الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حزب الوفد لا علاقة له بـ"سعد".. والحزب الناصري لا علاقة له بـ"ناصر"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يدعى حزب الوفد الحالى أنه امتداد لحزب الوفد القديم، وهذه أكبر الأكاذيب التي يرددها أصحاب الحزب، ومن أكبر الأخطاء الشائعة في حياتنا السياسية التي يرددها كثيرون! تمامًا كما ادعى الأعضاء القليلون المتبقون فيما سمى بالحزب الناصرى بعد ١٩٩٦ أن ذلك الحزب يعبر عن عبد الناصر والناصرية والناصريين! وهى أكذوبة أخرى وخطأ شائع آخر، بل يبلغ أيضًا حد النكتة الغليظة شديدة السخف، ونحن نعنى هنا الحزب الناصرى، قبل التشكيل الآخر الذي أعلن هذا العام، والذي لا تزال مواقفه غامضة وملتبسة، على الأقل بالنسبة لنا! إنما نعنى الحزب الناصرى بشقيه (أو انشقاقيه!)، ويكفى أنه لم توجد لهما تسمية يعرفان بها أو تدل عليهما (سوى القول: حزب أحمد حسن.. وحزب سامح عاشور!!)، فالحزب الناصرى انتهى وأخذ في التلاشى في عام ١٩٩٦، وبعد ولادته التي كانت مبشرة في عام ١٩٩٢، وقد خرج منه معظم الناصريين، بعضهم أسس حزب الكرامة وبعضهم ابتعد من يومها عن الحياة الحزبية برمتها! وكما وجدت معارك ساذجة بين الشقين (أو الانشقاقين) الناصريين، فيما تلى عام الانفجار الكبير في الحزب الذي أودى به (١٩٩٦)، وحتى عامنا (٢٠١٦)، أي لمدة عشرين سنة!! فإنه توجد معارك لا تقل سذاجة داخل أكثر من «شق» أو مجموعة بحزب الوفد الحالى، ولفرط ما يروجون لأكذوبة أن الوفد الجديد امتداد للوفد القديم، وترديد البعض لها، فإن الدولة «بجلالة قدرها» بل وممثلة في رئيسها نفسه تدخلت في محاولة «للصلح بين الطرفين المتعاركين»، وذلك تحت اسم الدفاع عن تماسك الحزب العريق، بل وعن الحياة الحزبية في مصر اليوم باعتبار أهمية هذا الحزب بالذات، وباعتبار «عراقته».. المزعومة! والحق أن الحزب الذي تكون في ظل حقبة ثورة ١٩١٩، وبزعامة رمزها سعد زغلول، ليس له أي علاقة بحزب الوفد الحالى، لا من حيث التوجه الوطنى الأصيل الذي تمتع به الحزب الأول، ولا من حيث تعبيره عن أكبر قطاع شعبى كالحال الذي كان في السنوات التي أعقبت ثورة ١٩١٩، وأكثر من ذلك فإن حزب الوفد القديم نفسه كان قد فقد الكثير من شعبيته ومن قيمته ومدى تعبيره عن الوطنية المصرية الحقة، خاصة بعد توقيعه معاهدة ١٩٣٦، وخصوصا أكثر بعد حادث ٤ فبراير ١٩٤٢ الشهير المرير!! وحينما قامت ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وألغت الأحزاب، فإنما كانت تلغى أحزابًا ميتة أو شبه ميتة أصلًا، ولم يكن قرار الإلغاء إلا إيذانًا وتصريحًا بدفنها (إكرامًا وإقرارًا بواقع حال)، بما في ذلك حزب الوفد، الذي كان قد سيطر عليه في تلك المرحلة الأخيرة، جناح الإقطاعيين أو كبار ملاك الأرض الزراعية، وكان «الرجل القوى» أو الزعيم ذو النفوذ هو فؤاد سراج الدين باشا، ممثلًا للعائلات الإقطاعية المسيطرة، وكان أقصى ما يستطيعه رئيس الوفد ذو الماضى القديم الوطنى النبيل في شبابه مصطفى النحاس، هو أن يحنى رأسه لعاصفة الواقع الجديد المر، وأن يحاول أن يوفق بين «السراجية» (إذا جاز التعبير) التي تهيمن، ومحاولات أو مجاهدات الشباب الذي يحاول أن يجدد وينقذ «الوفد» من مصيره البائس السائر إلى التهلكة وإلى النهاية القاسية المحتمة (شباب جناح الطليعة الوفدية ومن بين رموزه الناقد الرائد محمد مندور والسياسي مصطفى موسى وغيرهما)... وهكذا فإن «الوفد الجديد» الحالى، الذي ظهر في إطار التجربة الحزبية التي أطلقها السادات (مع انفتاحه الرأسمالي) منذ السبعينيات لا يمت بصلة لوفد سعد العريق.. بل ولا حتى لوفد النحاس بثنائية الجناح الإقطاعى المهيمن الذي يمسك بالمقاليد، والجناح الشبابى بحسيه الاجتماعى والنقدى الذي يحاول و«يعافر»! وثالث ما يطلق عليها «الأحزاب الكبيرة» قبل وبعد (ثورة ٢٠١١)، إلى جانب «الوفد» و«الناصرى» حزب التجمع اليسارى، وقد بدأ كبيرًا تحت قيادة خالد محيى الدين، ثم أخذ في الضعف تحت إدارة رفعت السعيد، وكما خرج ناصريو القطاع الأكثر حيوية من الحزب الناصرى ليؤسسوا حزب «الكرامة»، خرج يساريو الفصيل الأكثر حيوية من حزب التجمع ليؤسسوا حزب «التحالف الشعبى الاشتراكى». لكن الأحزاب الأحدث كلها تعانى مشكلات جمة، سواء لأسباب ذاتية أو لأسباب موضوعية أو لكليهما معًا.. وهى تجربة أحزاب تستحق حديثًا آخر.