تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
[email protected]
ما حملنا أقلامنا لننافق، وما سكبنا دماءنا حبرًا على الورق لنوالس ونداهن، وما منحنا الله قلوبًا مشتعلة بالبحث عن الحق والحقيقة لنصمت. إنني أتعبّد إلى الله بفضحهم وكشفهم وتقويمهم، أولئك المستعمرين لقلوب الناس باسم الدين، الناهبين أقواتهم تحت لافتات الخير، الآسرين إرادات العامة السياسية لصالح قوى التأسلم.
في الأسابيع الماضية قادتني إحدى الفضائيات الدينية لجريمة رسمية تتم تحت سمع وبصر كل الأجهزة، وفي غيبة تامة للرقابة والمحاسبة. في كل يوم يتكرر الإعلان عشرات المرات تحت عبارة: “,”أقرب طريق إلى الجنة“,”، حيث يدعو الإعلان في صور متداخلة لأفراد يؤدون الصلاة إلى التبرع لبناء مساجد جديدة تحت حساب ما بـ“,”بنك مصر“,”.
الجريمة واضحة المعالم. لا وزارة الأوقاف ولا جمعية أهلية وراء الحساب، وإنما مجموعة من الأشخاص الذين لا يعرف أحد شيئًا عن أمانتهم، ولا يوجد سبب للثقة في هؤلاء. سرقة علنية باسم الجنة يُثرى بها محتالون اعتادوا التجارة بدين الله.
قابلت أحدهم قبل بضع سنوات، وسألته في براءة صديق عن تلك الشقق السكنية التي اشتراها وهو لم يكمل بعد عامه الثلاثين، فقال لي إنه يجمع الزكاة في أحد المساجد الشهيرة بمدينة نصر. سألته: وما في ذلك؟ فأجابني دون خجل بأن هناك سهمًا في الزكاة للعاملين عليها، وكل ما يفعله أنه يحصل كل شهر على نسبة العُشر من حصيلة صندوق الزكاة لأن ذلك شرعي. والمدهش أن ذلك الواعظ الشاب يتبرع براتبه في وزارة الأوقاف إلى المفتش المسئول عنه.
ماذا تسموّن ذلك؟ تحايل على كتاب الله“,” استثمار للحية والجلباب؟ استيلاء على أموال الناس مقابل صكوك بالجنة؟
إنه ظلم وظلام ابتدعه المتأسلمون الجدد لجمع الأموال والعقارات. كهنوت يصنع “,”بنكنوت“,”، و“,”كروش“,” لا شيوخ، وثراء باسم السماء.
ولو افترضنا ـ تناسيًا وسذاجةً ـ أن التبرع لبناء المساجد يذهب بالفعل لبناء المساجد، ولا أحد يقتنص نصفه في ظل حالة الرقابة السائدة، فقولوا لي يا أصحاب العقول: أيُّ صدقة تجوز أن تذهب لبناء المساجد ونحن لدينا ثمانية مليون جائع؟ أيُّ خير تكسبه أمة الإسلام ببناء قبة ومئذنة جديدة وهناك 40% من الشعب المصري تحت خط الفقر؟
إن مساجدنا ولله الحمد كثيرة، حتى أننا نجد بين كل مسجد ومسجد هناك مساجد، لكن مستشفياتنا ومدارسنا ومراكز الأبحاث أقل مما يجب.
إنني لا أجد حرجًا أن أدعوكم بلين ألا تتبرعوا لبناء المساجد، بل تبرعوا لبناء المدارس والمصانع ومراكز الأبحاث والمعامل العلمية.
إنني أتذكره وهو على فراش الموت يهتف: “,”ولكنه دينٌ أردت صلاحه/ أخاف أن تقضي عليه العمائم ُ“,”فرحمة الله على الإمام محمد عبده مجدد الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله“,”.