هالني ما رأيته وسمعته طوال الأسبوع الماضي من تلاسن على صفحات التواصل الاجتماعي بين من يَدَّعون أنهم أنصار للشرطة والدولة المصرية وبين من يدعون أنهم أنصار لحرية الرأي والتعبير ونقابة الصحفيين، وصل التلاسن مداه حتى بتنا للأسف أمام "إعلام العار" في جهة و"داخلية البلطجية" في الجهة المقابلة.
شيء مؤسف أن تتحول سمعة الشرطة المصرية بكل تضحياتها وأبطالها ورموزها إلى بلطجية، والمؤسف أيضًا أن يتحول حراس الكلمة والضمير والفكر إلى إعلاميي وصحفيي العار وهادمي الدولة.
مأساة صنعها التمترس خلف الرأي الواحد والتشنج وعدم التريث والبطء في احتواء الأزمة.
لقد وضعتُ أمامي صورة الزميل تامر مجدي- كبير مراسلي قناة المحور- وهو يحتضن اللواء نبيل فراج أثناء استشهاده وهو يؤدي واجبه كقائد لمأمورية اقتحام كرداسة، تلك الصورة هي التي رافقتي طوال الأسبوع الماضي هي التي منحتني الثقة واليقين بأن الأزمة إلى زوال، فمعدن الرجال لا يظهر أبدا في لحظات الغضب والتشنج ولكنه يظهر جليًّا في المواقف الكبرى.
هل تذكرون معي محنتنا جميعا بلدًا وحكومة وشعبًا بعد الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١؟ هل تذكرون كيف حاول البعض تكسير عظام الشرطة المصرية وكسر إرادتها حتى انسحبت من الشوارع؟ وكيف ساعد الإعلام والصحفيون هذه المؤسسة الوطنية على النهوض من جديد والوقوف في وجه المخططات التي تحاك لهذا الوطن، هل تذكرون الشهيد البطل محمد مبروك؟ وكيف اخترقت رصاصات الغدر جسدة بأكمله لأنه قام بواجبه في كشف تخابر الجاسوس مرسي العياط ورفاقه؟ هل تذكرون معارك الإعلام الكبرى مع الجماعة الإرهابية وأنصار أبوإسماعيل وحصارهم لمدينة الإنتاج وتعليقهم لصور الإعلاميين ومجسماتهم على أعواد المشانق في مؤتمراتهم؟ هل تذكرون الشهيد البطل الحسيني أبوضيف الذي استشهد وهو يحاول أن يسجل بعدسته جرائم الجماعة الإرهابية ضد الوطن والمواطنين؟ هل يمكن بعد كل ذلك أن نطلق على الصحفيين والإعلاميين الآن "إعلام العار" أو نصف أبطال الشرطة بالبلطجية؟
إن دماء محمد مبروك والحسيني أبوضيف تلعن كل من استمرأ أن يطلق على الطرفين الوطنيين الكبيرين مثل تلك الألفاظ التي لا تليق بمصر وقائدها.. إن دماء الشهداء جميعا وأيام وليالي ٣٠ يونيو وما بعدها وافتراش الأرض من الجانبين في الميادين والشوارع تنادينا للوحدة والتوحد في مواجهة الخطر.. على العقلاء أن يتحركوا اليوم قبل الغد، فالوطن في حاجة لجهدنا جميعا، فأمامنا الكثير الذي نؤديه له وفاء للدين وإكراما لعظام الأجداد وهدية متواضعة للأجيال المقبلة.