دخل الصدام بين وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين مرحلة اللا عودة.. فبعد واقعة اقتحام الأمن لنقابة الصحفيين، تلك الواقعة المؤسفة التي لم تحدث طوال 75 عاما هي عمر النقابة، تسرب إلى إيميلات محرري وزارة الداخلية رسالة بريدية، عن طريق الخطأ طبعًا ولكنه ربما يكون خطأ مقصودًا، انكشفت خلاله خطة وزارة الداخلية لخوض المعركة مع الصحفيين بطرق غير مشروعة، من بينها تشويه صورتهم، وإلصاق اتهامات باطلة بهم عبر بعض اللواءات والأبواق الإعلامية التي اعتادت على موالاة الوزارة "عمال على بطال".
المؤسف في الأمر أن وزارة الداخلية لم تعتذر عما ورد بالرسالة، وإنما اعتذرت عن وصولها عن طريق الخطأ الإلكتروني، الذي نحمد الله أنه وقع، فلم تجرؤ على نفي المؤامرة، ولم تحاول الخروج من المأزق بأن هاكر اخترقوا إيميل الوزارة مثلاً كمحاولة لحفظ ماء الوجه، وهو ما يعتبر اعترافًا صريحًا وليس ضمنيًّا بخطة الوزارة لاستهداف الصحفيين.
ونسيت وزارة الداخلية أو بالأدق تناست أن نقابة الصحفيين وأعضاء جمعيتها العمومية كانوا دائما سندًا وداعمًا أساسيًّا لكشف المخططات الإرهابية حفاظا على الوطن، وحرصًا على استكمال مسيرة البناء والتنمية.
وفي هذا السياق، أود التأكيد على حقيقة مهمة أننا كصحفيين لسنا في صدام مع الداخلية، وإنما ندافع عن كرامة وحقوق الصحفيين التي انتُهكت، بعيدًا عن أي أيديولوجيات أو حسابات سياسية خاصة، لذا أطالب الزملاء في الفضائيات بعد الوقوع في الفخ المنصوب لنا جميعًا كإعلاميين مهمتنا الأساسية توعية المواطنين، والدفاع عن حقوقهم، وتوصيل أصواتهم للمسئولين وصناع القرار، فالصحافة هي ضمير الأمة، وإن سقطت ستسقط الأمة، ولن يكون هناك رادع لأحد لارتكاب أي مخالفة أو انتهاك أو اقتحام.
كما نعول على القيادة السياسية لسرعة التدخل لحسم هذا الجدل المتصاعد؛ لأن مزيدًا من السكوت يعني تفاقم الأزمة لأبعاد لا أحد يدرك مداها، وليس في صالح أحد الانجرار إلى هذه المنطقة.. من تصاعد الخلافات، ولوقف المزايدات المرفوضة، وحتى لا يستغل البعض الأزمة لتحقيق مآرب شخصية.
فالتدخل السريع من الرئيس عبدالفتاح السيسي سيوقف- بلا أدنى شك- كل مؤامرات إقحام مؤسسات الدولة في معارك جانبية لن يستفيد منها إلا المتربصون بأمن واستقرار هذ ا البلد الأمين.
إننا هنا لسنا في حاجة لتذكير الشعب بدور الصحافة الوطنية التي طالما عبرت عن مطالب الجماهير، والوقوف في وجه أي مسئول يحاول إساءة استغلال سلطاته، ومناصرة كل صاحب حق حتى يعود له حقه، ونتحمل في سبيل ذلك ما لا يطيقه بشر من أجل القيام بالرسالة المقدسة لصاحبة الجلالة.
وإن التئام الجمعية العمومية للصحفيين المقرر له ظهر غد الأربعاء إنما يعبر عن وحدة الصف الصحفي، والتنازل عن أي مآرب شخصية، وإعلاء كرامة وحقوق مهنة الصحافة التي تنص كل دساتير وقوانين العالم على صيانتها، والزود عنها ضد كل متربص بها، ويكفي أن نتذكر معًا تحمل الصحافة والصحفيين مسئولياتهم الوطنية في كل المعارك التي واجهت الوطن، فلا يليق معاقبة أصحاب هذه الرسالة المقدسة على النحو غير القانوني الذي جرى.
وأهيب بزملائي الصحفيين أن يكونوا على قدر المسئولية المنوطة بهم، ومعالجة الأزمة بالحكمة والعقل بعيدًا عن الانزلاق إلى أي منعطف آخر.. وعاشت حرية الصحافة، وحفظ الله مصر.. وربنا يستر.