لماذا لا يشعر الناس بالسعادة فى مصر؟
يمكن أن تتعامل مع هذا السؤال بشكل فلسفى بحت، فتقول لأنهم يفتقدون إلى الرضا، دون أن يكون هناك معنى محدد للرضا لا عندى ولا عندك.
ما رأيك لو تركنا المعانى المجردة، وتحدثنا عن الواقع الذى يحيط بى وبك.
فعليًا لدينا رئيس يعمل بلا انقطاع، يتابع بنفسه كل صغيرة وكبيرة، يفاصل فى القرش والمليم حتى لا يضيّع على البلد جنيهًا واحدًا، خلال عامين أنجز مشروعات مهمة وضخمة، تكتم عليها كثيرًا، لدرجة جعلتنا نتشكك أحيانًا أن يكون هناك شىء... لكن اكتشفنا أنه كانت هناك أشياء كثيرة.
فما الذى يجعل الناس لا يستقبلون هذه المشروعات بسعادة ورضا، واعتقاد أنها مفيدة لهم، وفى صالح أولادهم فى المستقبل؟
لماذا تبدل شعور الناس بالفرحة أمام إنجازات مهمة إلى حالة من اللامبالاة أحيانًا، والسخرية أحيانًا أخرى، والإنكار بعض الوقت، والتشويه طوال الوقت؟
هل كانت لدى قطاعات من الشعب طموحات أكبر مما تحقق على الأرض؟
هل كانت لديهم تصورات عما يستطيع أن ينجزه الرئيس فى فترة وجيزة؟
أم أن الطموح لم يكن إلا طمعًا، قاد الناس إلى أن يتعاملوا بلا عقل ولا منطق مع ما يرونه بأعينهم، فخلطوا الوهم بالحقيقة، وجلسوا ينتظرون ما تأتى به الأيام، رغم أن الحاضر يمكن أن يطيب لهم، لو صدقوا أنهم أصحاب الإنجاز، أو أن من أنجز لم يعمل إلا من أجلهم.
حاول أن تسمع من الناس الآن؟
لن تجد إلا الشكوى من غلاء الأسعار، والحديث عن الحياة التى أصبحت صعبة على الكل، الفقراء بلا ثمن ولا قيمة، يشعرون أنهم من يدفعون ثمن كل شىء، أصحاب الأعمال يشكون ركودًا كبيرًا، ويقسمون على أن حال البلد واقف.
حالة من الريبة تحكم المشهد العام، بل هناك ما يتوقع الأسوأ طوال الوقت.
المشروعات الكبرى مهمة... لكن هناك من يطالب بمشروعات متوسطة وصغيرة وتشغيل المصانع حتى تدور العجلة، السيولة.
الحديث عن العدل مهم... لكن هناك من يطالب بإقراره على الجميع، فالقانون لا يجب أن يكون فى خدمة أحد، حتى لو كان يجلس على رأس السلطة.
الحديث عن التقدم مهم... لكن هل يمكن أن نحلم بأى تقدم وتعليمنا منهار والصحة عندنا فى تدهور متلاحق ومتتالٍ ويبدو أنه لا يتوقف.
الغضب يتصاعد، دون أن نلتفت إلى أن هناك من يريد أن يعوقنا، الضربات المتتالية التى تعرضنا لها لم تترك أثرًا فى النفوس، كل منا يريد أن يحصل على ما يريده بصرف النظر عن الظرف العام، ولتذهب البلد إلى الجحيم.
الذين يملكون الثروة لا يقرون للفقراء بشىء، فهم تعبوا فى جمع هذه الثروة، وليس من حق أحد أن يتطلع إليها لا الشعب ولا الحكومة، والفقراء ينظرون إلى الأغنياء على أنهم لصوص استولوا على ما ليس من حقهم، الجالسون على مقاعد السلطة يتعاملون مع الشعب على أنه مقصر طوال الوقت ولا يريد أن يعمل أبدًا، والشعب ينظر إلى من يحكمون على أنهم مقصرون، يعملون برأيهم وحدهم، وحتمًا سنواجه أزمة مهلكة.
البلد فيه حاجة ناقصة، ابحثوا عنها، أعرف أنه لا حل لكل ما يحدث فى مصر إلا العدل الكامل، وهو حلم مستحيل، لكن حتى يتحقق العدل، ليس علينا إلا أن نخلص لهذا البلد، الذى إذا غفلنا عنه فلن نجده، سنتحول فيه إلى أشلاء وبقايا بشر.
ما رأيكم أن نكف عن الاتهامات المتبادلة... ويبدأ كل منا فى عمل ما عليه... كل منا يقوم بدوره المطلوب، ينظر إلى نفسه، يحاسبها... ابدأ بنفسك ينصلح بعدها حال البلد كله.