الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جاهلية القرن العشرين "٢"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن مصطلح «جاهلية القرن العشرين» الذى ابتكره واخترعه «سيد قطب» واقتبسه منه أخوه الهالك «محمد قطب»، فجعله عنوانًا لكتابٍ تافهٍ له بالتكفير والإرهاب، فضلًا عن الحقد والغل والكراهية التى تفوح رائحتها المنتنة من ثنايا سطوره، لم يكن هذا المصطلح أمرًا هامشيًا أو عابرًا فى حياة وكتابات «سيد قطب» وأتباعه، وإنما كان أسلوب حياة، ومنهاجا مستقرا وصراطا معوِّجا يسيرون عليه طوال حياتهم!
بل يمكننا أن نقول إن هذا المصطلح كان هو الفكرة الجامعة أو الملخص الوافى الذى يمكن أن يجمع فى ثناياه وتضاعيفه كل ما كتبه «سيد قطب» فى حياته أو كتبه أتباعه بعد وفاته.
فكل ما كتبه «قطب» وكذلك أتباعه وتلاميذه فى داخل الجماعة الإرهابية الأم للإرهاب فى العالم «جماعة الإخوان الإرهابية» أو خارجها، إنما أُسس على هذا المصطلح من اعتقاد «جاهلية القرن العشرين»!
فالجاهلية مرادفة للتكفير ولا شك، إذ إنها ترتبط ذهنيًا بالحالة قبل البعثة النبوية الشريفة، التى كان عليها العرب، بل والبشرية بجملتها قد أطبقت على الكفر، فإذا ما تم سحب هذا المصطلح الخاص بحقبة زمنية معينة، ومن ثم إسقاطه على حقبة أخرى، فهو يعنى –ولا شك- تطابق الحقبتين فى الحكم، وأنهما معًا فى الكفر سواء!
والمقصود عند «سيد قطب» وأتباعه من هذا المصطلح الخبيث أن يقال: إن جاهلية القرن العشرين الميلادى وكفره، هى عينها جاهلية القرن السادس الميلادى وكفره حذو النعل بالنعل!
فالبشرية من وجهة النظر القطبية قد أطبقت فى القرن العشرين الميلادى على الكفر تمامًا كما كانت فى القرن السادس الميلادى قد أطبقت على الكفر، ولا فارق!
فإذا فهمت هذا –أيها القارئ المكرم- فإنك ولا شك يمكنك أن تفهم كل ما كتبه «سيد قطب» وأتباعه من بعده فى تكفير البشرية كلها، وليس المسلمين وحدهم، بل وتكفير أشد المؤمنين إيمانًا، وتكفير حتى المؤذنين على المنابر!
ومن هذا المنطلق كان «سيد قطب»، ولا يزال هو «إمام المكفرين»! فى العصر بلا منازع، وذلك أن «سيدًا» لم يكن يكفّر الحكام فحسب، بل لقد كان يكفر الشعوب الإسلامية بل والبشرية كلها، حتى لقد كفر المؤذنين على المنابر، كما مر، ولقد حشا كتبه بالتكفير الصِرف والحكم على المجتمعات الإسلامية فضلًا عن غير الإسلامية بأنها «مجتمعات جاهلية»، لا سيما فى كتابه «فى ظلال القرآن»، وكتابه «معالم فى الطريق».
فمن أقواله فى التكفير للبشرية بجملتها: «لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين للبشرية! (يتضح لك هنا جليًا –أيها القارئ المكرم- أنه يؤسس على قاعدته «جاهلية القرن العشرين»، وأن القرن العشرين عنده، تمامًا كالقرن السادس الميلادى قبل البعثة النبوية المباركة!)، وانتكست البشرية بجملتها إلى الجاهلية!! فهى لا تتبع دين الله أصلاً!! وعاد هذا القرآن يواجه البشرية كما واجهها أول مرة! (يعنى فى القرن السابع الميلادى!) يستهدف فيها نفس ما استهدفه فى المرة الأولى من إدخالها فى الإسلام!»، (فالناس فى القرن العشرين الميلادى عند «سيد قطب» ومن وجهة نظره الخبيثة! كفار تمامًا كما كان الناس فى القرنين السادس والسابع الميلادى، يسعى الإسلام الذى يمثله النبيان! «سيد قطب» و«حسن البنا» ورفاقهما إلى إدخالهم فى دين الله أفواجًا كما فعل النبى الكريم –صلى الله عليه وسلم- فى القرن السابع الميلادى!!) ابتداءً من العقيدة والتصور ثم إدخالهم فى دين الله بعد ذلك من ناحية النظام والواقع!!
فانظر –أيها القارئ المكرم- كيف يعتقد هذا المخبول! بأن البشرية كلها مرتدة كافرة، خارجة عن الملة، وأنه ليس فى الدنيا كلها مسلم، إلا هو وجماعته الإرهابية التى ينتمى إليها، ألا وهى: جماعة الإخوان الإرهابية؟!
بل ولم يتوقف عند هذا الحد وحده، ولكنه نصَّب نفسه نبيًا ورسولًا!! يواجه كفار العالم بالقرآن كما واجههم من قبل الرسول الأكرم –صلى الله عليه وسلم- بالقرآن كذلك! فأى جنون وخبل وتخريف، وأى حالة من حالات المرض النفسى كان يعيشها هذا الهبنقة!
ويقول أيضا: «فقد ارتدت (لا حظ أنه استعمل هنا مصطلح الردة التى تعنى: الخروج من الإسلام والعودة إلى الكفر!) البشرية إلى عبادة العباد!! وإلى جور الأديان! ونكصت (نكصت تعنى: أحجمت والمقصود كفرت!) عن لا إله إلا الله! (فالبشرية كلها من وجهة نظر «سيد قطب» وجماعته قد أطبقت على الكفر المطلق، وارتدت عن الإسلام وكفرت بــ«لا إله إلا الله»، ولم ينج من هذه الردة سوى «سيد قطب» والإخوان!!)، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن «لا إله إلا الله» دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعنى هذا المدلول وهو يرددها! ودون أن يرفض شرعية «الحاكمية» التى يدعيها العباد ولأنفسهم! (وهنا تجرأ «سيد قطب» فكفر من نعتهم الرسول الأكرم –صلى الله عليه وسلم- بأنهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة، فناقض هذا المأفون والمخبول حديث الرسول، وكأنما يدعى لنفسه علمًا لم يعلمه الرسول الأكرم والنبى الأعظم –صلى الله عليه وسلم! بل ويؤكد أنهم أشد كفرًا من غيرهم، لأنهم حين يرددونها، لا يعملون بمقتضاها، والذى هو من وجهة نظره: أن يقروا فقط بشرعية حكم الإخوان، فإن رفضوا حكم الإخوان وأقروا لغيرهم بشرعية الحكم فقد ارتدوا وكفروا، ولن ينفعهم أن يرددوا فوق المآذن النداء آناء الليل وأطراف النهار!). 
فهل يا تُرى توقف حقد «سيد قطب» عند هذا الحد أم زاد عليه؟
هذا ما سنعرفه فى مقال الأسبوع القادم إن شاء الله.
وفى الأسبوع القادم للحديث بقية.. إن شاء ربُّ البرية.