الأحد 13 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

العالم اللاهوتي جرجس يوسف يتحدث لـ"البوابة": رؤية البابا شنودة لـ"صلب المسيح" مؤسفة.. والكنيسة تحتاج إلى دارسين وباحثين وليس "وعاظًا" ولا أرى رجوعًا إلى تراث الآباء في قضية الصلب والخلاص

العالم اللاهوتي جرجس
العالم اللاهوتي جرجس يوسف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عمق الرؤية والتبحر فى فكر آباء الكنيسة الكبار من خلال دراسة علمية للاهوت وترجمة عملية للكثير من كتاباتهم، أعطي الدكتور والباحث جرجس يوسف، مكانة متميزة فى العلوم الكنسية، لذلك يقدم لنا فى هذا الحوار مع «البوابة»، زوايا جديدة تماما للطرح فى أسبوع الآلام.
■ كيف ترى حضور عظات الآباء فى أسبوع الآلام.. خاصة أنها على جانب اللغة والنطق تحوى كلمات صعبة؟
- نحتاج فعلا إلى دارسين وباحثين وروحانيين وأدباء ومتذوقى لغة، لا مجرد وعاظ يتقولون من معين أفكارهم الشخصية ورؤاهم، ودون تعب فى البحث والتدقيق والقراءة، والكف عن النظرة الأحادية التى تختزل كل تراث الآباء فى كتب الأنبا شنودة وحسب (البابا شنودة الثالث)، والكنيسة منذ القرون الأولى لديها تراث آبائى لا ينضب، من القرن الأول حتى الثامن الميلادى، ثم هناك المصادر الثانوية لكتاب من الكاثوليك والأرثوذكس، غربا وشرقا، تمت ترجمة كتب الغرب وأتيحت كتب الشرق، أركز على المدقق فى اللغة العربية، ليتمكن من تبسيط اللفظ العتيق والصعب على أفهام البسطاء.
■ لماذا تغيب هذه العظات التى تنير العقل فى باقى السنة؟
- فعلًا نحن فى أمس الحاجة، خاصة فى الخمسين المقدسة التالية لفترة الصوم والقيامة والأعياد، إلى نفس حماس ونهضة التعليم والوعظ الروحى والدراسى فترة الأربعين المقدس، لكن للأسف، ما إن تبدأ الخمسون المقدسة، حتى نتراخى أكلا ونترهل طعاما على الصعيدين المادى والروحى.
■ ما القضايا المهمة التى تثيرها هذه العظات والتراث الآبائى فى قضايا أسبوع الآلام؟
- تتراوح قيمة وعمق القضايا المثارة حسب رؤية الواقف على المنبر، لكنى لا أرى للأسف رجوعا إلى تراث الآباء فى قضية الصلب والخلاص، إلا نادرا، السواد الأعظم فيما عدا قلة من الآباء الشباب المستنيرين من بعض القساوسة والرهبان، وربما أسقف أو اثنان هم الذين ينهلون من معين الآباء الشرقيين الأرثوذكس الذى لا ينضب، على سبيل المثال وليس الحصر، البرنامج الذى يذاع على قناة الحرية من أستراليا، والذى يستعين بالدكتور الآبائى المعروف جوزيف موريس، والذى يستقى كل التعاليم من القديس الأب أثناسيوس الرسولى حول تجسد الكلمة والصلب والفداء، يعوزنا التبحر فى كتب كثيرة لآباء معاصرين على سبيل المثال الأب جورج فلورفسكى حول التجسد والفداء وآباء آخرين مثل الأب المغضوب عليه من حبرية الراحل الأنبا شنودة لأسباب شخصية بحتة، الأب متى المسكين المهمل تراثه، وللأسف يقوم دير أبى مقار فى إيطاليا حاليا بالاحتفاء بمرور عشر سنوات على رحيله، دون أن نسمع كلمة واحدة من القائمين على رئاسة الكنيسة القبطية تكريسًا لنفس روح العداء مع كتاباته فى وجود المحرك الأصيل للعدائية، وهو مطران معروف بالقهر وإفساد التعليم اللاهوتى فى الكنيسة.
■ هل ترى يهوذا خائنا أم عاملا مساعدا فى الفداء؟
- يهوذا إنسان خاطئ، مثله مثل بطرس وبولس ويوحنا، كلنا بحسب العقيدة المسيحية خطاة، ليس من يصنع صلاحا ليس ولا واحد، الواحد الأوحد البار والقدوس هو يسوع المسيح، صفة الخيانة لفظا، أغرقت فيها الكنيسة القبطية، وعمقها الراحل الأنبا شنودة الذى أصر فى تعليم لا نعرف له مصدرا أن يهوذا لم يتناول على يد المسيح فى علية مار مرقص، وهو أمر عجيب والأعجب منه أنه قرر فجأة تكليف الفنان القبطى المعروف إيزاك فانوس أن يبتدع أيقونة العشاء الربانى خلوا من يهوذا أو مرسوما بلون أسود، مع أن المسيح نفسه الأسقف الحقيقى للكنيسة والمؤسس الحق لسر الإفخارستيا لم يحرم يهوذا من التناول وشركة العشاء الربانى رغم سابق علمه بأنه هو من يسلمه بقبلة لليهود.
■ لماذا صلب المسيح فى المفهوم الآبائي؟
- للدكتور العلامة القبطى واللاهوتى المسكونى العالمى المعترف به من كبريات جامعات العالم جورج حبيب بباوى كتاب رائع بعنوان، «موت المسيح على الصليب.. حسب تسليم الآباء،»، وللأسف لم تفكر الكنيسة حتى اللحظة أن تقوم بتدريسه فى كلياتها الإكليريكية، أو السماح للآباء بالاستعانة به على المنابر، مع أنه يحوى تأصيلا للفكر الآبائى القويم عن عقيدة المسيحية الأرثوذكسية عن موت المسيح على الصليب بحسب الآباء، وأقول موت المسيح صلبا، ولا أتحدث عن صلب المسيح أو الصليب، لأن القضية الأساسية هى الفداء بموت المسيح، الفداء كثمرة موت المسيح والفداء كقيامة وتأليه للبشرية التى فى المسيح، فالمسيح بموته افتدى وخلص الطبيعة البشرية من حكم الفساد والخطية والموت، لا تهم طريقة الموت، صلبا أو حتى رجما، لكن مشيئة الآب دبرت أن يتم الموت بالصليب، فلا الرجم ولا قطع الرقبة بحد السيف كما تم لاستفانوس وبولس، كان يليق بموت الرب، هكذا أرادت ودبرت مشيئة الله، من هنا يكون تركيز الآباء أصلا على الموت، موت المسيح كسبيل إلى نوال الطبيعة البشرية العتق من الفساد والموت، بالموت داس الموت، وأنعم لنا بالخلاص والقيامة والأبدية أو التأليه، لكن التركيز على الصليب وحسب فى عظات الآباء المعاصرين دون الالتفات إلى شرح التعليم اللاهوتى عن الفداء يفقد التعليم قيمته وأصالته.
■ لماذا تهتم الكنيسة بالصلوات الحزينة طوال الأسبوع ولا يحتل القيامة نفس المساحة؟
- طبيعى أن تكون الصلوات حزينة فى أسبوع الآلام، حتى تستدعى الكنيسة حدث الآلام وأحزان الكنيسة الأولى ممثلة فى مريم والرسل والقديسين، لكن بعد القيامة تفرح الكنيسة وتلبس اللون الأبيض المفرح، وتخلع ثوب الحزن الأسود، صحيح أن اللاهوت الشرقى يتناول القيامة فى قلب حدث الصلب، وهى فكرة جديرة بالاعتبار أن تبشر الكنيسة بموت المسيح مثلما تصلى، وبموتك يا رب نبشر، حتى فى أسبوع الآلام حتى لو لم يكن الأمر على المستوى الليتورجى فى قطع الصلاة، لكن أزعم أن العظات يمكن أن تتضمن فرح القيامة فى نسيج الألم والصلب.
■ ما الفرق بين رؤية البابا شنودة لسبب صلب المسيح ورؤية الأب متى المسكين لنفس السبب؟
- حتى لا نرهق القارئ العادى والبسيط وغير المتبحر فى جدليات عقيدية الفداء بين المدرستين البروتستانتية أو الكالفينية والمدرسة الأرثوذكسية أو حتى الكاثوليكية الشرقية، نود أن نوجز الاختلاف بل الخلاف فى اعتناق الأول تعليم الغضب فى الصلب، أعنى غضب الآب المنصب على الابن على الصليب، وهو ما يعلم به للأسف تابعه الآن المطران المعروف بانحرافات التعليم اللاهوتى عنده، حتى أنه ذكر عبارات مؤسفة عن حرق الابن حتى تتصاعد رائحة شوائه فى الهواء ليتنسمها الآب رائحة رضا، وهو أمر مكروه، أما الأب متى المسكين، فلا يتبع نفس الفكر، بل يؤكد بحسب تعليم الآباء على صلاح الآب، وأنه لمحبته للبشر بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية، مفسرا بقراءة جيدة لنص رومية، أن الآب لم يضن بابنه علينا، ولا يقرأه لم يشفق، وهى الترجمة التى أوقعت فى خطأ التفسير، لم يضن أى لم يحجز ابنه بل بذله لأجلنا جميعا لعظم محبته، بعكس لم يشفق التى تعنى الغضب، وهو ما لم يرد فى أصل اللفظة اليونانية أبدا. ثم هناك خطأ التعليم بدفع الثمن، وهو أمر للأسف ينقله الأول عن قراءاته للفكر البروتستانتى المتاح له، دون أن يكلف نفسه يوم كان فى الجسد أن يرجع إلى تعليم الآباء الذى يخلو تماما من دفع فدية أو ثمن أو كفارة. وللموضوع تفاصيل لا أود الخوض فيها لأن مجالها يضيق به مجال ومقال الحوار.