الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

"الصليب".. حب حتى الموت

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الوجود الإنسانى على سطح الأرض أسرار عديدة، البعض نعرفه وكثير نجهله، على قمة أسرار ذلك الوجود نجد «الحب» شعورا وإحساسا يفهمه الإنسان بدرجات متفاوتة، ويعبر عنه قولاً أو فعلا أو سلوكا أو إحساسا أو شعرا أو فنا، بل يعتبر «الحب» هو مفتاح قلب أى إنسان فى كل زمان وفى كل مكان.
الإنسان كائن جائع إلى الحب يحتاج أن يشبع، والنفس الشبعانة «من الحب أساسا» تدوس العسل، «أى إغراء آخر»، كما يعلمنا سفر الأمثال «٢٧ : ٧».
أما الموت فهو سر آخر من أسرار الوجود البشرى، به تنتهى رحلة حياة الإنسان إلى الشاطئ الآخر من الحياة، والموت هو ذلك الزائر المزعج الذى يحمل الإنسان بعيداً عن الأرض، ويشكل لغزاً وسراً لا نعرف كنهه تفصيلاً، ومعرفتنا عن الحياة الجديدة نستقيها من الكتب المقدسة واختبارات حياة الآباء والقديسين، ثم يأتى المسيح المصلوب ليقدم لنا بنفسه شرحاً عميقاً لهذه الأسرار مجتمعة، فيكون الصليب هو سر الحب حتى الموت.
فى سنوات خدمة السيد المسيح العلنية صنع معجزات عديدة، وقدم تعاليم كثيرة بعضها أمثال توضيحية وبعضها وصايا وقيم، كما تقابل مع الشخصيات أفراداً وجماعات، رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، البعض من قمة السلم الاجتماعى والبعض من متوسطى الحال، وكل هذه كانت تشير إلى ذلك اليوم العظيم يوم الصليب المجيد.
لقد قدم حبه العجيب بكل شكل ولكل من تقابل وتلامس معه، ولكن كانت واقعة الصليب هى التعبير الأقوى عن ذلك الحب، وقد سبقها مباشرة حادثة لها دلالة بالغة وهى غسل الأرجل.
إنه من السهل أن نغسل أرجل الذين نحبهم مثل الأم التى لا تجد حرجاً فى غسل ابنها، أو الممرضة التى تغسل مريضاً أو مسناً، ولكن غسل أرجل من أهاننى أو ضايقنى بالتأكيد أمر صعب أو حتى مستحيل، وربما رد فعل بطرس الرسول عن هذا الأمر يوضح لنا شيئاً كما نقرأه فى «يوحنا ١٣» فى ذلك الحوار الرائع:
بطرس: يا سيد أنت تغسل رجلى.
يسوع: لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد.
بطرس: لن تغسل رجلى أبداً!
يسوع: إن كنت لا أغسلك فليس لك معى نصيب.
بطرس: يا سيد ليس رجلى فقط بل يدى ورأسى.
يسوع: الذى قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه، بل هو طاهر كله.
وهكذا ظهرت سيمفونية الحب والتجرد التام عند الأقدام
وبعدها نصل إلى مشهد الصليب القوى، الذى هو قمة خطة الله لخلاص الإنسان.
لقد كان مشهداً محاطاً بالضعف والعار والإهانات والأشواك والألم والموت، لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين ٩ : ٢٢) ومن مسيح خلاصنا فوق الصليب تولد العبارات السبع التى ترسم لنا عالم الفداء الجديد:
١ـ يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون (لو ٢٣ : ٣٤) مغفرة بلا حدود.
٢ـ «الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معى فى الفردوس» (لو ٢٣ : ٤٣) فردوس مفتوح بلا حدود.
٣ـ «هو ذا ابنك.. هو ذا أمك» (يو ١٩ : ٢٦، ٢٧) وفاء بلا حدود.
٤ـ «أنا عطشان» (يو ١٩ : ٢٨ ) خدمة بلا حدود.
٥ـ «إلهى إلهى لماذا تركتنى؟» (مر ١٥ : ٣٤) رجاء بلا حدود.
٦ـ «يا أبتاه فى يديك أستودع روحى» (لو ٢٣ : ٤٦) سلام بلا حدود.
٧ـ «قد أكمل» (يو ١٩ : ٣٠) كمال بلا حدود.
والخلاص حب بلا حدود من المسيح المصلوب صاحب القلب المطعون واليدين المفتوحتين لكل البشر، تناديان نداء الراحة:
«تعالوا يا جميع المتعبين والثقلى الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيرى عليكم وتعلموا منى، لأنى وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن نيرى هين وحملى خفيف» (متى ١١ : ٢٨، ٣٠).
لقد انتصر الحب على الموت وقام المسيح فى اليوم الثالث ليكون الحب أقوى من الكراهية، والحياة أقوى من الموت، والصليب هو سر الحب الدائم والقائم فى حياة المسيحيين عبر رحلة الزمان.