السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خرافات المصالحة والفصل بين الدعَوِى والسياسي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشرت أخبار فى دوائر الهاربين إلى تركيا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، مضمونها أن الجماعة ستقوم بالفصل بين الدعوى والسياسى على أساس ألا تعمل بالسياسة لمدة عشر سنوات!.
والواقع أن مزاعم الفصل بين الدعوى والسياسى هى محاولة يائسة من جماعات الإسلام السياسى المتنوعة للنجاة من السقوط التاريخى بعد فشلها السياسى الذريع فى حكم مصر.
وهذا الفشل السياسى –حتى يوضع موضوعيا فى إطاره الصحيح- ليس وقفا على جماعة الإخوان المسلمين حين كانت فى الحكم، وذلك لأن أحزابا سياسية متعددة اشتراكية أو ليبرالية قد تفشل فى الحكم وتنال جزاءها الشعبى بإسقاط الحزب فى الانتخابات الدورية، وعدم إعطائه الأغلبية اللازمة لكى يحكم وفق القواعد التقليدية فى الديمقراطية النيابية.
غير أن الفشل السياسى لجماعة الإخوان المسلمين يرد فى الواقع إلى أسباب متعددة. وأهمها على الإطلاق أنها جماعة متطرفة ليس لديها أى مشروع فكرى أو اقتصادى أو ثقافى ما عدا مشروعها الوهمى فى إسقاط الدولة المدنية، وإقامة دولة دينية تحكم بشرع الله كخطوة أولى فى العملية التاريخية الكبرى التى ظلت جماعة الإخوان المسلمين تحلم بها وهى استرداد الخلافة الإسلامية!.
وليس هذا مجرد تحليل موضوعى ونقدى لمشروع جماعة الإخوان المسلمين، ولكنه مبنىّ على التصريحات التى أدلى بها الدكتور «محمد بديع» المرشد العام للجماعة، بعد نجاح أعضائها مع أعضاء حزب النور السلفى فى الحصول على الأكثرية فى مجلسى الشعب والشورى.
فقد صرح –لا فض فوه- قائلاً: يبدو أن حلم «حسن البنا» فى استرداد الخلافة الإسلامية بدأ فى التحقق وسنصبح من بعد أساتذة العالم!.
وقد عقبت وقتها على هذا التصريح ساخرا حين قلت: «أساتذة العالم نعم ولكن فى الجهل والتخلف»!.
ما هذه الادعاءات الباطلة؟، وكيف ظن قادة جماعة الإخوان المسلمين -ابتداء «بحسن البنا» المؤسس إلى «محمد بديع» المرشد العام الأخير- أنه يمكن العودة إلى الماضى وإعادة تأسيس عصر الخلافة الراشدة؟، وكيف أن هؤلاء القادة –مع أن فيهم أساتذة جامعيين- عجزوا عن قراءة التاريخ الإسلامى قراءة موضوعية ونقدية؟، ولو فعلوا لعرفوا بغير جهد فكرى كبير أن الخلافة الراشدة انتهت نهائيا بتولى معاوية بن أبى سفيان الخلافة التى حولها إلى ملك عضوض!، ومن وقتها والخلافة كانت تتم بالسيف ومن خلال مذابح دموية للمتنافسين عليها حتى فى نفس العائلة!، فكيف لا يقرأ هؤلاء التاريخ الحقيقى للدولة الإسلامية بدلا من التاريخ المثالى الذى يصورون فيه الخلافة الإسلامية أنها فى كل العصور كانت نموذجًا للعدل والحرية؟.
وإذا كانت مبادرات المصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والدولة المصرية تنطلق بين حين وآخر مثل قنابل الدخان لاختبار ردود فعل الدولة المصرية، وسواء صدرت من بعض مصادر الجماعة أو من بعض «العملاء» الذين يعملون فى مصر فى خدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والتى ضغطت وفشلت فيما أطلقت عليه «إدماج الإخوان المسلمين فى الحياة السياسية» حتى يعودوا إلى حكم مصر من الباب الخلفى، فإن الرد القاطع على هذه المبادرات المشبوهة جاء من مصدرين: من الدولة ومن الشعب. وقد مثل صوت الدولة الرئيس «السيسى» حين صرح أكثر من مرة أن جماعة الإخوان المسلمين أدخلت نفسها فى عداوة ليس مع الدولة ولكن مع الشعب المصرى ذاته!.
والدليل على ذلك الأعمال الإرهابية التى أقدمت عليها الجماعة ضد مصالح الشعب الحيوية، والتى تمثلت فى نسف أبراج الكهرباء حتى يعم الظلام ويثور الناس!.
ومما يدل على «الخلل العقلى» الذى انتاب قادة جماعة الإخوان بعد الفشل السياسى والسقوط التاريخى، هم وحلفاؤهم الحمقى من الجماعات الإسلامية، أن الدكتور «محمد محسوب» أستاذ القانون وعميد كلية حقوق المنوفية لم يجد ضميره العلمى حرجًا من أن يصرح بأن «السلمية درجات والعنف درجات» وأن نسف أبراج الكهرباء هو انتقام من الشعب المصرى الذى أيد الانقلاب»!.
هكذا صرح هذا القانونى المزعوم الذى لم يجد حرجًا فى أن يطلق هذا التصريح الذى هو عبارة عن إضفاء الشرعية على الإرهاب بدعاوى كاذبة.
غير أن أخطر من المبادرات الوهمية لقادة الجماعة الهاربين هذا القرار الذى اتخذه حزب «النهضة» فى تونس بقيادة الشيخ «راشد الغنوشى» فى مؤتمر الحزب الأخير. ويقضى هذا القرار بفصل الدعوى عن السياسى ولم يقل لنا كيف فى حزب سياسى دينى يمكن عمليا هذا الفصل!. وقد حاول شرح الموضوع قائلًا: معنى الفصل هو ألا تتخذ المساجد أماكن للدعاية السياسية!.
ولكن ماذا عن المشروع الأصلى لحزب النهضة؟ أليس هو تغيير الأوضاع القانونية السائدة فى تونس لتحكيم مبادئ وأحكام الإسلام؟.
تُرى هل تخلى حزب النهضة عن مشروعه السياسى الأساسي؟.
لا نعتقد ذلك وإنما هى خطوة «تكتيكية» ذكية من الشيخ «راشد الغنوشى» والتى استند فى اتخاذ الحزب لها استطلاعا للرأى أجرى فى تونس وكانت نتيجته أن ٧٣٪ من التونسيين ترى فصل الدينى عن السياسى.
هذه كلها محاولات فاشلة من تيارات الإسلام السياسى المتعددة للهروب من المصير الحتمى لها وهو السقوط التاريخي!.