طال الإهمال مسجد الامام "عبدالوهاب الشعراني" بحي باب الشعرية، كغيره من المساجد التاريخية، والذي شمل مظاهر التهدم وتشقق الجدران، وعلى الرغم من الزخارف المعمارية التاريخية التي تتمتع بها جدران المقام إلا أن بعضها يعاني كسورا، وكذلك تهالكا في أرضية المسجد وتسرب المياه، فضلا عن تعدي المتسولين على حرمة المسجد وانتشار السرقات واختفاء النظافة، وتحولت المنطقة الأثرية، التي تجذب السائحين إلى سوق شعبية، فضلا عن انتشار القمامة.
كالعادة، القت وزارة الأوقاف بالمسئولية على وزارة الآثار، حيث قال الشيخ "محمد إسماعيل" إمام وخطيب المسجد لـ"البوابة نيوز" إنه لا يمكننا ترميم أي حجر دون علم من الآثار وحتى لا نتعرض للمساءلة القانونية في الوقت الذي لا تهتم الآثار برعاية وترميم المساجد الأثرية، وأشار إلى أن المسجد يعتبر من المساجد الأثرية التاريخية التي يجب الحفاظ عليها بالرغم من الهبوط الذي حدث في أرضيته، موضحا أنه يتناوب على المسجد لجان التفتيش دون جدوي، فالقبة الخشبية بوسط المسجد متهالكة وتتساقط مع مرور الوقت.
وأضاف أن الأهالي قاموا بجمع التبرعات أكثر من مرة لترميم المسجد وإعادة هيئته الأولى التي تميز بها، ولكن للأسف الشديد يتم الرفض بعد أن قام بتقديم طلبات لكل الجهات المختصة بهيئة الآثار ووزارة الأوقاف ورئاسة الحي، وفي النهاية اضطررت لعمل محضر بقسم منطقة باب الشعرية لإثبات الإهمال في حق أحد بيوت الله التاريخية منذ سنوات، وفي الوقت الذي قررت فيه اللجنة المعنية الأخيرة أن المسجد يحتاج إلى الترميم وخطورة الأمر أن قبة المسجد مهددة بالسقوط، وكذلك أحد الجوانب بالتهدم، وبرغم كل ذلك لم نجد أي تحرك من قبل المسئولين ليقوموا بدورهم في إنقاذ المسجد، وفي ذات الوقت يحرم علينا الاجتهاد الذاتي لترميم المسجد.
وأضاف "إسماعيل"، أن المسجد تتوافد عليه أفواج كثيرة من دول شرق آسيا خاصة إندونيسيا وماليزيا والطلاب الوافدين من جامعة الأزهر وهم الأكثر دارية بأهمية المسجد والمقام، حيث إنهم يلتزمون بآداب الزيارة التي يفتقدها بعض المصريين، ومن المؤسف مشاهدة آثار إسلامية طواها الإهمال والتشقق منذ أكثر من خمس سنوات، فضلا عن ابتلاء المسجد بالباعة الجائلين وعربات الفول وانتشار المتسولين الذي أضاف منظرا فوضويا وغير حضاري.
وتابع أننا قمنا بغلق مصلي السيدات والسلم الحديدي المؤدي إليه بعدما تم استغلاله من سيدات السوق والبائعات كمكان للتجمع وجلسات السمر وشرب السجائر والأفعال الغير الأخلاقية ولمنع انتهاك حرمة المسجد، بحيث يتم فتح مصلى السيدات يوم جمعة فقط.
وأكد أن المسجد يعاني من تلفيات بالصيانة والمصارف والسباكة، فيوميا يتم تغيير صنابير المياه بسبب الازدحام وسوء التعامل من المصلين، وذلك تحول المسجد إلى حالة يرثي لها من الإهمال، بخلاف أنه أصبح وكرا للمتسولين، ففي بعض الأحيان نضطر إلى استدعاء الأمن لإخراجهم من المسجد، وحقن الدماء التي من الممكن أن تنشأ بسبب الخلافات بينهم، بسبب تقسيم حصيلة السرقات داخل المسجد.
وأوضح "طاهر حسين" عامل بالمسجد، أن مسجد الشعراني سميت باسمه منطقة باب الشعرية، وأصبح محط أنظار للناس، وهذا الإهمال لا يليق بدور عبادة للمسلمين.
وأضاف عماد أبو الريش" عامل بالمسجد، أن جميع أشكال الإهمال توجد في المسجد، وأولها سوء النظافة وانتشار الروائح الكريهة التي لا تليق ببيوت الله، وهو أكثر ما يضر المصلين أثناء إقامة شعائر الصلاة، كما يوجد هبوط أرضي واضح بالمسجد أمام القبلة والمقام وخلف المنبر لا أحد يعرف له سببا حتى الآن، كما أن الجدران تحتاج إلى طلاء والترميم بشكل حضاري يليق بمكانة وتاريخ هذا المسجد.
وأوضح محمد عبدالنعم موظف بالمعاش، قائلا: إن زيارات الوافدين انخفضت بسبب الإهمال والهبوط المفاجئ بأرضية المسجد، كما أن النقوش التاريخية بدأت في الاختفاء، فضلا عن تهالك القباب والبنيان بخلاف رشح المياه، وتدهور دورات المياه واحتلال المتسولين لأرضية المسجد، ولا يوجد إلا عامل واحد لخدمة المسجد وحراسته.
وطالب "رزق أحمد" محام، وزارتي الآثار والأوقاف بتشكيل لجنة مشتركة لإعادة مسجد الشعراني إلى مكانته، مشيرا إلى أنه لا يليق أن يصل الإهمال إلى هذا الحد، في الوقت الذي أصبح المسجد مكانا مهما للمئات من الأهالي من القاهرة ولمحافظات خاصة خلال الاحتفال بمولده في النصف من شعبان.
وقال اللواء محسن شعبان متقاعد بالمعاش، إن التعديات التي يعانيها المسجد تأتي كنتيجة إهمال وزارة الآثار وغفلة المسئولين عن بيوت الله والآثار الإسلامية القديمة والزخارف المعمارية القديمة التي يتمتع بها جدران المقام، إلا أن بعضها يعاني كسرا وتشققات الحجارة وأرضية متهالكة تخل بتوازن المصلين أثناء الصلاة.