الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الغنوشي والموت الرحيم للإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يمكن قراءة الرسالة المنسوبه لراشد الغنوشى، زعيم حركة النهضة الإخوانية فى تونس والتى هدد فيها بالانقلاب على الجماعة بمعزل عن كتابات الدكتور محمد حبيب، نائب المرشد السابق التى ترصد غروب شمس تنظيم الإخوان، وتحلل الجماعة من الداخل، واشتغال الصراع بين السياسى والدعوى، والحصار السياسى والاقتصادى الكبير الذى يواجه التنظيم فى كل دول العالم تقريبًا.
كما كانت مصر هى البداية، كانت عنوان نهاية فرقة "حسن البنا وسيد قطب" بعدما استحكمت قبضة الدولة المصرية، وعادت لممارسة أدوارها المفقودة فى المجتمع، وشعرت أجهزتها باليقظة الكاملة بعد سنوات طويلة من الخمول والاتفاقات والمصالحات الواهية.
تاريخ الإخوان هو تاريخ العنف والدم، فمن رحم الجماعة خرجت كل التنظيمات التكفيرية التى اختارت العنف مسارا ومنهجا، وكشفت الوجه القبيح للتنظيم العسكرى وخلاياه المسلحة، التى تقتل وتفجر وتحرق من أجل العودة للحياة بعدما سقطت دولتهم وانهارت صورتهم البراقة فى المجتمع.
بالتأكيد جذورها المسمومة مازالت موجودة تمارس هوايتها فى التشفى والمقارنات السخيفة بين حالنا الآن، وبين وقت "معزولهم" مرسى، من منا يستطيع أن ينسى تهديدات البلتاجى بالإرهاب والسيارات المفخخة، أو ينسى مظاهرات سيدات الجماعة المشجعة لفريق غانا بعد فوزه على منتخب مصر وضياع فرصة التأهل لكأس العالم.. تلك التصرفات التى تأكل الجذور والبذور، سقوطهم فى مصر كان أشبه بتتابع سقوط قطع الدومينو، بعدها توالى مسلسل الانهيار فى تونس وليبيا واليمن والأردن وسوريا، لم يبق للجسد الميت إكلينيكيا سوى الرقود فى غرفة الإنعاش التركية، وتلقى صدمات الإنعاش من خزانة قطر.. تمخض جبل الجماعة عن فأر، مجموعة قنوات تليفزيونية شتامة شماتة وبعض الممثلين الفشلة ومجموعة رؤساء تحرير عديمي الكفاءة يخفون انتماءهم للجماعة تحت جلودهم يحركون مواقع إليكترونية لمهاجمة الدولة المصرية بما تبقى من أموال الجماعة على أمل العودة، ناهيك عن طفل هارب يقود ما تبقى من الجماعة نحو حتفها.
تعارف الأطباء على إجراء "الموت الرحيم".. وهو ما يحاول أن يقوم به الغنوشى، فالتخلص من مرشد مصر كان أملا طال انتظاره للاستقلال لقيادات التنظيم فى شمال أفريقيا تحديدا والذين قرروا السير فى اتجاه مخالف لمسار الجماعة، لن تجد أفضل من الغنوشى ليقوم بهذا الدور، فهو من حذرهم من ترشيح أحد الإخوان للرئاسة، ثم حذرهم من الاستئثار بالسلطة، ثم حذرهم من مقاومة طوفان 30 يونيو، واليوم يقول إنه قد فاض به الكيل ولحظة الفراق بينه وبين الجماعة الرهابية قد اقتربت.
وقال الغنوشي في رسالته: "أنا مسلم تونسي، تونس هي وطني، وأنا مؤمن بأن الوطنية مهمة وأساسية ومفصلية فلن أسمح لأي ما كان أن يجردني من تونسيتي، ولن أقبل أي عدوان على تونس حتى لو كان من أصحاب الرسالة الواحدة".
وأضاف: "أنا الآن أعلن أمامكم أن تونسيتي هي الأعلى والأهم، لا أريد لتونس أن تكون ليبيا المجاورة ولا العراق البعيد، أريد لتونس أن تحمي أبناءها بكل أطيافهم وألوانهم السياسية، أنا وبالفم الملآن أعلن لكم أن طريقكم خاطئ، وجلب الويلات على كل المنطقة، لقد تعاميتم عن الواقع وبينتم الأحلام والأوهام وأسقطتم من حساباتكم الشعوب وقدراتها".
وتابع: "لقد حذرتكم في مصر وسوريا واليمن، ولكن لا حياة لمن تنادي، أنا الآن جندي للدفاع عن أراضي تونس، ولن أسمح للإرهاب مهما كان عنوانه أن يستهدف وطني، لأن سقوط الوطن يعني سقوطي، عليكم أن تعوا ولو لمرة واحدة خطورة ما يحصل ومن هو المستفيد، لقد صورتم لنا أن مصر ستنهار، وأنكم ستستعيدون الحكم في مصر خلال أسابيع أو أشهر، ولكن للأسف فقد أثبتم أنكم قليلو الحيلة، وتحالفتم مع منظمات إرهابية تدمر أوطانكم، ماذا سيتبقى لكم في حال دمار وطنكم؟ يجب ألا تكون الكراسي هي الهدف فالوطن هو الأهم.
لم يبتعد الغنوشى عن حقيقه ما حدث فى يناير 2011 ، فلقد كان أوباما وأردوغان يرتبان الشرق الأوسط على مقاس التجربة الإسلامية الناجحة فى تركيا أو هكذا صورها الإعلام الدولى وقتها، وبالفعل نجحت التجربة واكتسحوا كل التجارب الانتخابية ولعبوا على كل الأحبال، وقدموا كل فروض الطاعة والولاء لإسرائيل وإيران وهما القوتان الأهم فى المنطقة والأقرب للولايات المتحدة والغرب، وحاولوا أن يوقفوا الهجرة من الجنوب للشمال، وسعوا إلى تغيير الصورة النمطية بدعم السياحة، والتقرب من الفنانين والصحفيين والمثقفين وشباب الثورة.
ولأن الطبع يغلب التطبع، سعى إخوان مصر إلى "التكويش" على كل شىء، بعكس الباقين، وناصبوا الجميع العداء.. فكان السقوط بثورة شعبية عارمة، وتنفس الشرق الأوسط الصعداء لتبدأ أكبر عملية تفكيك هادئة لأخطر تنظيم فى تاريخ العالم.
تزامن ذلك مع ظهور "داعش" وضربها لأفكار وأهداف الجماعة فى مقتل بتحقيق حلم "البنا" بإنشاء الخلافة على أرض العراق وسوريا، كما نجحت فى استقطاب شباب الجماعة أو من تربى على أفكارهم للقتال معهم، وترك التنظيم الأم، ومع الوقت التهم "داعش" ما تبقى من جسد الإخوان المنهك حتى يتنسى لها فرصة الاستئثار بقيادة التيار المتأسلم فى العالم ويصبح نموذج "داعش" هو النموذج المتأسلم الوحيد.