الخميس 07 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فن صناعة الأعداء في نقابة الصحفيين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لست فى حاجة إلى تأكيد أننا نقف مع نظام عبدالفتاح السيسى فى خندق واحد، ندافع وندفع عنه البلاء، لأننا نعرف أن من يريدون به شرا يفعلون ذلك لأنهم يريدون بالوطن كله الهلاك، لكن ليس معنى هذا أن نصمت، عندما نرى أن هذا النظام يضر نفسه، ويتحرك بخطوات متسارعة لقطع يده التى هى أداته فى الدفاع عنه، وتفكيك كل المخططات التى تعمل على تفكيكه هو. 
لا تجعلوا من الصحفيين خصوما، لا تضعوهم فى خانة الأعداء، لأنهم فعليا ليسوا كذلك».
كنت قد ختمت مقالى «الصحافة والرئيس.. مَن يخطط لقطع يد السيسى» بهذه النصيحة، التى يعلم الله أنها خالصة لوجه الوطن، الذى نحلم به آمنا مستقرا خالصا لنا جميعا، لكن يبدو أنه لا أحد يقرأ، وإذا قرأ فإنه يتعالى ويستكبر، استنادا إلى غرور القوة الذى يورد أصحابه موارد التهلكة لا محالة. 
لن أتحدث عن عار ما حدث، سواء فى واقعة اقتحام نقابة الصحفيين مساء ١ مايو ٢٠١٦، أو تأكيد أن الرئاسة لم تكن تعرف بما سيحدث، وأنها مستاءة مما جرى، أو محاولة الداخلية التخلص من تبعات إثمها الفادح وجريمتها الكاملة بتصريحات متناقضة، لكننى سأتحدث عما بعد الطوفان الذى أعتقد أنه لن يمر بسلام، وإذا مر فإنه سيترك فى القلوب جرحا، وفى الحلوق غصة. 
مَن خططوا لاقتحام النقابة للقبض على اثنين من الزملاء، لم ينتبهوا إلى أنهم يجتهدون وببراعة فى صناعة أعداء جدد للنظام كله، يأخذون من مؤيديه ومناصريه ومن يحاولون مساندته والدفاع عنه، ليضعوهم فى خانة من يهتفون ضده، لأنهم لا يصدقون أن الداخلية يمكن أن تقدم على فعل شائن وشنيع مثل هذا من تلقاء نفسها. 
سأصدق أن مؤسسة الرئاسة لم تكن على علم بما حدث، سأصدق أنها عرفت الخبر مثلنا جميعا بعد دقائق من اقتحام النقابة، فما الذى فعلته لتحتوى الأزمة؟ إنها لم تعلق مجرد تعليق، ولم تسارع لاتخاذ إجراء يطفئ الحريق قبل أن يشتعل، وهو حريق تعلم مؤسسة الرئاسة أنه سيكون عظيما، فهل تفتقر مؤسسات الدولة إلى رجل رشيد، يفكر ويقرر بسرعة، حتى لا نصبح جميعا فى مواجهة بعضنا البعض؟ 
الاختلاف فى الرأى ليس جريمة، وحتى لو أصبح جريمة فى عرف نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى -وأتمنى ألا يحدث هذا أبدا- فليس من المنطقى ولا اللائق ولا القانونى أن يتم التعامل معه بهذه الصورة، التى تسىء إلى صورته ليس هنا فى مصر فقط، لكن فى العالم كله، وإذا كانت الداخلية تحتج بأن من قبضت عليهما من داخل النقابة صدر بحقهما أمر ضبط وإحضار، فهل يقولون لى ما الذى فعلوه مع حالات مماثلة يعرفونها هم جيدا.
تريدون أن تهزموا الصحافة إذن؟ 
حسنا ليكن لكم ما تريدون، لكن هل تعرفون أن هزيمة الصحافة إذا سمحنا نحن بذلك هى الهزيمة الكاملة لكم، إذا لم يكن الآن فغدا، وإن لم يكن غدا فبعد غد. 
لقد وضعت الصحافة نفسها فى خدمة هذا الوطن منذ اللحظة الأولى لظهورها، لا أحد يمكن أن ينكر ذلك أو يتنكر له أو يزايد عليه، وفى اللحظة التى يتصرف نظام أو جناح من أجنحته بطريقة يعتقد من خلالها أنه يستطيع أن يخصى الصحافة، فإنه بذلك لا يخصى إلا نفسه. 
ما الذى جناه النظام مما جرى؟ 
ببساطة شديدة وحّد جهود المتناقضين فى صفوف الصحفيين إلا قليلا جدا، واجه هتافات تتجاوز التضامن مع عمرو بدر ومحمود السقا، إلى هتافات عن ثورة تشيل ما تخلى، فهل هذا ما يريده النظام؟
سيعتقد الفاعلون فيه أنها مجرد أزمة سرعان ما يتجاوزونها، لكن عليهم أن يعرفوا أن معظم النار من مستصغر الشرر، مع العلم أن ما جرى ليس مستصغر شرر أبدا.
النظام الرشيد هو الذى يستوعب الكل، يصنع من الخصوم أصدقاء، لا أن يحول الأصدقاء إلى خصوم.. ومرة ثانية اللهم بلغت اللهم فاشهد.