الخميس 13 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

لا أحد في "دولة مرسي" يعرف شيئًا!! البوابة نيوز "تعايش" مأساة زوجات الضباط المختطفين


زوجة النقيب محمد
زوجة النقيب محمد حسين سعد أحد الضباط المختطفين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
§ زوجة الرائد الجوهري: والدة أحد الضباط كادت تقبل “,”حذاء مرسي“,”.
“,” “,”
§ وسيط فلسطيني كشف عن احتجازه في يد ممتاز دغمش، واختفاؤه تم بعد مجزرة رفح.
§ اللواء أحمد جمال الدين الوحيد الذي كشف عن تولي الدولة عملية التفاوض لإطلاق سراحه.
§ الأجهزة السيادية: معلومتنا صفر، وحرس الحدود بدأت البحث بواعز شخصي.
§ دغمش طالب بالإفراج عن الظواهري، والدولة لم تتعامل مع المطالب بجدية.
§ زهراء الشاطر: احتسبي زوجك شهيدًا أجرى عملية استشهادية بإسرائيل.
§ العريان تجاهل الالتفات لي لسماع المأساة، وفشلت في مقابلة الشاطر.
معايشة: إيمان إبراهيم
هنا محطة الإستاد، هنا يسكن الألم والوحشة بيتًا من بيوت مدينة المنصورة، هنا طفلان ينتظران أباهما المختطف، وزوجة تلهث لالتقاط خيوط المعلومات، تبعث الأمل كذبًا في وجوه العائلة، تغالب احتراق كبدها على الغائب، تمر ثواني الانتظار كسنوات جحيم، لا تغفر ضريبة نضال الرائد محمد مصطفى الجوهري عطية، المرابط على الحدود المتاخمة مع القطاع المحتل بشبه جزيرة سيناء.. دموع أسرته التي باتت تصارعها أحلام اليقظة بعودة “,”سند العائلة“,”..
تجلس دعاء رشاد رياض على نفس الأريكة التي يأخذ “,”محمد“,” وسادتها –متكئًا لجلسته المسائية مع عائلته الصغيرة- شاردة تحكي ملابسات الاختطاف بصوت يعتصره الألم، فتقول:
مأساتى بدأت يوم 22 يناير 2011، عندما كلف زوجي –للمرة الخامسة- بتعزيز الحدود الشرقية بين مصر وفلسطين، وكعادته استقل سيارته متجهًا إلى هناك.
في أحد المحادثات الهاتفية مع “,”محمد“,” أكد أن الحدود المصرية في حالة ارتباك غير طبيعي بعد اندلاع أحداث 25 يناير 2011، وأن الأكمنة المصرية تعرضت لهجوم شرس يوم 28 يناير (جمعة الغضب)، وحدث تفجيرات بالقرب منها، واستشهد بها مجند وضابط كانا يؤديان خدمتهما بهذه المنطقة، وتطور الأمر بقيام ملثمين بدك قطاع الأمن المركزي في سيناء.
الانفلات الأمني، والتشويش على خطوط الاتصال الهاتفية، أجبره على شراء ثلاث خطوط تليفون بالشركات الثلاث المعروفة للمصريين؛ ليتفادى مشاكل تغطية الشبكة؛ لمتابعة أخبارنا بشكل دائم؛ بسبب حالة الفوضى التي عمت البلاد وقتها.
“,”خلي بالك من دعاء والولاد؛ لأني حاسس إن فيه حد بيراقبني أنا وزمايلي، واحتمال ما أرجعش“,”.. بهذه الوصية اختتم زوجي محادثته مع أحمد “,”أخويا“,” يوم 4 فبراير، وتابع: “,”هناك أشخاص يتتبعون تحركاتي عقب خروجي من فندق “,”بالما بلازا“,” –المكان المخصص للنزلاء من الضباط المغتربين في سيناء– وأثناء تناول وجبه الغداء في فندق القوات المسلحة أو أي مكان آخر“,”.
وعندما سألناه عن عدم رجوعه وبقائه هناك قال: “,”مأمورية العمل المكلف بها تبدأ من 9 صباحًا حتى 9 مساءً، وأنا خايف أترك الحدود تحدث عملية تخريبية أو إرهابية، ووزارة الداخلية أعطت تعليمات صريحة بأن يتولى كل فرد في الخدمة حماية نفسه، وأنا ما أقدرش أسيب الخدمة وأرجع؛ لتجنب الإحساس بالتقصير في العمل، كذلك لا يمكننى الخروج على الطريق؛ تحسبًا لمواجهه قُطَّاع الطريق المنتشرين“,”، واختتم قائلاً: “,”يا دعاء، سيناء ما بقتش بتاعتنا، إحنا قاعدين في أقل ما يقال عنها بلد لا تتبع مصر بأي صلة، فيه ناس أجانب وجنسيات غريبة اجتاحت البلاد، فلسطينين وإيرانيين، وأتباع حزب الله هجموا على الحدود الشرقية“,”.
تستند دعاء برأسها على الوسادة المفضلة لزوجها وتقول: محمد طلب مني الساعة 11.30 مساء نفس اليوم ما أتصلش بيه كتير؛ لأنه مصدع ومحتاج ينام، وأكد أنه فور استيقاظه سيجري اتصالاً هاتفيًّا لطمأنتي.
فجر يوم 5 فبراير سمعت في قناة الجزيرة الفضائية حدوث انفجار مدوٍّ في خطوط الغاز بمدينة العريش، نهضت بخوف من السرير، وشعرت بهاجس غريب للاتصال بمحمد، رغم أنه طلب مني عدم الاتصال، لكنني أجريت الاتصال؛ ففوجئت أن كل خطوط الموبايل مغلقة، وكررت المحاولة حتى الساعات الأولى من الصباح، وظل القلق يقتلني، وأوهم نفسي بأن العيب في شحن الموبايل نفسه، وليس هناك خطر يهدد زوجي، وأردد أن “,”محمد“,” اعتاد الذهاب لهناك بمعدل أسبوعين على الحدود، وشهرين ونصف الشهر هنا، ولا داعي للقلق.
بعد طول انتظار قررت محادثة أسر الضباط –زملاء زوجي في المأمورية– ففوجئت بمرورهم بنفس مشكلتي، وهي غلق التليفونات المحمولة لأزواجهم، بعدها تناوبت الاتصال بمديرية أمن الدقهلية ومديرية أمن سيناء؛ لعلي أصل لمعلومة تطمئنني، دون جدوى.
تقف الزوجة المكلومة وسط حجرة استقبال الضيوف لتكمل سرد مأساتها، التي طالت لعامين متتاليين: قررت الذهاب إلى سيناء لأبحث عن زوجي بنفسي، ولم أُبالِ بتوابع الانفلات الأمني، وتحدثت مع شهود عيان من البدو، أهالي المنطقة الشرقية، توحدت روايتهم حول نية زوجي في العودة إلى القاهرة.. تذكرت وقتها طلبه الملح بعدم الاتصال به ليتجنب شعوري بالقلق أثناء عودته.
الغريب هو تناقض المعلومات التي ذكرها شهود العيان؛ فمجموعة ذكرت أن زوجي وزملاءه أنهوا إجراءات تواجدهم بفندق “,”بالما بلازا“,”، وآخرون يؤكدون أن الحقائب الخاصة بهم ما زالت في أمانات الفندق. وعند ذهابي لمقر الفندق فوجئت بوضع مرتبك يصعب معه تحديد صحة المعلومات من عدمها، سايس السيارات التابع للفندق كشف عن “,”أمارة“,” بسيارة “,”محمد “,”، وهي وجود كسر بسيط في البربريز“,” اكتشفه أثناء تنظيفه لها.
عندما توجهت للإبلاغ عن اختفاء زوجي بمديرية أمن شمال سيناء؛ تبين أنهم قيدوا عدم تواجده “,”كغياب“,”. وبعد مرور “,”3 أيام“,” على اختفاء محمد وجدنا سيارته الملاكي محروقة في مدينة “,”بئر عبد“,” على بعد 7 كيلومترات فقط من منطقة اختفائه.. غالبية الأقاويل تؤكد أن “,”محمد“,” استقل طريق العودة إلى القاهرة (طريق العريش الإسماعيلية)، ثم أوقفتهم لجنة في الطريق الدائري، وأثناء التفتيش تبين أن زوجي يعمل بوزارة الداخلية؛ فأجبروه على النزول من السيارة وتحفظوا عليه.
تسرح دعاء قليلاً تحاول أن تستجمع قواها الذهنية لتتذكر الأحداث بنفس الترتيب، وتستطرد قائلة: محمد عمره ما لبس رسمي، عمله كمدير مباحث جنائية بقسم دكرنس بالمنصورة يجبره على ارتداء الزي الملكي دائمًا، وليس له دخل بأمن الدولة من قريب أو بعيد.. وشهود العيان يؤكدون أن “,”زوجي“,” تلقى طلقة فى إحدى قدميه إثر تصديه لعملية التحفظ عليه؛ مما دفع الملثمين أو اللجنة الشعبية لإطلاق طلقات من “,”الآر بي جي“,”، لكن بتحليل عينة الدماء على الأرض تبين أنها لكائن غير آدمي أو لحيوان ضال.. بعدها أجبروه على استقلال سيارة “,”بيجو إستيشن 7 راكب“,” –نفس موديل سيارة محمد– ومعه ثلاثة أشخاص ضباط –زملاؤه– وأمين شرطة.. باقي المجموعة، البالغ عددهم 35 فردًا، استقلوا سيارة بيضاء نصف نقل شيفروليه، ولم يجرؤ البدوعلى التصدي لعملية الاختطاف؛ لوجود أسلحة ثقيلة مع الملثمين.
“,”الأمارة“,” التي تركها المختطفون كانت ملابس “,”أمين الشرطة“,” -المحترقة- الذي يعمل بالقضاء العسكري بسيناء؛ لتوضح أن الأمين مع الضباط، وأنه تم اختطافهما في عملية واحدة؛ حيث تحفظت عليها المخابرات العامة بسيناء، وأخذوا “,”جرَّة“,” من الأسفلت الذي مر عليه كاوتش السيارة التي اختطفتهم، وبدأت قوات حرس الحدود عملها بواعز شخصي، لكن -للأسف الشديد- المسئول عن متابعة ملابسات اختطاف زوجى تم نقله بعد 4 شهور من عمله إلى مرسى مطروح، ومن وقتها “,”ماتت قضية البحث عن محمد“,”.
تستعيد دعاء رشاد هدوءها، وتجلس على الكرسي، وتقول: مقابلة منصور العيسوي وزير الداخلية وقتها جاء بعد مرور 8- 9 شهور تقريبًا، وقتها التقيت بزوجة أمين الشرطة، وبدأنا نسرد المعلومات، وكأننا نجمع “,” قطع بازل“,” بلا نتيجة ملموسة، لكن للحق الوزير كان أبًا بمعنى الكلمة، راعانا إنسانيًّا، لكن في قضية عودة الضباط لم يحرز نتائج ملموسة، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية -الذي تولى الوزارة قبل اللواء أحمد جمال الدين المقال- لم نشعر بوجوده، ولم يتابعنا إنسانيًّا أو إداريًّا، بحكم منصبه ومسئوليته، عكس الحال تمامًا مع اللواء أحمد جمال، الدين الذي تعامل معنا بضمير، وقدم لنا معلومات طمأنتنا.
استمرت الحالة حائرة بين مكاتب المخابرات العامة والحربية ووزارة الداخلية حتى قام المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي باستصدار البيان رقم (57) في 25 مايو 2011، يطلب البحث عن الضباط وإعادتهم لذويهم وتعيين الجهات السيادية للبحث عنهم..
تبدل موقف الأجهزة السيادية معي، فبعد غلق الأبواب في وجهي بدأوا في استقبالي ومنحي بصيص أمل أقتفي به أثر حياة “,”زوجي محمد“,”، وبعد مرور ثلاثة أيام فقط هاتفني لواء من مكتب المخابرات العامة يدعى “,” محمد إبراهيم “,”، وقال لي نصًّا: “,”بعد مرور 48 ساعة جوزك حيكلمك، خلاص إحنا عرفنا مكانه“,”، وانتظرت على هذا الأمل طيلة سنة وشهرين، ولم يتصل بي “,”محمد“,”.
وتعود دعاء لشرود الذهن مجددًا وتتساءل: أنا محتاجه أفهم، كان بيتكلم عن إيه، في وقت أكد اللواء منصور العيسوي، واللواء محمد إبراهيم مخابرات عامة، واللواء لؤي زمزم مخابرات حربية، أنهم يجرون تفاوضًا مع حماس لإرجاع الضباط؟ وتتابع: والله هذا حصل، لكن السؤال: تفاوض مصر مع حماس على اعتبار أن سلطة الضفة الغربية وسطاء أم خاطفين؟ ولماذا لم يكشف النقاب عن نتائج هذه المفاوضات؟ ولما وجهت هذه الأسئلة للقيادات، دخلت في مرحلة التسويف والمماطلة.
المعلومات التي باتت تؤرق تفكيري تؤكد أن “,”ممتاز دغمش“,” مسئول عما يحدث لزوجي، وأنه أجبره على عبور الأنفاق ذهابًا وعودته إلى الجانب الآخر، فعندما يحدث ضغط في سيناء يتوجهون إلى غزة والعكس، كذلك فهناك حقيقة لا تقبل الفصال، أن حماس مسئولة مسئولية كاملة عن عملية عبور الأنفاق الممتدة بين مصر والقطاع المحتل.. إذن حماس تملك معلومات، فما هو سبب تهرب حماس من المسئولية؟
وتتابع: الأجهزة الأمنية السيادية وعدتنا برد نهائي يوم 21 فبراير 2012، ثم مدوا الفترة إلى 28 من نفس الشهر، في الموعد المحدد ذهبنا إلى مكتب المخابرات العامة، وانتظرنا “,”12“,” ساعة متواصلة –من العاشرة صباحًا حتى العاشرة مساء–.. وبعد مرور كل هذا الوقت فوجئت بضابط يقول: “,”معندناش حد يقابلكم، إحنا آسفين“,”؛ وعليه قررت أحتج عمليًّا على هذه المعاملة، وأعلنت اعتصامي داخل مكتب المخابرات، وأجريت اتصالاً بوسائل الإعلام، ومأمور قسم حدائق القبة، ووزير الداخلية “,”اللواء محمد إبراهيم السابق“,”؛ فأرسل لواء من المخابرات يعمل بجهاز العلاقات العامة بوزارة الداخلية، وبعد تأكيدات من ضابط، أعتقد أنه عمليات خاصة، أنهيت الاعتصام على وعد منه بعودة “,”محمد زوجي“,”.
حيرة قاتلة ممزوجة بحزن يسع سنين الأرض شقاءً يظهر في عيون الزوجة، نحاول أن نهدئ من روعها بلا جدوى، وتتابع بقسمات وجه عبوس سرد مأساتها:
اجتماع الجهات السيادية انتقل في اللقاء الثاني إلى أكاديمية الشرطة القديمة بمنطقة العباسية، خوف القيادات الأمنية من مواجهتي باتت تلوح في الأفق.. اجتماع القيادات السيادية ضم المخابرات الحربية، اللواء رضا صقر واللواء نادر الأعصر من المخابرات العامة، اللواء أحمد جمال الدين مساعد أول الوزير للأمن العام -وقتها–.. الديباجة العادية غير مطمئنة؛ فقالوا: “,”إنتو ولادنا، إحنا متأثرين بيكم، إحنا حاطين نفسنا مكانكم“,” ثم اختتموا حديثهم: “,”إحنا صفر، لا توجد لدينا معلومات“,”..!
وقتها لم أشعر بنفسي، أصبت بهيستيريا مرددة: “,”إنتو ما تعرفوش إحنا بنعاني إزاي، إنتو قُلتو إنكم بتتفاوضوا مع حماس“,”؛ فجاءت إجابتهم لي صادمة مختصرة في جملة: “,”إحنا حنعيد البحث“,”، في حين نهضت قيادة أمنية قائلة: “,”أنا ماسك الملف جديد، واللي قبلي مش عارف جاب المعلومات منين، أنا مش ححاسب أي حد على معلومة يا عالِم جابها منين“,”.
تخرج دعاء عن سياق السرد العادي غاضبة فتقول: أدفع نص عمري وحياتي كلها وأعرف إيه اللي أنا فيه دلوقتي، أعتبر اللي حصل معايا خيانة؟ تدليس؟.. صفقة جلعاد شاليط تمت بواسطة مصرية، كانوا قادرين يرجّعوا جوزي، إيه اللي وقَّفهم؟ المساومة على الأسرى الفلسطينيين تمت عقب اندلاع ثورة 25 يناير وتوهج الشعب، هدنة إيقاف الحرب بين حماس وإسرائيل كانت بتدخّل مباشر من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، ما حدث معي لا يمكن أن يدرج في قائمة “,”قلة الحيلة المصرية“,”.. للأسف عندما قابلت اللواء صلاح غنيم، مدير مكتب المشير طنطاوي أكد أنه جارٍ البحث للتوصل لمعلومات تكشف أماكن تواجدهم.
وتابعت والشرود بذهنها: الرئيس مرسي قائد غير ناجح، أنا تخيلت أنه يضع ضمن أولوياته الرئاسية -في برنامجه المزعوم- قضايا الأمن والاقتصاد، ثم البحث عن الضباط المختطفين لاستعادة الكرامة المصرية، عندما يخرج ضابط من بيته ليؤدي خدمته على الحدود ولا يعود، وتعجز الدولة عن إرجاعه؛ فذلك مؤشر سقوط الدولة والقانون والمؤسسات والحاكم.
حاولت البوابة نيوز تهدئة روع الزوجة وإخراجها من حزنها الذي يلين له قلب الحجر، وتصورنا أن لقاءها بالدكتور محمد مرسي جاء ليحمل بصيص أمل ويرفع عنها عبء الواقع الذي تعيشه، لكن المفاجأة أن عبوس وجهها تبدل لثورة عارمة فقالت:
اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الحالي توسط للدكتور ياسر علي، المتحدث الرسمي لمؤسسة الرئاسة السابق؛ لتحديد موعد مع الرئيس مرسي، جاءت هذه الوساطة عقب مشاركتي في وقفة احتجاجية نظمها نادي ضباط وزارة الداخلية –تحت التأسيس- أمام دار الضيافة، ثم وقفة أخرى ضد أخونة الجيش يوم 2 فبراير الماضي أمام قصر الاتحادية، وما أن علم الوزير بمشاركتي بهذه الوقفات، حتى قام على الفور بتحديد موعد لمعرفة مطالبي والوقوف على المشاكل التي أعاني منها، وبعد مرور أسبوع تقريبًا تم تحديد موعد يوم السبت (16 فبراير)، استقبلنا اللواء حسين فكري، مساعد أول وزير الداخلية لحقوق الإنسان والتواصل المجتمعي، وذهبنا إلى قصر القبة حوالي الساعة العاشرة والنصف صباح ذلك اليوم.. انتظرنا حتى الساعة الحادية عشرة والربع تقريبًا، بعدها أطل علينا الدكتور مرسي في اجتماع استمر قرابة الساعة، أو ساعة إلا ربع تقريبًا..
تستند دعاء في حديثها واضعة يدها على خدها الأيمن وتسرد نص كلمات الرئيس لها فتقول:
الدكتور محمد مرسي استهل حديثه بإبراز إنجازاته في استرجاع قبطان بحري اختفى مدة 8 سنوات متواصلة، وأنه نجح في استرداده من خاطفيه بعد أن شقت والدته الطريق من مدينة كفر الشيخ طيلة شهور متواصلة، وقبلت قدميه ليساعدها في عودة ولدها، كذلك نجاحه في استعادة الصحفية شيماء عادل التي اعتقلت بالسوادن، وأتبع بسؤال قائلاً: “,”طلبتم مقابلتي.. خير“,”.
باستياء شديد قطعت دعاء سرد مقدمة الدكتور مرسي فقالت: “,”لولا وجودي في مؤسسة الرئاسة لكان رد فعلي سيختلف، كنت أود توجيه سؤال للرئيس: طالما نجحت في استعادة قبطان فلماذا لم نسمع عن هذا الخبر في الميديا والإعلام؟ وكيف تم حل قضية اعتقال الصحفية شيماء عادل؟ وتابعَت: لم أذهب لمقابلة الرئيس لأسمع إنجازاته، كنت أنتظر أن أسمع منه كيفية حل مشكلة اختطاف زوجي“,”.
تؤكد دعاء بمقاطعتها للرئيس قائلة: مشكلتنا أكيد تعرفها حضرتك، فقال مرسي: “,”أحب أسمع منكم“,”، فقلت له: حماس مسئولة عن اختفاء الضباط؛ لأن هناك مرسال يدعى “,”محمد الشاعر“,”، من قبيلة الشعراء بفلسطين، قام بالتواصل معي عن طريق ضابط مخابرات مصري -بعد اختفاء زوجي بأربعة شهور فقط- مؤكدًا أن زوجي وزملاءه تحت رحمة “,”ممتاز دغمش“,”، وأنه يتفاوض من أجل تحقيق 12 مطلبًا على رأسها “,”الإفراج عن محمد الظواهري“,” المحكوم عليه بالإعدام في قضية العائدون من ألبانيا، ورغم أن الظواهري حصل على حكم البراءة في 19 مارس 2012 فإن عملية الإفراج لم تتم، وبعد محاولات تمكنت من محادثة الظواهري هاتفيًّا. فقال لي نصًّا: “,”ابعثوا لي بتفويض من الدكتور محمد مرسي شخصيًّا حتى أبدأ عملية التفاوض مع ممتاز دغمش، وتابعت -شارحة للرئيس– ممتاز دغمش ظل متواصلاً معنا حتى وقوع عملية رفح، (مجزرة رفح التي راح فيها الجنود المصريين على الحدود في رمضان الماضي)، بعدها اختفى أثر “,”دغمش“,” من سيناء، وكل أصابع الاتهام تشير إلى تورطه في عملية الاختطاف، وفي العملية الإرهابية التي استهدفت أبناء القوات المسلحة، والمخابرات العامة أكدت ذلك.
وذكرت للدكتور مرسي أن اللواء مراد موافي، رئيس جهاز المخابرات السابق، أشار إلى تورط جيش الإسلام في مجزرة رفح، وشدد أن ممتاز دغمش على رأس المطلوبين في هذه القضية، ورغم التواصل المستمر مع الوسيط الفلسطيني فإن أخباره انقطعت يوم 5 أغسطس 2012.
الشرود يكسو وجه الزوجة وتقول: محمد الظواهري أبدى استعدادًا كاملاً لمساعدتي، لكنه تحفظ على مقابلتي؛ لعدم وجود “,”مَحرم“,”!! الجهاديون ديتهم معروفة.. مكفرين الناس وخلصنا.. إلا الإخوان المسلمين اللي يتعاطفوا معك في محنتك، وفور ذهابك يعتبروك “,”كلبة ولا تسوى“,” ويرمون مطالبك في أقرب مقلب قمامة. وتستطرد قائلة: الدكتور محمد مرسي دافع لتبرئة ساحة حماس، وردَّ سريعًا، وبكلمات متلاحقة: “,”لا مش حماس، أنا أجريت اتصال تليفوني معهم، ونفوا علاقتهم بالموضوع تمامًا“,”..
وقتها انتابني سيل من الأسئلة اجتاحت رأسي منها: هل تابع مرسي ملف اختطاف الضباط أم لا؟ هل أجريت مباحثات مع حماس أم لا؟ هل تأكد من تورط القيادة الفسلطينية بالقطاع المحتل أم لا؟ هل صحيح أن الدكتور مرسي إستمع لمأساتنا للمرة الأولى أم كانت لديه معلومات قبل اجتماعنا به؟ هل مدافعته عن حماس أمر طبيعي أم لا؟
تقول دعاء: الرئيس مرسي تابع حديثه قائلاً: “,”موضوع استشهاد ضباط رفح مؤرقني جدًّا.. واستهداف الضباط هناك صعب“,”، فما كان مني إلا أن باغته بسؤال لم يتوقعه، فقلت: حضرتك عاوز تعرف مين السبب وراء استشهاد الضباط في مجزرة رفح؟ فنظر لي باستغراب قائلاً: مين؟: قلت: حماس. ردَّ قائلاً: “,”مش حماس، استحالة يكونوا حماس“,”. فقلت له: عند تحليل جثة من اخترق الحدود الإسرائيلية والذي تم قصفه بواسطة الطيران الحربي هناك وحوله لأشلاء كان يرتدي بيادة مكتوب عليها “,”صنع في نابلس“,” وده مش تبعنا، ده تبعهم يا أفندم.. بأي صفة يقدم إسماعيل هنية على إصدار تصريح أنه سيحاول مساعدة المصريين في القاهرة لفرض سيطرتهم الأمنية على سيناء إلا إذا كان فارضًا سيطرته الأمنية على هذه المنطقة الحدودية؟
وتابعْت: تم تهريب الضباط الثلاثة وأمين الشرطة عبر الأنفاق مرارًا –وفق ما أكده اللواء رضا صقر واللواء نادر الأعصر من المخابرات العامة- حضرتك أجدر وأعرف أن حماس تتحكم في الأنفاق، فقاطعني، نافيًا للمرة الثالثة، وقال: “,”لا، مش حماس“,”. واختتم مرسي حديثه قائلاً: “,”اكتب يا حسين كل الكلام اللي المدام قالته، موضوع “,”ممتاز دغمش“,”، موضوع “,”محمد الظواهري“,”، والتفويض، وموضوع حماس، ويا سيدي نرجع نعيد سؤالنا لموسى أبو مرزوق قائد مكتب حماس في القاهرة“,”.
تؤكد دعاء أن تصريحات مدير مكتب حماس في القاهرة نفت مسبقًا علاقة حماس بحادث اختطاف الضباط وأمين الشرطة، ملوحًا أن المختطفين تم قتلهم داخل سيارة أحد الضباط، رغم أن سيارة زوجي لم يظهر بها آثار لدماء أو رصاص أو جثث.
وأثناء اجتماعنا بالدكتور مرسي، أقدمت والدة أحد الضباط على تقبيل حذاء الرئيس، قائلة له: “,”أبوس جزمتك، إنت عندك أسامة وعبد الله وأحمد، اعتبر إن ابنك منهم، هاتلي جثته وناري تبرد جنبه، فبكى الرئيس، وقال: “,”إنتو زي بناتي وصعبانين عليَّا، ولكم حق شرعي على الدولة تحفظه لكم، وإنتم قاعدين مدة سنتين بعد اختفاء الأزواج، والغياب له مدة شرعية، ولو محتاجين حقوقكم الشرعية...“,” قاطعته قائلة: ماذا تعني بالحقوق الشرعية؟ فأجاب: “,”حقوقكم الشرعية وليست المادية“,”، وبدون تفكير رددت قائلة: “,”زوجي تركني بطفلين وسيعود وأنا أم لطفلين“,”.. بعدها لم يعلق رئيس الجمهورية على الحديث.
تستدير الزوجة اليائسة في جلستها وتقول: الدكتور مرسي إنسان مهزوز يدار ولا يدير، لقاؤنا بمرسي يوصف بأنه لقاء أبوي عطوف حنون.. ولم يمدني بأمل عودة “,”أبو أولادي“,”.
يشرد بال الزوجة فتقول: “,”شهر نوفمبر المقبل سيمر على زواجي بمحمد 8 سنوات“,”، وتكمل حديثها بمأساة وبعيون تنظر إلى الأرض: توجهت لمكتب الإرشاد “,”خمس“,” مرات لمقابلة المهندس خيرت الشاطر، لكن اتضح أن مقابلة رئيس الجمهورية كانت أسهل، وتابعت: بمجرد دخول المكتب، وبعد تعريف مأساتي بصورة مختصرة، فوجئت أن الدكتور عصام العريان ينظر باحتقار غير مفهوم وذهب دون أي إجابة.. لمعالجة الموقف المحرج تناول الدكتور سعد الكتاتني أطراف الحديث وطالب بتحرير شكوى من صورتين، الأولى ستترك لعرضها على المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والثانية لرفعها للدكتور محمد مرسي!!
كذلك قمت بالتواصل مع “,”زهراء خيرت الشاطر“,”، فسألتني: “,”تفتكري مين اختطف زوجك؟ فقلت: حماس، فقالت دعاء: أنتِ تشاهدين توفيق عكاشة كثيرًا، و“,”شكله“,” مؤثر على تفكيرك، وسألتني دعاء: زوجك متدين؟ فأجبت: جدًّا، سألتني: عارف ربنا؟ فأجبت: الحمد لله فرض بفرض. فسألت: ليه ما اعتبرتيش إنه عمل عملية استشهادية في إسرائيل لنصرة الدين الإسلامي؟ فأجبت: زوجي سيترك مراته وأولاده ويطلع يعمل عملية استشهادية؟!، وبعدين يا زهراء أنا بأقولّك زوجي متدين وليس “,”متطرف“,”، فسألت: هو معنى إنه يستشهد في سبيل الله إنه متطرف؟ فقلت لها: يا ستي الشهادة في سبيل الله لها أشكال مختلفة مش لازم الاستشهاد.
تصف دعاء عقلية زهراء الشاطر “,”بالمهلبية“,”؛ فقالت: ذات يوم اتصلت بي وقالت: إحكي يا دعاء، أبي يتناول وجبة الغداء ويريد سماع شكواك، فقلت لها: طب يرد عليَّا، فقالت مقاطعة: احكي يا ستي مش دي القضية..!
وبدأت في استرسال الأزمة التي أعاني منها، وأثناء ذلك سمعت صوت زهراء يقول: “,”كملي أبي يسمعك“,”، مؤكدة أن الشاطر أجرى اتصالاً بحماس وأنكروا –كالعادة – معرفتهم بالأمر، سألتها: طب همَّا راحوا فين؟ فقالت زهراء: صلي وادعي، الله وحده قادر يحل مشكلة زوجك“,”.
اختتمت دعاء حديثها: لم تنفع الجولات المكوكية لمجلسي الشعب والشورى وجماعة الإخوان المسلمين، حتى النائب العام حوّل بلاغنا إلى نيابة التجمع الخامس؛ ومن ثم تحولت إلى نيابة شمال سيناء لأسباب غير معروفة، والوزارة تصرف مرتب زوجي بدون أي مبالغ إضافية..
“,”بس أنا عاوزة أقول حاجة: أنا مش عاوزة فلوس، أنا عاوزة أبو الولاد، لمَّا بأشوف أولاد باقي الضباط تغالبني الدموع.. إحنا لو ما عشناش أزمة بعض مش حنتقدم أبدًا.. لو ما حسيناش ببعض عمرنا ما حنكون كويسين.. اللي أنا فيه كارثة ولا أعرف مداها“,”.