الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

قيامة الكلمة الطيبة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع معايدة الأخوة المسيحيين بعيد القيامة المجيد، وجدتني أقف كثيرا أمام معنى كلمة القيامة بمعناها الاشمل الذي يمكن أن ينسحب من العيد إلى قيمة توحد الشعب المصري وتعطيه دفعه للقيام مرة أخرى بدورة التنويري التاريخي سواء في محيطة الإقليمي أو على مستوى العالم.
يحتاج المجتمع المصري إلى القيام من وضع الركود، إلى التقدم من وضع التخلف، كما يتوق أيضا إلى التسامح من وضع التعصب والى التراحم من وضع التفسخ، يبحث المصريون عن وسيلة للهروب من وضع التدهور والانحطاط.
لا ابحث هنا عن الأسباب فهي كثيرة ومتعددة، معظمها من صنع المجتمع ومؤسساته وحكوماته المتعاقبة، فغياب العدل والرحمة والمساواة والاحترام وشيوع الفساد والنهب والتعصب والجهل والتحرش تشارك فيها الجميع بنسب، منها ما يجهز ومنها ما سايره الناس، فما كان غير مقبول أصبح مقبولا في مجتمع تمرس على القبح واحتفى بالثقافة الهابطة والفن الرديء وأخلاق العشوائيات.
من اين نبدأ..
صلاح الفرد من صلاح المجتمع..القاعدة الأولى لأى إصلاح يمكن أن نفكر فيه للمجتمع، تأمل تلك المعاني التي غابت وكانت السبب في وضعنا الحالي. 
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «إن أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا وألطفهم بأهله»، وروي عنه صلى الله عليه وسلم «لا تحقرن ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» وقال في حديث آخر «وخالق الناس بخلق حسن».
و دعا السيد المسيح في موعظة الجبل البشر وقال " أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وأَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ "
وعرف البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريك الكرازة المرقسية القيامة على مستوى المجتمع بأنها ثقافة الحياة وعبور الإنسان من حالة التمرد والتمزق والتفرق أو التشتت إلى حالة المحبة الاخوية لكل إنسان في إطار التعاون المثمر من أجل الوطن الواحد. 
ويرى أن المجتمع يحتاج أناس يهبون حياتهم من أجل البذل والتضحية وإنكار الذات التي يستطيعون بها غزو قلوب فاعلي العنف على كل مستوى وفى كل مكان فاذا أراد الإنسان أن يكون له مكان في قلب الله، عليه أن يعمل سلامًا وصلحًا ويكون بالفعل وسيلة حقيقية لنشر السلام بين البشر أينما حلوا.
كما أوضح الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في خطبته أمام البرلمان الألماني أنَّ البِرَّ الذي هو قِمَّة الأدب والإحسان مع الوالدين، مطلوب هو بعينه مع من يسالمنا ولا يقاتلنا، وأن القسط والعدل والوفاء هو خُلق المسلم مع أخيه في الإسلام وأخيه في الإنسانية سواء بسواء.
ما سبق معانى طيبة غرستها الاديان في الإنسان تتمحور حول تهذيب اخلاق البشر، وأول ما يظهر من البشر هو كلامهم ومن هنا تأتى أهمية الكلمة ووخطورة ما ينقله اللسان سواء من اخلاق أو فحش، فلقد اختفت الكلمة الطيبة وحل محلها السباب والشتائم، في الشارع، في المواصلات العامة وحتى على صفحات التواصل الاجتماعي، اختفى الأدب واصبحت " قله الادب " هي السمة المعبرة عن المجتمع المصري في السنوات الأخيرة، انفجار اطاح بالأدب والذوق في التعامل بين الناس الا من رحم ربى. 
وتسبب اختفاء الكلمة الطيبة التي هي كما قال تعالى "﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم: 24-26]
أذكركم وأذكر نفسى بخطورة الكلمة، قبل أن تنطقها أو تكتبها انظر إلى أين ستأخذك انت ومستمعك أو قارئك وتدبر ما قاله الأديب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي في رائعتها الحسين ثائرا:
تعرف ما معنى الكلمة؟
مفتاح الجنة في كلمة
دخول النار على كلمة
وقضاء الله هو كلمة
الكلمة نور..
وبعض الكلمات قبور
وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري
الكلمة فرقان بين نبي وبغي
بالكلمة تنكشف الغمة
الكلمة نور
ودليل تتبعه الأمة.
عيسى ما كان سوى كلمة
أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين
فساروا يهدون العالم..
الكلمة زلزلت الظالم
الكلمة حصن الحرية
إن الكلمة مسئولية إن الرجل هو كلمة
شرف الله هو الكلمة.