كان المسلسل بـاسم (سها هانم رقصت على السلالم)، ولم أجده يعبر تماما عن المسلسل، ولكنى لم أمانع وكان عن فتاة صغيرة بريئة تعيش مع والدها فقط والذي اكتشف مبكرا أنه قد يتوفى قريبا ولم يخبرها بل راح يبحث لابنته عن شخص طيب وأمين ويثق فيه. حتى وجده وكان يعمل معه، بينما كانت هي بحكم سنها كمراهقة معجبة بفتى شاب يسكن في مواجهة بيتهم وعندما فاجأها بالعريس لم تملك إلا أن تنصاع لرغبته، لحبها له، وكما تنبأ الأب مات بعد أيام قليلة، فصدمت بقوة وخرجت تمشى على غير هدى ولما عادت لمنزلها لم تجد أباها بل وجدت شخصا غريبا عليها لا تذكر أنها تعرفه وقد مسحت من ذاكرتها الأيام القليلة التي عاشت فيها معه بسبب وفاة الأب فراحت تصرخ وتلم الجيران وعبثا يحاولون إقناعها بأنه زوجها.
ويأتيها طبيب نفسى يقترح أن تبقى معه لمدة شهر وبعدها تقرر هل تعيش معه أم يرحل عنها فوافقت، لكنها حرصت ألا تلتقى به طيلة هذا الشهر ورضخ الزوج ثم طلقها وابتعد عنها.
فتبدأ حياة جديدة بلا أب أو أم. وشعر جارها أنها مرحبة به فدخل معها في علاقة بريئة لكنها بعد فترة تكتشف أنه ليس الحبيب الذي كانت تعتقده.
وكانت الحلقة العاشرة وفيها توقفت قبل أن تدخل في تجارب أخرى، ولكن فجأة توقفت الإذاعة المصرية عن إذاعة الحلقة الحادية عشرة وألغت بقية المسلسل دون أي مبرر لكن المبرر جاء بسرعة من جماعة السلفيين والإخوان معا بدعوى أنه يحض على الفجور والخلاعة، خاصة أنه في شهر رمضان المعظم وكنا في ١٥ أغسطس من عام ٧٧ وكان السادات قد استبدل بالقوى الناصرية والاشتراكية التي كانت ترفضه، الإخوان والسلفيين معا والذين سارعوا لدبج المقالات ضد المسلسل، وعشرات لا حصر لها من نكات كاريكاتورية رخيصة، ونشر خبر وقف المسلسل ليلا وعليه صورة فؤاد المهندس وكأنه المجرم.
ولا أعرف لماذا استقبلت هذا بهدوء شديد بل نمت يومها مبكرا على غير العادة، ولكنى قرأت في النهار التالى خبر إدخال فؤاد المهندس لعلاجه بسب صدمة عنيفة لما حدث له وظل بها لأيام.
وذهبت كالعادة للتليفزيون لمتابعة مسلسل (حكاية ميزو) الذي كان يسجل في نفس الوقت بلا أي مشاكل. ولكن المخرج كان جديدا وجاء لى من الرقابة برفض نحو سبعة مواقف من العمل وسألنى ماذا نفعل؟، قلت له بهدوء لا تفعل أي شيء بل صور ما هو مكتوب، لكنه لم يعرف كيف يتصرف. قلت له إما أن تفعل ذلك أو توقف العمل كله أو تمضى فيه وإلا لن أعطيكم بقية الحلقات ولا أريد أي مليم من أجرى، ولا يهمنى أن يوقفونى عن الكتابة للتليفزيون أو غيره ولو لآخر العمر.
وكان من الأشياء التي شطبت عليها الرقابة جملة تقال على لسان سمير غانم عندما تسأله زوجته عن رأيه في استخدام بيتهوفن للموسيقى النحاسية في أحد أعماله فيقول كأنه عالم (إن الموسيقى النحاسية ليست الموضة فقد استخدمت كثيرا)، فكتبت الرقابة المرتعشة والجاهلة في نفس الوقت أننى أشير إلى عهد النحاس باشا، وكنا كما قلت لك في عام ١٩٧٧!، وأذعن المخرج لما قلته ولم تحذف الرقابة أي حرف.
وجاء إلىّ في نفس الوقت رجل يعمل بالإذاعة يطلب منى أن أعطية باقي
مسلسل (سها هانم)!. فقلت إنه أوقف من الإذاعة فقال إنه يعرف لكنها
ستذاع على عدة إذاعات عربية بحكم العقود التي وقعوها معهم.
فقلت له بخبث لكنى لا أقدر أن أخالف التعليمات، وبعد تحايل منه علىّ أعطيته الحلقات العشر الأخيرة وكانت معى وأذيعت في البلاد العربية كما هي.
بالطبع لم يكن في حلقات (سها هانم) أي مشكلة وكانت تنتهى بأن سها تكتشف أن من ظنت أنهم من الحملان هم من الذئاب.
واكتشفت أن شخصا لا تعرفه ولم تره كان يكشفهم لها واحدا وراء الآخر ويظهر في النهاية أنه نفس الرجل الذي اختاره لها والدها لكى لا تخطئ الطريق، لكن السلفيين والإخوان أخذوها حجة لكى يدعموا قوتهم، ويبقى أن رئيسة الإذاعة المصرية التي شاركت في المنع كانت وقتها أختا لفؤاد المهندس.
لكن لم يمنع هذا أن يتعاون المهندس معى في مسرحية بعد ثلاث سنوات فقط.