توقفنا فى الأسبوع الفائت - معشر القراء المكرمين - عند معرفة كيف كان يعتقد هذا المخبول «سيد قطب» صاحب المصطلح الخبيث: «جاهلية القرن العشرين»! وهو وأخوه الهالك «محمد قطب»، بأن البشرية كلها مرتدة عن الإسلام كافرة بالله العظيم، خارجة عن الملة، وأنه ليس فى الدنيا كلها مسلمٌ قط، سوى هو وأخيه، وجماعتهما الإرهابية التى ينتميان إليها، ألا وهى: جماعة الإخوان الإرهابية!.
بل ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وحده، ولكن «سيد قطب» قد جاوز هذا كله ونصَّب نفسه نبيًا ورسولًا!! يواجه كفار العالم (على طريقة: دون كيشوت!) بالقرآن، كما واجههم من قبل الرسول الأكرم - صل الله عليه وسلم - بالقرآن كذلك! فأى جنون وخبل وتخريف، وأى مرض نفسى كان يعيش فيه هذا الهبنقة!
يقول «سيد قطب»: «فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد!! وإلى جور الأديان! ونكصت عن «لا إله إلا الله»! (فالبشرية كلها من وجهة نظر المخبول «سيد قطب» وجماعته قد أطبقت على الكفر المطلق، وارتدت عن الإسلام وكفرت بــ«لا إله إلا الله»، ولم ينج من هذه الردة سوى سيد قطب وأخيه والإخوان!!) ، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن (لا إله إلا الله) دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعى هذا المدلول وهو يرددها! ودون أن يرفض شرعية (الحاكمية) التى يدعيها العباد ولأنفسهم!».
وهنا يؤكد هذا المخبول بالتكفير على أن المؤذنين الذين يرددون على المآذن «لا إله إلا الله» والذى هم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة، كما قال الرسول الأكرم والنبى الأعظم - صلى الله عليه وسلم - يؤكد «قطب» أنهم أشد كفرًا من غيرهم، لأنهم حين يرددونها، لا يعملون بمقتضاها، والذى هو من وجهة نظره: أن يقروا بشرعية حكم الإخوان، فإن رفضوا حكم الإخوان وأقروا لغيرهم بشرعية الحكم فقد ارتدوا وكفروا، ولن ينفعهم أن يرددوا فوق المآذن النداء آناء الليل وأطراف النهار!
ثم يزيد مخبول التكفير قائلًا: إن البشرية عادت إلى الجاهلية! وارتدت عن «لا إله إلا الله»!! فأعطت لهؤلاء (يقصد الحكام من غير جماعة الإخوان! فشرط الحاكم الوحيد كى يكون مسلمًا وموحدًا هو أن يكون إخوانيًا ليس إلا، وشرط الدولة والأمة الوحيد حتى تكون مسلمة ومؤمنة وموحدة وتخرج من الكفر إلى الإيمان هو أن تقر للإخوان بشرعية الحكم، فإن فعلت فهى الأمة المسلمة والموحدة، وإن كان قد أطبق أهلها بالفعل على الكفر، وأما إذا كانت الأمة بجميع أفرادها قد أسلمت قياتها لله ووحدت ربها الجليل سبحانه، واجتهدت فى طاعته وعبادته، ولكنها فى الوقت ذاته قد رفضت حكم الإخوان ولم تعطهم شرعية المُلك، فهى - و بلا شك - عند «سيد قطب» وعند أخيه الهالك «محمد قطب» وجماعتهما الإرهابية: الإخوان، من أهل الكفر والطغيان، لأنهم - فقط - قد رفضوا شرعية حكم الإخوان!) خصائص الألوهية!! ولم تعد توحد الله! وتخلص له الولاء!».
فهنا يؤكد «سيد قطب» ومن بعده أخوه، أيما تأكيد على أن توحيد - الله تعالى عن قولهما علوًا كبيرًا- منحصرٌ فقط فى الإيمان بشرعية الحكم الإخوانى، وأن من لم يقر للإخوان بالشرعية، فقد خرج من حظيرة الإيمان، وصار داخل معسكر الكفران، وتحول من عبادة رب العباد إلى عبادة العباد، وأصبح من عبدة الحكام، الذين يشركون الحكام - من غير الإخوان بالطبع - فى حكمه تعالى، وممن يعطون خصائص الألوهية لغير الرب الجليل، سبحانه وتعالى عما يقول «سيد قطب» وجماعته علوًا كبيرًا!!
ثم تأخذه نوبة جنونه وتتلبسه حالة الخبلان، فيدخل فى مرحلة الهذيان فيقول: «البشرية بجملتها! بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن فى مشارق الأرض ومغاربها كلمات «لا إله إلا الله» بلا مدلول، ولا واقع، هؤلاء أثقل إثمًا! وأشد عذابًا يوم القيامة!! لأنهم ارتدوا! إلى عبادة العباد»!!
فانظر - أيها القارئ المكرم - إلى أين وصل به الحد، فى الغى والضلال عن الحق، إلى تكفير البشرية كلها، بمن فيهم المؤذنون، ولا شك فى أن من دونهم أولى عنده منهم بالتكفير، وما ذلك إلا لكونهم أقروا بشرعية نظام للحكم، خارج عن الإخوان أو معادٍ لهم!! فأى خبل وصل إليه عقل المخبول ذاك؟!!
فهل يا ترى توقف خبل المخبول «سيد قطب» عند هذا الحد، أم زاد عليه، ما لا يبلغه الخيال، ولا يصل إليه ولا سكان البيمارستان؟!
و يا ترى أيضًا بماذا أمر «سيد قطب» أتباعه أن يدعو الناس إلى أتباعه، هذا كله ما سنذكره - إن شاء الله لنا ذلك - فى المقال القادم.
وفى الأسبوع القادم للحديث بقية، إن شاء ربُّ البرية.