الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

طاهر أبو فاشا.. الكاتب السعيد ذو الرأي الرشيد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم ذكرى وفاة الشاعر والكاتب المصري الكبير طاهر أبو فاشا، وهو من مواليد محافظة دمياط يوم 22 ديسمبر 1908، وتوفي في مثل هذا اليوم عام 1989.
تخرج أبو فاشا في كلية دار العلوم عام 1939، وبعدها بدأ الانضمام للنوادي والمجالس الأدبية التي كانت منتشرة في مصر في ذلك الوقت، ولطالما أثرت الحياة الأدبية في مصر، ومن بينها ندوة القاياتي والتي تنسب إلى الشاعر المنياوي أحمد القاياتي، وضمت زمرة من كبار المثقفين من الأدباء والشعراء منهم حافظ إبراهيم وعبد العزيز البشري، وكامل كيلاني وزكي مبارك، وكانت مقرًا للحركة الوطنية أثناء الثورة العرابية.
اشتهر طاهر أبو فاشا بنحو 800 حلقة كتبها من "ألف ليلة وليلة"، والتي أذيعت على موجات إذاعة البرنامج العام، ولاقت شهرة وإقبالا جماهيريا منقطع النظير. وقال أبو فاشا في إحدى حواراته الصحفية عن ألف ليلة وليلة "أن الثمانمائة حلقة التي أذيعت ليست كلها من الكتاب لأن كل ما أخذناه من الكتاب هو 50 إلى 60 حلقة فقط انتهى بعدها الكتاب، وبدأت أنا أصنع حلقات جديدة من خيالي أو أصنعها من الحواديت التي أسمعها من جداتنا وما غير ذلك، أما لماذا لم نستكمل الحلقات إلى ألف ليلة فكان لذلك أسبابه إضافة إلى أننا أردنا إسدال الستار والناس يصفقون على أن نستمر وقد استنفدت الحلقات أغراضها".
أصدر أبو فاشا 6 دواوين صورة الشباب، القيثارة السارية، الليالي، دموع لا تجف، الأشواك والذي قدمه الشاعر الكبير مطران خليل مطران وقال في مقدمته عن أبو فاشا: "هو شاعر لا ريب فيه، ومجدد من طراز الذين لا تعوزهم قوة الديباجة وجمال العبارة"، ومن دواوينه أيضًا راهب الليل والذي حوي مجموعة القصائد التي غنتها أم كلثوم في فيلم رابعة العدوية، ومنها:
قصيدة "في بحار الندم"، وهي ـ أيضًا ـ من ألحان الموسيقار رياض السنباطي، منها:
على عيني بكت عيني 
على روحي جنت روحي
هــــواك وبعد ما بيني 
وبينك ســــرُّ تبريــــــحي
على عيني
على روحي
فيا غوثاه يا غوثاه
ومن طول النوى أوَّاه
وآه آهْ
وكذلك قصيدة "يقولون لي غنِّي" من ألحان الموسيقار كمال الطويل، ومطلعها
غريبٌ على باب الرجــــاءِ طريحُ
يناديكَ موصولَ الجــــوى وينوحُ
يهونُ عذابُ الجسْمِ والروحُ سالمٌ
فكيف وروحُ المستهامِ جــــروحُ
وقد تنوعت أشعاره بين العامية والعربية الفصحي وتميزة العامية منها ببساطتها ودقة تعبيرها والفصحي منها تميزت بلغة عربية سليمة وسحر خاص في إبلاغة والمواطن الجمالية المختلفة.ومن أشعاره العامية في حب بلده دمياط والتي لحنها وغناها سيد مكاوي: قالوا منين البلد أنا قلت دمياطي
وأبو المعاطي نزيل أرضي ودمياطي
بلد تجلي عليها المنعم العاطي 
وأولادها عمال لهم آمال صنايعيــــة
وأسطوات يا ولد ما يحطوهاش واطي
على دمياط هلي ها الله على دمياط هلي ها الله
على دمياط ياخدني الشوق أدق الباب وأشوف الأحباب 
وأمسي على الجمال والزوق وأجيب لي من ترابها حجاب
وأقول للنوتي ما تيللا ما طاب الريح وقال يللا 
على دمياط هلي ها الله
على دمياط وهات لي العود أحييها بلحن جديد
د يوم دمياط هنا الموعود ولما يعود يجينا العيد
وأقول للنوتي ما تيللا م طاب الريح وقال يللا
على دمياط هلي ها الله
ولابو فاشا عدة كتب أدبية تعد وجبة أدبية ثرية وعالية القيمة:هز القحوف في شرح قصيدة أبى شادوف، الذين أدركتهم حُرفة الأدب، تحقيق مقامات بيرم التونسي. العشق الإلهي 
وفي أدب رحلات كتب "وراء تمثال الحرية"، والذي كتبه أثناء رحلته إلى أمريكا لزيارة ابنته عزة، وكذلك كتابه20 يومًا في روما.
كما أن له العديد من الكتب ذات الموضوعات مختلفة وبعضها سياسي ومنها أيام وأحداث، الجمهورية العربية المتحدة، في معركة المصير العربي، قصة الســـد العالـــي، الجلاء مــن الألف إلى الياء، قصة ميناء دمياط. 
وبعد وفاة زوجته نازلي المهدي عام 1979 عانى حزنًا شديدًا وحاول التغلب عليه باستكمال إصدار دواوينه حتى كان ديوان "دموع لا تجف عام 1987 والذي أهداه إلى ورح زوجته وعبر فيه عن مدى الحزن والألم الذي ظل مسيطرًا عليه بعد فراقها ومن أشعار رثائها التي كتبها في هذا الديوان قصيدة بعنوان الكأس مطلعها: 
قلت للكأس والليالي غريمي 
أين يا كأس كــرمتي ونعيمــي
جمعَ الليلُ شاربيــــها فمـا لي
لا أرى بين شاربيــها نديــمي
كما سيطر عليه شديد الألم بعد وفاة ابنه الأكبر فيصل بفترة قصيرة من وفاة زوجته ومن رثائه له:
كم ذا ألاقي من الأيـــــام يا ولـدي
ولا أراك إذا يومـــــــــــــًا مددتُ يدي
خوفي عليكَ وخوفي منك يملؤني رعبــا 
من اليوم موصولًا برعْبِ غدي
هذا الذي كنتُ أرجوه ليحمــــلَني
فصرت أحملهُ شيــــخا بلا جَـــــــــــلَدِ
ومما قاله من أشعار وصف فيها حاله قبل رحيله:
غال الزمان زماني ثم خلفني..لعبرة الدهر تبكيني وتضحكني
تناكدتني أيامي على كبر..وأنكرتني الليالي وهي تعرفني
وزاد من وحشة الدنيا وقسوتها..فقد الذين هم أهلي وسكني
يا طول ليلي وقد نام الظلام به..وأستيقظ الألم الطاغي وأرقني.
وقد جمعت كامل أعماله الشعرية بعد وفاته حيث نشره الشاعر السعودي عبد الحميد مشخص على نفقته الخاصة وصدر عن مكتبة الملك فيصل عام 1992 وقدم الأديب الكبير المصري ثروت أباظة والذي وصف فيه كيف أثرت زيارات طاهر أبو الفاشا الثقافية لوالده وهو صغير في حبه للشعر واتجهاته الأدبية وقال عنه "لقد كان طاهر اذن أديبا شاملا فهو شاعر وقاص وهو باحث وكاتب درامي وهو فقيه في اللغة محيط بدقائقها وأسرارها"
كما قال "وكان طاهر مع هذا كله محدثا بارعا من طراز فريد يستهوي السامعين بظرفه ولطافة لسانه".
كما أشاد صديقه الشاعر الكبير فاروق شوشة بموهبة أبو فاشا المتفردة في مقال له بعنوان "في صحبة طاهر أبو فاشا قائلا "اكتملت من خلاله سمات شاعر يقتحم الساحة ويفرض اسمه على المجتمع الثقافي والواقع الأدبي"
توفي في مثل هذا اليوم 12 مايو عام 1989 عن عمر يناهز 81 عامًا بعد ما عانى قمة الأسي والوحشة بعد رحيل زوجته وابنه الأكبر وعادت عزة ابنته المهاجرة إلى أمريكا لتراه وقد ودعته إلى مثواه الأخير.