاجة لتسول قرارات وزارية ليس لها سلطان القانون،
وثباته والأمر ذاته بالنسبة للتأمين الصحي والعمل.. إلخ.