الجمعة 05 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

ربعي المدهون يراوغ البوكر بـ"كونشرتو النكبة"

الروائي الفلسطيني
الروائي الفلسطيني ربعي المدهون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يصّور الروائي الفلسطيني ربعي المدهون عبر معزوفته "مصائر.. كونشرتو الهولوكوست والنكبة"، والمرشحة بقوة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" معاناة الفلسطينيين عبر التاريخ، فيحكي عن من غادروا بلادهم التي منعوا من العودة إليها، وآخرين اضطروا للبقاء، ليصبحوا في حكم الواقع الجديد مواطنين في دولة الاحتلال ويحملون جنسيتها، عارضًا الحياة اليومية تحت ظل الاحتلال لفلسطينيين أصبحوا رغمًا عنهم مواطنين في "الكيان الصهيوني"، وكذلك حال من استطاع العودة بطريقة ليستجدي حق إقامته في بلده من غرباء استولوا عليه، وفي الوقت نفسه أمطر قارئه بأسئلة حول ما مجزرة الهولوكوست، ومجازر الاحتلال.
استخدم المدهون في روايته، الواقعة في 272 صفحة من القطع المتوسط، حركات الكونشرتو، والتي صنع منها قالب يروي حكاياته الأربعة التي تُشكّل المعزوفة، والتي اعتمدت على بطلين، يتحرك كلٌ منهما في فضائه الخاص، ونثر حولهما حكايات فرعية عدة، ليتحولا في حركة الكونشرتو التالية إلى شخصيتين ثانويتين، وتتحرك الأحداث بإيقاعها الموسيقى الذي كتب حركاته، حتى يصل إلى الحركة الرابعة والأخيرة، ليكتمل الكونشرتو حول أسئلته عن النكبة، والهولوكوست والعودة.
استهل المدهون حركته الأولى بعلاقة الحب التي ربطت إيفانا أردكيان، وهي الفلسطينية الأرمنية المقيمة في عكا القديمة، بطبيب بريطاني في زمن الانتداب على فلسطين، واللذان سرعان ما ينجبا طفلة، ترحل بها إيفانا إلى العاصمة البريطانية عشية النكبة عام 1948، ليغلبها بعد ذلك الحنين، فتوصي ابنتها جولي، بحرق جثتها وإعادة بعض رمادها إلى ما كان منزل والديها في عكا القديمة، أو إلى منزل عائلة مقدسية مستعدة لاستقباله.
ينتقل الكاتب إلى الحركة الثانية التي تكتب فيها جنين دهمان، وهي من فلسطينيي 48 رواية بعنوان "فلسطيني تيس"، عن والدها محمود دهمان، الذي يهاجر وعائلته من المجدل بعسقلان إلى قطاع غزة خلال النكبة - والذي كان يُديره في ذلك الوقت حاكم مصري - لكنه يعود سرًّا إلى المجدل دون العائلة، وفي أعقاب ذلك يتم غلق الحدود بين إسرائيل وغزة، ليفقد عائلته، فيتزوج، ويواجه حياته الجديدة، كفلسطيني في حدود دولة الاحتلال؛ وتأتي الحركة الثالثة عندما تراجع جنين روايتها، فيستغرق القارئ في حكايتها التي يعرف منها أنها تحب فلسطينيًا من الضفة الغربية، ويتزوجا ويعيشا معًا في يافا، بينما يصطدم زواجهما بالقوانين الإسرائيلية التي تجعل استمراره مستحيلًا.
يختتم المدهون معزوفته بالحركة الرابعة والأخيرة، حيث يعود بقارئه إلى وليد دهمان، زوج جولي، الذي يزور متحف المحرقة في مدينة القدس، ومن هناك، يطل على ما تبقى من قرية دير ياسين متذكرًا المجزرة التي ارتكبتها عصابات الاحتلال عام 1948، ثُم يذهب مع جولي إلى يافا ليلتقيا جنين دهمان، ويتعرفا منها على مصادر روايتها، وأسرار حكاياتها، ومصائر أبطالها.
طرح المدهون في روايته أسئلة عديدة تتماس بين ما تعرض له اليهود في محرقة الهولوكوست، وما تعرض له الفلسطينيون من مجازر على يد قوات الاحتلال، بدت بقوة عندما تخيّل دهمان متحفًا مُقابل لمتحف المحرقة يحكي مجازر الاحتلال؛ وناقش من خلال شخصيات عدة، أحوال من بقوا في الأراضي الفلسطينية بعد النكبة، ومن هاجروا أو تم تهجيرهم، والصعوبات التي يعانيها الفلسطيني في حال أراد العودة، مُستعرضًا في روايته تاريخ طويل، ملأت فراغاته حكاياته الرئيسية قضايا ثانوية، برزت من خلال تقنيات عديدة في كتابة الرواية نفسها، منها الفلاش باك، والتقديم والتأخير، وسرد الحكايات الفرعية من بعضها، كما برزت تقنية الرواية داخل الرواية بشكل أساسي في الحركة الثانية، ليترك المدهون قارئه مستغرقًا في هذه الأسئلة، بعد أن سار معه داخل شوارع البلدة القديمة.