الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

المنفلوطي.. صاحب العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي
مصطفى لطفي المنفلوطي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعتبر المنفلوطي واحدًا من كبار أدباء عصر التنوير في مصر، حيث ساهم بشكل كبير في الحركة الثقافية والأدبية المصرية في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وتنوعت ثقافته بين العربية والفرنسية، فدرس أمهات الكتب وتتلمذ على يد كبار المشايخ من أمثال الإمام محمد عبده، وفي الوقت نفسه طالع وترجم العديد من المؤلفات، ليترك لنا في النهاية إرثًا متنوعًا ساهم في النهضة الثقافية المصرية، قبل أن يرحل عن عالمنا عام 1924.
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي عام 1876 لأب مصري وأم تركية في مدينة منفلوط بأسيوط، ويمتد نسبه لأسرة حسينية مشهورة بالتقوى والعلم تولى أبناؤها العديد من المناصب منها قضاة شرعيون ونقباء، ونهج الفتى سبيل آبائه في الثقافة، والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك، فحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره ثم أرسله أبوه إلى الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له، فتلقى طوال عشر سنوات علوم العربية، والقرآن الكريم، والحديث الشريف، والتاريخ، والفقه وبعض شروحات الأدب العربي الكلاسيكي.
بعد ثلاث سنوات من إقامته في الأزهر بدأت النزعة الأدبية للمنفلوطي تتضح، فبدأ يتزود من كتب التراث، وجمع مع دروسه الأزهرية التقليدية قراءة متأملة واعية في دواوين شعراء المدرسة الشامية، كأعمال أبي تمام، والبحتري، والمتنبي، والشريف الرضي؛ إضافة إلى النثر كأعمال عبد الحميد، وابن المقفع، وابن خلدون، وابن الاثير؛ وأكثر من المطالعة في كتب الأغاني، والعقد الفريد، وزهر الآداب، وغيرها، وكان هذا التحصيل الجاد رفيع المستوى أثرًا عليه.
لم يلبث المنفلوطي، وهو في مقتبل عمره أن اتصل بالشيخ الإمام محمد عبده، الذي كان إمام عصره في العلم والإيمان، فلزم المنفلوطي حلقته في الأزهر، يستمع منه شروحاته العميقة لآيات القرآن الكريم، ومعاني الإسلام، بعيدًا عن التزمت والخرافات، وبعد وفاه أستاذه عاد المنفلوطى إلى بلده، حيث مكث عامين متفرغًا لدراسة كتب الأدب القديم، فعاد يقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي وأبى العلاء المعري، وكوّن لنفسه أسلوبًا خاصًا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه.
كتب المنفلوطى أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأي، وقد بدأت هذه الأعمال تنتشر في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح، والهلال، والجامعة، والعمدة، وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهي "المؤيد"، وكتب مقالات بعنوان "نظرات" جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء، تناولت الأدب الاجتماعي، والنقد، والسياسة، والإسلاميات، وأيضًا مجموعة من القصص القصيرة الموضوعة أو المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في الصحف، وقد بدأ كتابتها منذ عام 1907؛ وكتب "العبرات" الذي يضم تسع قصص، ثلاثة كتبها وواحدة مقتبسة من قصة أمريكية اسمها "صراخ القبور" للكاتب جبران خليل جبران، وجعلها بعنوان "العقاب"، وخمس قصص قام بتعريبها وهي "الشهداء، الذكرى، الجزاء، الضحية، الانتقام"، وقد طبع الكتاب عام 1916، وترجمه باقر المنطقي التبريزي إلى الفارسيَّة بعنوان "قطره های اشک"؛ كذلك ترجمرواية "في سبيل التاج" ترجمها من اللغة الفرنسية وتصرف بها، وهي أساسًا مأساة شعرية تمثيلية، كتبها فرانسو كوبيه أحد أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا. وأهداها المنفلوطي إلى سعد زغلول عام 1920، ورواية "بول وفرجيني" التي صاغها بعد ترجمته لها من الفرنسية وجعلها بعنوان "الفضيلة" وتسرد عدة أحداث من أهمها الحب العذري لبول وفرجيني، والمكافحة في سبيل أن يبقى هذا الحب خالدًا للأبد في قلوبهما، والقصة في الأصل من تأليف الكاتب برناردين دي سان بيير، وهو من أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا وكتبت عام 1789، ورواية "الشاعر" وهي في الأصل بعنوان "سيرانو دي برجراك" عن الشخصية بنفس الاسم.