اجتمعوا في يوليو 2013 لبحث سبل عودة «مرسي» للحكم بالتشاور مع «مكتب الإرشاد»
«التنظيم الدولى» حمل على عاتقه مخاطبة دول العالم للتعامل مع «٣٠ يونيو» كانقلاب عسكري
مرحلة المواجهة بدأت مع تولى «السيسى» الحكم فشكلوا برلمانًا موازيًا كُلف بمهمة تحريض الغرب ضد القاهرة
ظلت جماعة الإخوان المسلمين تراوغنا لسنوات طويلة، ناكرة ومتنكرة أن هناك تنظيما دوليا للجماعة، لم تخدعنى أقاويلهم المغلوطة، ولا حيلهم التي كانوا يحيكونها بليل، مبكرا جدا نشرت أكثر من دراسة تؤكد وجود التنظيم الدولى وتكشف خططه.
عندما وصل الجاسوس محمد مرسي إلى قصر الاتحادية في أكثر الانتخابات المصرية زيفا وخداعا، كان قد استقبل أعضاء من التنظيم الدولى للجماعة، جاءوا ليهنئوه بالرئاسة، ويهنئوا أنفسهم بأنهم وضعوا أيديهم على رقبة مصر، وقد كشفت ذلك بالصور والوثائق في حينه.
بعد 30 يونيو كشر التنظيم الدولى لجماعة الإخوان عن أنيابه، كانت الصدمة كبيرة، فالجماعة تهزم في دولة المنشأ، تواجه خطرا كبيرا لا يمكن السكوت عليه، وبدأ رجال التنظيم في العمل.
اعتقد قادة التنظيم الدولى للإخوان أن المواجهة سهلة، وبدءوا في العمل ضد مصر، كان حلمهم ولا يزال هو أن تنكسر ثورة الشعب المصرى، فيعودوا مرة أخرى إلى الحكم، دون أن ينتبهوا إلى أن الإخوان لم يخرجوا من الحياة السياسية فقط، بل خرجوا أيضا من الضمير الشعبى المصرى.
ما الذي فعلوه؟
الإجابة لدى بالوقائع والأسماء، وهى كثيرة، ولا يمكن أن ينساها التاريخ، ولا يمكن لنا نحن أيضا أن ننساها، واسمحوا لى أن أصيغها في محطات محددة.
المحطة الأولى: عقد التنظيم الدولى في ٤ يوليو ٢٠١٣ (أي بعد يوم واحد من عزل محمد مرسي بثورة شعبية ساندها الجيش) اجتماعا بقيادة جمعة أمين، نائب المرشد العام للجماعة، وحضره إبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم الدولى، وعدد آخر من قيادات الجماعة.
كان الهدف الأول لهذا الاجتماع هو بحث سبل إعادة مرسي إلى الحكم بالتشاور مع مكتب الإرشاد في مصر الذي قرر الاستمرار في الاعتصام المفتوح بميدانى رابعة العدوية والنهضة، وهو الاعتصام الذي كان قد بدأ رسميا في ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
وافق التنظيم الدولى على استمرار الاعتصام والمظاهرات في مصر، واختار أن يقوم هو بمخاطبة دول العالم المختلفة لمطالبتهم بالتنديد بما جرى في مصر، والتعامل معه على أنه انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية.
على الفور، أرسل التنظيم رسائل إلى كل دول العالم، وهى الرسائل التي لم يتفاعل معها بشكل جدى إلا تركيا وقطر، وردت بقية الدول بردود دبلوماسية، أكدوا فيها أنهم ينتظرون معرفة ما تم في مصر أولا، قبل أن يقولوا كلمتهم النهائية.
بالتوازى مع هذه الرسائل، أجرى التنظيم الدولى عبر رجاله في أمريكا اتصالا بالإدارة الأمريكية لمطالبتها بالتدخل وإعادته إلى الحكم في مصر، مستندا في ذلك إلى أن أمريكا هي الحليف الأهم والأكثر تأثيرا لمصر.
بعد تنديد أمريكى مبدئى بما حدث في مصر، عادت الولايات المتحدة خطوة للوراء بعد أن رأت الدعم الشعبى الهائل لعزل مرسي، واتفقت مع التنظيم الدولى للإخوان على إرسال آن باترسون السفيرة الأمريكية بالقاهرة لتمثيل أمريكا فيما يشبه الوساطة بين الإخوان والنظام الجديد القائم وقتها بقيادة الرئيس عدلى منصور.
عقدت باترسون عدة اجتماعات مع قيادات الإخوان، بدأت في ٢٥ يوليو عام ٢٠١٣ مع الثنائى عمرو دراج الذي عمل وزيرا للتخطيط والتعاون الدولى إلى جوار مرسي، ومحمد على بشر الذي كان وزيرا للتنمية الإدارية كممثلين للإخوان، واستمرت حتى اليوم الأخير للسفيرة الأمريكية بالقاهرة قبل إنهاء عملها ٢٩ أغسطس ٢٠١٣، ولم تسفر عن أية نتائج، فقد كانت الجماعة تعيش في وهم كبير أن مرسي لا بد أن يعود مرة أخرى، وهو الأمر الذي كان في حكم المستحيلات بعد الثورة.
المحطة الثانية: أدرك التنظيم الدولى للإخوان رفض أمريكا الخوض في أي صدام مع مصر، خاصة في ظل الدعم الشعبى الكبير لعزل مرسي، فقرر التنظيم أن يبدأ في حيلة أخرى لإسقاط الدولة الجديدة التي قامت على أطلال جماعته، وهى المقاضاة الدولية لعناصر النظام الجديد بتهمة الانقلاب العسكري على الرئيس الإخوانى محمد مرسي.
حدث هذا بالفعل، فقد قام التنظيم الدولى بتشكيل فريق قانونى بقيادة اللورد «كين ماكدونالد» المدعى العام البريطانى السابق، و«طيب على» الإخوانى الإنجليزى ذى الأصول العربية، لرفع تلك القضية في العديد من المحاكم الدولية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية بلاهاى بهولندا.
فشل هذا الفريق القانونى فشلا ذريعا في الترويج لقضية عزل مرسي، حتى جاء فض اعتصام الإخوان في رابعة يوم ١٤ أغسطس ٢٠١٣، وترويج الجماعة الإرهابية لوجود آلاف القتلى والمصابين، فتحدث الداهية «ماكدونالد» للتنظيم الدولى كى يحولوا صراعهم مع مصر من صراع على كرسى إلى صراع حقوقى، يرفع شعار وجود انتهاكات في حقوق الإنسان كأساس له.
المحطة الثالثة: بدأت بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، حيث كلف التنظيم الدولى فريقه القانونى برفع العديد من الدعاوى القضائية ضد مصر بتهمة فض اعتصام رابعة ومقتل الآلاف، ومن جهته قام الفريق القانونى بتزويد أعضائه واختيار محامين جدد متخصصين في هذا الملف، فوقع الاختيار على المحامى الهولندى «أندريه سبرخت» الذي قام برفع دعوى قضائية ضد النظام المصرى بقيادة الرئيس عدلى منصور أمام القضاء الهولندى، ووزير العدل الأمريكى السابق رمزى كلارك الذي قاد العديد من الدعاوى القضائية ضد النظام من أمريكا ومعه صديقه المحامى الدولى الأمريكى «كرتس دوبلر».
المحطة الرابعة: بعد أن نجحت مصر في إنهاء المرحلة الانتقالية الأولى، وانتخبت رئيسا جديدا هو عبدالفتاح السيسى، بدأ التنظيم الدولى مرحلة جديدة من مراحل المواجهة.
عقد التنظيم اجتماعا هاما في ديسمبر عام ٢٠١٤ بلندن، اعتمد خلاله إستراتيجية جديدة لمحاربة الدولة المصرية، وكان الجديد في هذا الاجتماع استعراض نصيحة حزب العدالة والتنمية التركى الحاكم للإخوان بالابتعاد عن مراسلة الحكومات المختلفة كونها لن تتخذ أي إجراءات تصعيدية حفاظا على علاقاتها الدبلوماسية مع مصر، والبدء في مراسلة البرلمانات الدولية المختلفة ذات السلطة الأقوى والقادرة على الضغط على حكوماتها لتحقيق أهداف وأغراض الجماعة، ولا تهتم بمسألة علاقات الدبلوماسية في عملها.
أعلنت جماعة الإخوان الإرهابية تشكيل برلمان موازٍ تابع لها، يتكون من أعضاء برلمان الإخوان الذين نجحوا في الهروب من مصر، وتم إعلان اختيار ثروت نافع رئيسا لهذا البرلمان، وجمال حشمت عضو مجلس شورى الإخوان وكيلا له يوم ٢٠ ديسمبر عام ٢٠١٤، وتم تكليف هذا المجلس بمهمة التواصل مع برلمانات العالم المختلفة، ومحاولة إقناعهم أنهم هم البرلمان الشرعى لمصر، ومن ثم تحريضهم ضد النظام السياسي القائم حاليا.
فور انتهاء تشكيل المجلس الذي عقد مؤتمرا على يومين في إسطنبول بتركيا، بدأت رحلاته المكوكية لبرلمانات العالم، وقيامه بتجنيد العديد من النواب لخدمة مصالحه وأهدافه داخل البرلمانات العالمية، وعقد البرلمان الإخوانى المزعوم لقاء مع البرلمان التركى الذي اعترف بشرعيته ودعمه، ثم بدأ في جولة أوروبية بدأها بالجلوس مع البرلمان الألمانى بقيادة رئيسه نوربرت لأمرت، ونجح البرلمان الإخوانى في تحريضه ضد مصر من خلال عرض تقارير مفبركة عن فض رابعة، مما جعل رئيس البرلمان الألمانى يرفض زيارة الرئيس السيسى له.
سافر أيضا وفد من برلمان الإخوان إلى البرلمان الأوروبي بقيادة مارتن شولتز، ونجحوا في تحريضه ضد مصر، كما قاموا من خلال هذا البرلمان بعقد عدة جلسات مع نواب من بلجيكا وفرنسا وهولاندا لتحريضهم ضد مصر، مما شكلوا لوبى خاصا بهم فيه، كانت نتيجته إصدار هذا البرلمان أكثر من بيان يهاجم النظام المصرى الحالى بحجة وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، كما تقدم عدد من نواب هذا البرلمان مطلع شهر مارس الماضى بطلب لمناقشة قطع المعونات الدولية لمصر بسبب مقتل الباحث الإيطالى ريجينى.
استمرت الزيارات الإخوانية لبرلمانات العالم، فنجحوا في عقد عدة جلسات بالكونجرس الأمريكى للتحريض ضد مصر، والمطالبة بوقف المعونات لها بجانب زيارات خاصة مع عدد من النواب الأمريكيين، ولعل أبرزهم النائب جون فاسو، والنائب ديفيد بايس عضو اللجنة المسئولة عن تخصيص المنح في الكونجرس الأمريكى، هذا بجانب عقدها لقاء مع نواب عن البرلمان الإنجليزى، وأبرزهم النائبة المسلمة ذات الأصول العربية بارونيس أودين، ونواب من البرلمان الفرنسى، وعلى رأسهم البرلمانى المؤيد لجماعة الإخوان ماثيو هانوتين، وأخيرا عقدوا لقاء مع وفد من البرلمان الماليزى، وعلى رأسه النائبة نور الإيمان.
المحطة الخامسة: في أغسطس ٢٠١٤ أقر التنظيم الدولى للجماعة تأسيس كيان متخصص في فبركة تقارير عن حقوق الإنسان في مصر وتدويلها، يعرف باسم «المجلس الثورى المصرى» بقيادة مها عزام.
كان الهدف المعلن من هذا الكيان هو تجميع المصريين الداعمين للرئيس المعزول محمد مرسي في أوروبا، أما الهدف السرى فهو تولى الحقيبة الحقوقية بالتنظيم الدولى للإخوان.
بدأ المجلس على الفور التحضير للقاءات بمختلف دول العالم للتحريض ضد مصر من خلال تقارير مفبركة، كتبها واعتمدها بالتعاون مع عدد من أذرعه مثل منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية التي يتولى رئاستها في الشرق الأوسط وليد شرابى أمين عام هذا المجلس.
عقد هذا المجلس العديد من اللقاءات مع منظمات حقوقية دولية لدعمه، وأخذ موافقته على رفع دعاوى قضائية ضد مصر، بحجة وجود انتهاكات حقوق الإنسان، وكانت آخر تلك القضايا التي قبلت بالفعل أمام المحكمة الأفريقية منذ أيام، كما قام هذا المجلس بتولى مراسلة المنظمات والمؤسسات الدولية لمطالبته برفع أيديها عن النظام.
كانت أبرز الرسائل التي أرسلها هذا المجلس بتوقيع مها عزام العام الماضى إلى بان كى مون أمين عام الأمم المتحدة، لمطالبته بمنع الرئيس عبدالفتاح السيسى من زيارة الأمم المتحدة، وإلقاء كلمته في افتتاح الدورة الـ٧٠، هذا إضافة إلى رسالة خاصة للحكومة الإيطالية منذ أيام لتحريضها ضد مصر في حادث مقتل الباحث الإيطالى ريجينى، وأخيرا رسالة إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما لمطالبته باتخاذ إجراءات حاسمة ضد مصر قبل انتهاء ولايته الأخيرة في رئاسة أمريكا.
المحطة السادسة: إلى جانب هذه الإستراتيجيات في الحرب، بدأ التنظيم الدولى في حيلة جديدة وهى الترويج لسيناريو وهمى عن المصالحة مع النظام في مصر، والبدء في جس نبضه حول تلك المصالحة، وبالفعل تم تكليف عمرو فاروق أمين عام حزب الوسط بهذه المهمة، والذي قام بدوره بالاتصال بمحمد عبد الوهاب منسق عام تحالف الوفاق الوطنى، وصاحب آخر مبادرات المصالحة مع الإخوان، كى يجتمع مع الدكتور كمال الهلباوى القيادى الإخوانى المنشق، لجعله يجس نبض الدولة بشأن المصالحة مع الإخوان.
أرسل التنظيم الدولى محمود حسين إلى تركيا لعقد اجتماع مع سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، من أجل الاتفاق على صيغة للمصالحة الوطنية بين الدولة والإخوان، وقد تم تسريب تفاصيل هذا الاجتماع.
من خلال هذا العرض لحيل وألاعيب التنظيم الدولى للإخوان، التي تهدف من خلالها إلى تنفيذ خطة إنهاك النظام المصرى وإرهاق الدولة المصرية، طمعا في أن نستسلم، يمكن أن نحدد ملامح حرب هذا التنظيم ضدنا... وهى ملامح محددة لم تنته حتى الآن، بل لا تزال فاعلة، صحيح أن التواصل مع دول العالم المختلفة أصبح تجارة بائرة، فلم يعد كثيرون يسمعون للجماعة، بعد أن قامت الدبلوماسية المصرية بجهود جبارة لإظهار حقيقة ما يجرى في مصر، إلا أن الكيانات الشيطانية التي كونها التنظيم الدولى لا تزال فاعلة.
أمامنا خطوط واضحة لا يزال التنظيم يعمل عليها وهى على النحو التالى:
أولا: اللعب على الملف الحقوقى.. فقد كلفت الجماعة محمد محسوب الذي كان وزيرا في عهد الرئيس المعزول برئاسة جولات التفاوض ورفع القضايا وتقديم الهدايا إلى مسئولى وزارات الخارجية الأوروبية والحقوقيين بما يتجاوز ١٠ ملايين دولار وفقا لمصادر داخل الجماعة.
كلفوه أيضا برفع عدد جديد من الدعاوى القضائية، إضافة لعدد من اللقاءات والاجتماعات التي جمعتهم بعدد من الحقوقيين، وقاموا بدفع أموال كبيرة من أجل الضغط في هذا الملف لإحراج الرئيس السيسى والنظام المصرى خارجيا.
ووفقا لمصادر مؤكدة، فإن ما يقرب من ١٠٠ أسرة إخوانية من ضحايا فض رابعة تم عقد لقاءات بينهم وبين مسئولى السفارات في مصر، وبعضهم التقوا مسئولين في الخارج، وذلك للحصول على لجوء سياسي، وإظهار النظام المصرى على أنه يقوم بعملية اضطهاد ممنهجة لهم.
تم الاتفاق مع شركة محاماة أمريكية دورها إقامة دعاوى قضائية ضد السيسى، والتواصل مع المنظمات الحقوقية، وتقديم ما يثبت وجود عنف ضد الإخوان من خلال فيديوهات تم تصويرها بعناية.
تواصلت الجماعة عبر مكتبها في لندن الذي يترأسه الأمين العام للإخوان إبراهيم منير ومحمود سودان مسئول العلاقات الخارجية للجماعة مع عدد من شركات العلاقات العامة في أمريكا، لتبنى حملة لتجميل وجه الجماعة، وبيان أفكارها الرافضة للعنف وتاريخها منذ تأسيسها في ١٩٢٨، وأنها لم تتورط في أعمال عنف قديمة أو جديدة، وكذلك دورها في ثورة يناير وفقا لما كشفت عنه مصادر داخل التنظيم.
ثانيا: المواجهة على المستوى الإعلامي، فعلى الرغم من تراجع وسائل إعلامية عديدة كانت الجماعة تعتمد عليها في مواجهة النظام، إلا أنها لم تتخل عن كتائبها الإلكترونية في بث الشائعات وفبركة الأخبار ونشر التقارير المغلوطة عن النظام المصرى ورموزه، وكلها شائعات تعمل على إشعال الفتنة في الشارع المصرى.
ثالثا: إعادة اللعب على ملف المصالحة.. وهى لعبة يهدف الإخوان من خلالها إلى إحراج النظام المصرى حاليا، فالنظام ليس وحده صاحب القرار في إقرار المصالحة، ثم إن الحديث عن المصالحة في النهاية سيحدث فتنة في المجتمع المصرى، فهناك من يرفض بشكل قطاع أن تجرى أي مصالحة مع الجماعة، وهؤلاء سيقفون ضد النظام إذا ما فكر في التقارب مع الجماعة الإرهابية.