الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

على سلم نقابة الصحفيين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا كان من الحقوق الأصيلة لوزارة الداخلية التصدى لكل خارج على القانون واتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع وقوع جريمة التظاهر دون ترخيص والتحريض على العنف، فإن من واجبها أيضا أن تتحرى الدقة والقانون عندما تتحرك لإلقاء القبض على الصحفيين الممارسين حتى من غير أعضاء النقابة أثناء تغطيتهم للتظاهرات، مرخصة كانت أو غير ذلك، بل من واجبها أن تمكنهم من أداء عملهم وتأمينهم فى حالة وجود خطر، ولا يجوز التعرض لصحفى إلا إذا تخلى عن كاميراته وقلمه، وشرع فى الهتاف والتظاهر فى تجمع غير قانونى. 
لذلك أخطأت القيادات الأمنية عندما منعت الصحفيين من دخول نقابتهم، فيما سمحت لآخرين بالتظاهر والاحتفال أمامها، وكان ينبغى أن تمنع وجود أى شخص غير صحفى، وأخطأت أيضا عندما اقتحم رجالها مقر النقابة، مساء الأحد الماضى، للقبض على صحافيين، ذلك أن اقتحام النقابة بهذا الأسلوب يصعد من المواجهة والصدام، وكان عليها التعامل مع الزميلين فى إطار القانون خارج مقر النقابة، وبعد إخطار مجلسها إذا كانا قد ارتكبا مخالفة تستوجب القبض عليهما. 
كما أن اقتحام مقر نقابة الرأى والحريات يعطى رسالة غير حميدة لا أظن أن النظام السياسى معنى بها، ويحول دفة المواجهة بين الصحفيين ووزارة الداخلية لتصبح بين النظام والنقابة، وهو أمر لا يرغب فيه الجميع. 
وفى المقابل، فإن الفرق شاسع بين المظاهرات التى كان يحتضنها سلم نقابة الصحفيين فى عهد مبارك وسنوات الفوضى التى تلت ٢٥ يناير ٢٠١١، وبين محاولات استثمار ذلك السلم لإثارة أجواء الفوضى والتوتر والعنف مجددا بزعم الانتفاض ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة السعودية.
صحيح أن الوجوه التى تسعى لاتخاذ سلم النقابة نقطة انطلاق لأعمال العنف والشغب كانت من المشاركين الرئيسين فى المظاهرات التى خرجت ضد مبارك، إلا أن الثابت أيضا أنها تعمل وفق أجندة هدفها الأساسى ضرب استقرار البلاد وزعزعة الثقة فى مؤسساتها الوطنية، وفى مقدمتها القوات المسلحة والرئاسة.
لا ينبغى أن ندفن رؤوسنا فى التراب، ونتجاهل حقيقة واضحة كالشمس، وهى أن المجموعات التى خرجت فى تظاهرة ١٥ إبريل ودعت إلى الاحتشاد أمام نقابة الصحفيين ومعظم الميادين فى ٢٥ إبريل الماضى هى ذاتها المجموعات التى تردد شعارات ضد الجيش، وتطالب بسقوط الدولة منذ يناير ٢٠١١، وأن رموزها قرروا استثمار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية لإشعال نيران الفتنة بين المصريين بعضهم البعض وبينهم وبين الدولة.
فالهتافات التى كان لها الحضور البارز فى تظاهرة ١٥ إبريل ركزت على ترديد عبارات (يسقط حكم العسكر الشعب يريد إسقاط النظام ارحل يا سيسي)، علاوة على ذلك أطلق رموز تلك المجموعات حملة تشكيك واسعة فى وطنية المؤسسة العسكرية، بسبب تأييدها للاتفاقية التى أعادت جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة السعودية. المعارضة الوطنية للاتفاقية لها طرقها وأساليبها المعروفة، لو صدقت نوايا أصحابها لاتخذوا سبيلا آخر غير التظاهر خارج القانون، وهو إيجاد آلية للتفاعل مع مجلس النواب، والتوصل إلى منهج يضمن شفافية دراسة الاتفاقية والوثائق المرتبطة بها، والتى تعكس وجهة نظر الطرفين المؤيد والمعارض، ومن ثم ضمان الالتزام بالقواعد الدستورية والقانونية فى عملية اتخاذ قرار النواب بشأن موقف الجزيرتين. لكن هذا المنهج الحريص على استقرار الوطن يتعارض مع أهداف ممول أجندة الفوضى، وللأسف تورط بعض أعضاء مجلس نقابة الصحفيين فى تأييد دعوات التظاهر خارج القانون والتحريض على الدولة بفتحهم أبواب النقابة أمام المتظاهرين من غير أعضائها، فيما عرفت بجمعة الأرض ١٥ إبريل الماضى. 
ويبدو أننا بحاجة لإعادة تعريف مفهوم الحرية على نحو يفصل بينها وبين الفوضى، فطالما أننا لسنا بصدد ثورة شعبية ضد النظام وقوانينه فعلى الجميع أن يلتزم القانون بمعنى أنه لا يصح أن تحتضن نقابة الصحفيين أو سلمها مظاهرة غير مرخصة، ويعلم الجميع أن إسقاط الدولة الهدف الرئيسى لمنظميها، ولا ينبغى لأعضاء مجلس النقابة الدفاع عن التظاهر خارج القانون، واعتباره من الحقوق الأساسية.