الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

قراءة جديدة فى ملفات الأمن القومى المصرى 6

عبدالرحيم علي يكتب: «أوباما».. سمسار الفتنة الذي زرع الوقيعة بين مصر والسعودية

عبد الرحيم على عضو
عبد الرحيم على عضو مجلس النواب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


 

- الرئيس الأمريكي طلب من «سلمان» وقف دعم «السيسي» على حساب «الإخوان» 

 

- «شكرى» و«فوزى» زارا السعودية لتطويق أي محاولة وقيعة بعد زيارة «أوباما»

 

- فايزة أبوالنجا واجهت وفدًا أمريكيًا بأن بلادهم تدعم الحرب التركية على القاهرة 

 

- واشنطن حاولت مقايضة الرياض بملف إيران للتخلى عن مصر.. والمملكة رفضت بكل قوة 

 

- عدم خروج مسئولين سعوديين رسميين لنفي وجود اختلاف بين البلدين ساعد في تمدد الشائعات

 


 

 

قبل أيام قليلة من وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، زاره الرئيس السيسى في المستشفى الذي كان يتلقى فيه العلاج، لم تكن الزيارة للاطمئنان فقط على صحة الرجل الكبير، والسند الذي وقف إلى جوار مصر في لحظة فاصلة وحاسمة، ولكنها كانت تعبيرا عن امتنان الرئيس المصرى، لرجل لولاه لخسر الموقف كثيرا على المستوى الدولى بعد ثورة 30 يونيو. 

 

كان المتربصون بمصر كثيرين، على رأسهم رئيس وزراء تركيا وقتها رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم، على شاشات التليفزيون وجدناهما يجلسان أمام جثمان الملك عبدالله، وكأنهما يعلنان للعالم كله، أن عهد هذا الرجل انتهى، وأن عصرا جديدا سيبدأ، وما دام كل منهما يجلس في هذا المكان، فحتما ستكون هناك معاملة مختلفة من قبل السعودية في الملف المصرى. 

 


 

في ٢٧ يناير زار أوباما ملك السعودية الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز، ليقدم العزاء في وفاة الملك الراحل، اصطحب الرئيس الأمريكى معه وفدا كبيرا ضم وزراء سابقين وأعضاء من الكونجرس ينتمون إلى الحزبين الجمهورى والديمقراطى، كما ضم الوفد أيضًا «جون برينان» رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكى. بوضوح شديد تحدث أوباما مع الملك سلمان على هامش العزاء عن رؤية الإدارة الأمريكية لما يحدث في مصر، مشيرا إلى تجربة الانتخابات وما أفرزته من وصول الإخوان، في إشارة إلى انتخابات ٢٠١٢ التي أتت بالإخوان إلى سدة السلطة في مصر، متناولا المعالجات التي تمت عقب تلك الانتخابات، باعتبارها نوعًا من الإقصاء لقوى سياسية بشكل غير ديمقراطى.

 

تجاهل أوباما ثورة الشعب المصرى في ٣٠ يونيو، وما حدث طوال عام كامل من حكم الجماعة الإرهابية، مبديًا تحفظ الإدارة الأمريكية على ما جرى، في إشارة أيضًا إلى إعلان الثالث من يوليو ٢٠١٣ الذي أنهى حقبة حكم الإخوان، ورسم خريطة طريق جديدة ارتضاها الشعب المصرى، كنتيجة منطقية لثورة يونيو المجيدة.

 

قال أوباما مخاطبًا القيادة السعودية الجديدة: إنه مهما كانت نتائج الديمقراطية، في إشارة أخرى إلى انتخابات ٢٠١٢، فإنه لا بد من احترامها فهى مفتاح حل كل الأزمات، وأضاف: «كان على المصريين أن يسلكوا طريق النضال الديمقراطى من أجل تصويب مسيرة الإخوان المسلمين أو إقصائهم، ولكن ما حصل في مصر قد شجع قاعدة عريضة من الشعب المصرى أو من غيره لدعم الإرهاب المتطرف كما شكلّ له بيئة حاضنة. 

 

خرج أوباما بنتيجة منطقية لرؤية الإدارة الأمريكية تلك، تتلخص في ضرورة فتح حوار مصرى- مصرى للخروج من هذا المأزق.

 

الغريب أن دعوات أوباما تلتها أصوات عديدة داخل مصر كانت الإدارة الأمريكية قد اتصلت بهم سرًا في الفترة الأخيرة، يتحدثون بنفس اللهجة حول المصالحة المزعومة، متجاهلين -كما أوباما وإدارته- الدماء التي سالت ولم تزل على طول البلاد وعرضها، من قبل العمليات الإرهابية التي قام بها التنظيم الإرهابى وحلفاؤه.

 

طلب أوباما من الجانب السعودى بشكل واضح أن يساعد الجهد الأمريكى، في هذا الشأن، محذرًا من انزلاق دول الخليج، على حد تعبيره، في معادلات تقديم الدعم لطرف والمجابهة مع طرف آخر، مطالبًا الإدارة الجديدة، متمثلة في الملك سلمان بن عبدالعزيز، بأن يكونوا توفيقيين وداعمين لحوار وطنى في مصر، يؤدى إلى تسوية مقبولة للجميع، مشددًا على أن ذلك هو الطريق الوحيد الذي يساهم في التصدى للإسلام السياسي الإرهابى والمتطرف.

 

لم يعلق أحد من الحاضرين على ما قاله أوباما، ما جعل الجانب الأمريكى يفسر هذا الصمت، بأن السعوديين يتفقون مع وجهة النظر التي طرحها الرئيس الأمريكى.

 


 

وكانت هذه- في اعتقادى- أول محاولة لزراعة الفتنة بين النظام السعودى الجديد، والنظام السياسي في مصر، فقد كان أوباما يعلم حجم الدعم الذي قدمه الملك عبدالله لمصر، فأراد أن يلعب في هذه المساحة لينفذ رؤيته هو، بأن تكف السعودية عن دعم مصر، إلا إذا خطت خطوات جادة في المصالحة مع الإخوان. 

 

كان الموقف الأمريكى في ما يتعلق بمصر واضحًا إذن، وهو وقف دعم السعودية للنظام المصرى، وأن تدعم المملكة موقف واشنطن الساعى لإيجاد تسوية داخلية في مصر يعود الإخوان من خلالها إلى المشهد السياسي المصرى.

 

كان هذا هو لب القصيد إذن، سد الطريق على أي انتصار للإرادة الشعبية المصرية، ضد المخطط الأمريكى الغربى، الهادف إلى تقسيم المنطقة، المخطط الذي تعلمه الإدارة السعودية الجديدة قبل القديمة، وتعلمه دول الخليج قبل القاهرة.

 

لقد سربت مصادر أمريكية، إلى قطر وتركيا، أن هناك تغييرًا ما في الموقف السعودى بشأن ما يجرى في مصر، حيث بدأت التحليلات تتوالى بأن السعودية قد غيّرت سياستها تجاه مصر، وأن القيادة السعودية الجديدة قد تراجعت عن دعمها لنظام الرئيس السيسى بصورة كبيرة.

 

والتقط الطُّعمَ إعلاميون مصريون وعرب كبار للأسف، دون أن يتمحصوا في تلك المعلومات ويدرسوا جهة إطلاقها. 

 

مصادر إعلامية سعودية مقربة من السلطة الجديدة، نفت بشكل مطلق كل ما سُرِب، ولكن نقطة الضعف في تلك التصريحات، أنه لم يخرج أي مسئول سعودى وقتها لينفى بشكل رسمى.

 

أقلقت هذه التسريبات القيادة السياسية في مصر، نوعًا ما، وعلى إثر ذلك وبعد مغادرة أوباما المنطقة وصل إلى الرياض كل من سامح شكرى وزير الخارجية المصرى، وخالد فوزى رئيس جهاز المخابرات العامة في زيارة خاطفة، للاطلاع على فحوى زيارة الرئيس أوباما للسعودية ونتائجها.

 

أبلغ السعوديون المصريين بأنه لا تغيير مطلقًا قد طرأ على الموقف السعودى بشأن دعم النظام المصرى، وأنّ موقفنا كان واضحًا وصريحًا، وهو أننا ندعم ونساند كل ما يقبل به المصريون، وأنه لا يمكن لنا أن نكون طرفًا في تبنى موقف ترفضه القيادة المصرية.

 


 

عاد الوفد المصرى مسرورًا بهذا الموقف السعودى الداعم للقيادة المصرية، لكنه لم يُخْفِ تخوفه من أمرين:

 

- أن يقنع الأمريكان السعوديين بفكرة الحوار الداخلى في مصر.

 

- وأن يستمر الأمريكان في المراهنة على دور أساسى ومهم للإخوان في المنطقة.

 

بعد عودة الوفد المصرى نشطت الدبلوماسية المصرية على جميع المستويات، خصوصا الخليجية «الإمارات، الكويت، والبحرين» لتوضيح موقفها الرافض لأى مصالحة مع الإرهابيين القتلة.

 

وردت الولايات المتحدة بشكل سافر، عندما استقبلت وفد الإخوان في وزارة الخارجية الأمريكية، والذي كان بمثابة رسالة للجميع، بأن جماعة الإخوان ما زالت خيارًا أساسيًا لدى الأمريكان، وأن وجودهم كجزء من المشهد السياسي المصرى، هو خيار ثابت لواشنطن بغض النظر عن رفض المصريين حكومة وشعبًا.

 

ترافق مع ذلك الموقف، نشاط إخوانى محموم في تركيا، التي أصبحت غرفة عمليات تدير الأحداث بشكل واضح ضد مصر، وكانت أحد التعبيرات عن هذا النشاط تلك المحطات الفضائية الإخوانية التي تبث من تركيا والتي وصلت إلى ٤ محطات تدعو ليل نهار بشكل واضح وصريح، إلى أعمال العنف والتفجيرات في مصر، وتطلق البيانات والتوجيهات لتحريك الأحداث، في ظل صمت أمريكى مطبق، لولاه ما جرؤت تركيا على أن تلعب هذا الدور في ضرب الاستقرار في مصر.

 

لم يتوقف العمل المصرى على الخارج فقط، بل جرى هنا في مصر ما يستحق التوثيق، فقد ترافق مع كل تلك التحركات، وصول وفد أمريكى غير رسمى، في زيارة استقصائية لمصر تدعم رؤية أوباما حول الحوار المصرى - المصرى، في إشارة إلى حوار بين السلطة والإخوان، للوصول لحل توافقى.

 

كان هدف الزيارة المعلن، هو تصويب العلاقات الأمريكية المصرية، الأمر الذي يمنع انزلاقها إلى درجة يصعب إصلاحها، وقد ضم الوفد كلًا من «ستيفان هادلى مستشار الأمن القومى الأسبق، وأنطونى زينى القائد الأسبق للقيادة المركزية الأمريكية، والسفير دانييل كيرتزر السفير الأمريكى الأسبق لدى مصر، والسيدة ويندى تشامبرلين رئيس معهد الشرق الأوسط، وبول سالم مستشار نائب رئيس معهد الشرق الأوسط».