لاشك أننا إن طبقنا القاعدة سالفة الذكر في المقال السابق، والتي أصلَّ لها علماءنا المتقدمون، في إطار العلم الفذ النادر، بل والمنحصر في المسلمين: علم "أصول الفقه"، والتي تؤكد على ضرورة "تحرير موطن النزاع" قبل الخوض في مسألة من المسائل لدراستها و بحثها على أُسس علمية سليمة، بما يضمن لنا الخروج بنتائج منضبطة، و مقبولة شرعًا وعقلًا.. لو طبقنا هذه القاعدة "تحرير موطن النزاع" على النزاع الدائر والمفتعل! منذ فترة في وسائل الإعلام المختلفة، فلا شك في أنه سوف يكون لهذا التطبيق نتائج ذات بالٍ، تكون بمقدورها أن تفك الاشتباك بين الطرفين المتنازعين بغير بينة ولاعلم صحيح أو فهم مستقيم! بل قد نُفاجئ في الأخير أن الطرفين المتنازعين متفقين فيما بينهما على الكثير من الأمور والمسائل والتفاصيل، تمام الاتفاق وهما لا يدريان، وما ذلك إلا لكونهما لم يحددا موطن النزاع بينهما من الأساس، فإذا ما سحبنا هذه القاعدة على هذه المسألة المثارة إعلاميًا –وبلا مبرر!- منذ مدة، ويتنازع حولها طرفان بل أطراف متعددة، وكل يأخذ أشد الأمور تطرفًا، ومعلوم أن كلا طرفي قصد الأمور ذميم، و أن خير الأمور أوسطها، إذا طبقنا هذه القاعدة "تحرير موطن النزاع" على هذه المسألة "النقاب"، و الذي هو عبارة عن قطعة قماش تغطي بها المرأة وجهها، إذا طبقنا هذه القاعدة على "النقاب"، وجدنا أننا بحاجة إلى أن نطرح أولًا عدة أسئلة ونجيب عليها، لنحدد بعد ذلك موطن النزاع في المسألة، وينظر كل طرف أين يضع قدميه قبل أن يغوص في ماهية البحث، ولكي نحدد موطن النزاع فلابد وقبل كل شيء أن نجيب عن: هل النزاع في هذه المسألة على مشروعية النقاب من عدمه؟ أو على فرضيته على المسلمة من عدم فرضيته؟! وكذلك أيضًا نحتاج إلى أن نجيب عن سؤال هام جدًا متعلق بالتوقيت، أو: لماذا الآن؟! لماذا طرح هذه المسألة وإثارة هذه الفتنة في هذا التوقيت تحديدًا؟! بل لماذا تثار الأزمة تلو الأزمة والفتنة تلو الفتنة في أمور دينية محضة عبر وسائل الإعلام وليس في حلقات العلم ومحافل البحث وقاعات الدرس، ولا تكاد تموت فتنة أو تهدأ، حتى تسعى فئات بعين...
آراء حرة
النقاب .. وسطٌ بين تطرفين!! "2"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق