فى هذا اليوم المجيد تُذكرنا قيامة السيد المسيح بقيامة مصر من قبور المؤامرت، التى ينسجها لها طيور الظلام وأهل الشر طالبين موتها، ودفن ريادتها، وزرع الفتن بين أبنائها، فإذا هى قائمة ضد كل السهام، متحدة فى قوة وبلا تهاون، تنظر وتنتظر غدًا أفضل، تفرح بوحدة أبنائها المسلمين والأقباط، الذين يهنئون بعضهم البعض بالأعياد رغم أنف الكارهين والحاقدين والمتشددين، فرحين بدفء الأحضان وصدقها متكاتفين فى التصدي للإرهاب وأذياله وجنوده، لتحقيق انتصار لا يقل عن انتصار قيامة المسيح، انتصار يغلب الظلمة بنور التعاليم والقيم الطيبة التى طالبت بنشر الحب والخير والحق والجمال والسلام.
ما أجمل أن نتذكر كلماته الخالدة "طوبى للمساكين بالروح.. لأن لهم ملكوت السماوات، طوبى للحزانى؛ لأنهم يتعزون، طوبى للودعاء؛ لأنهم يرثون الأرض، طوبى للجياع والعطاش إلى البر؛ لأنهم يشبعون، طوبى للرحماء؛ لأنهم يرحمون، طوبى لأنقياء القلب؛ لأنهم يعاينون الله، طوبى لصانعى السلام، طوبى للمطرودين من أجل البِر؛ لأن لهم ملكوت السماوات، طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة، افرحوا وتهللوا، أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم".
إن قيامة السيد المسيح تكمن فى حب الوطن الذى عبر عنه المتنيح العظيم قداسة البابا شنودة الثالث فى جملته الخالدة: "إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا»، هذا الوطن الذى ينتفض ضد أعداء الخارج والداخل، أنارت كنائسه بشموع الحب وصلوات القيامة، هذه الكنائس التى أراد أبناء الظلام من الإرهابيين هدمها وحرقها، واعتبرها قداسة البابا تواضروس الثانى فداءً للوطن، وقربان محبة من أجله، ها هى تتزين بالفرح وتنفض من الرماد، وتهزم الكراهية وتعلن قيامة المسيح وقيامة مصر أيضًا.
هذه القيامة التى تتطلب الوحدة والاصطفاف والعمل الدائم ليل نهار، هذه القيامة التى تتطلب هزيمة الإرهاب فى سيناء، وتتطلب نشر روح الرجاء والأمل، فقيامة المسيح تعنى فى درسها الأكبر هزيمة اليأس؛ ذلك اليأس الذى يبثه الكارهون لمصر وقيامتها، وسوف يهزم المصريون -كل المصريين، المحتفلين بالأمل دائمًا، تظللهم روح المحبة والتسامح والعيش المشترك، والثقة فى الغد الأفضل- دعاوى اليأس ومخططات الفرقة والكراهية.
إن قلوبنا وهى تهنئ إخوتنا المسيحيين بعيد قيامة السيد المسيح، تأمل وتثق فى قيامة مصر لتعود "أُمًّا للدنيا كلها".