السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تغريدة الحذاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحل علينا بعد أيام قليلة شهر ينتظره الكثيرون ليبدأوا به عاما جديد مع الله، ويحاولون من خلال شهر رمضان أن تمحي سيئاتهم وأن يعتقوا من النار وأن يكون لهم من العمل ما هو سند لهم عند لقاء ربهم.
وكثيرون أيضا لا نجدهم بهذا الحال والانفعال طوال مرور السنة ويركزون فقط خلال شهر رمضان كأيام الامتحانات، فالطالب يلعب طوال أيام السنة ويريد فى وقت قصير أن يذاكر وينجح ويحصل على أعلى الدرجات كذلك شباب هذا الجيل يريد أن يعيش عيشة الأوروبيين ويموت موتة الصحابة.
ولكي لا أدخل فى عموم العمل وما يجب وما لا يجب سأذكر فقط جنة الإنسان على الأرض والصلة الأقوى بين العبد وربه وما يجب ألا ننساه فى حياتنا اليومية، وما يجب أن نداوم عليه طيلة السنة ولا نتركه كباقى الأعمال ونتسارع عليه فى شهر كريم.
بر الوالدين وبالأخص بر الأم، ولن أتكلم كلاما معتادا وتبريرا لما هو واجب علينا أن نفعل، ولكن قبل قصتنا سأقول جملة وحيدة طالما سمعتها من والدى وكلى ثقة أنكم جميعا سمعتموها، وكل يوم نتأكد من صحتها: لن يتمنى لك أحد الخير أكثر من نفسه سوى والديك، ولن يتمنى أحد أن يرى أحدا أفضل منه سوى والديك.
قصة حقيقية حصلت فى جنوب السعودية.. رجل تجاوز الستين من عمره، ذهب ذات مساء لزيارة والدته المسنة ذات الثمانين عاما التى انحنى ظهرها وأخذ منها الزمن ما أخذ.
أخذا يتحدثان طويلا حتى تأخر الليل، واشتد البرد فقرر أن يبيت ليلته هناك..
نام ملء جفنيه حتى وقت صلاة الفجر، فقام من مرقده فتوضأ ولبس ملابسه ولم يبق إلا الحذاء..
بحث عنه فلم يجده فى المكان الذى تركه فيه، بحث كثيرا وأخيرا وجده.. أتدرون أين وجده، لقد وجده بجوار المدفأة، وعلم أن أمه الحنون وضعته هناك حتى يجده دافئا عند لبسه.
وقف ينظر طويلا إلى ذلك الحذاء، وهو يفكر فى حنان تلك الأم التى اعتبرته طفلا فى عينيها حتى وهو فى الستين من عمره.
طال به التفكير ولم يدر بنفسه إلا والدموع تتساقط من عينيه.
قال فى نفسه.. يا الله هل يوجد من يفعل ذلك غير الأم، وهل يوجد فى الدنيا كلها من هو أشد حنانا وعطفا من الأم على وليدها..
أمسك جواله وأطلق تغريدة عن الفعل الذى قامت به أمه وأرفق معها صورة الحذاء بجوار المدفأة.. فوجئ فيما بعد بأن تغريدته قد بلغت الآفاق وبشكل لم يتوقعه، وأنه قد عمل لها أكثر من ٢٩ ألف «ريتويت».
لقد اكتشف أنه لم يبك وحده.. بل وجد أن الكثير من الذين علقوا على التغريدة يبكون من خلال الكلمات.
أحدهم قال: «أبكتنى هذه الصورة.. رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا»، وقال آخر: «ابكيتنا يا شيخ»... آلمنى كثيرا أحدهم عندما كتب: «فقدت أمى احمد الله أنك لم تفقدها».
عدت إلى أمى..
احتضنتها وبكيت كثيرا فى حضنها وشرحت لها أثر فعلها على الناس ورأيت السعادة تملأ وجهها.. قال فى نفسه: «مهما وصل بنا الحال من برو الدينا، فلن نصل ولا لجزء بسيط مما قدماه لنا من تضحيات». أمهاتنا جنة، ومن يرد الجنة عليه أن يستغل وجودهن فى الحياة ليقدم ما بوسعه فى سبيل إرضائهما وإسعادهما.. وليعلم الجميع أنه كلما أرضيت والديك رضى الله عنك.. قال تعالى: «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا».. لقد أورد الله عز وجل الإحسان للوالدين بعد العبادة وذلك لعظم شأنهما عند الله.