الفلاح المصرى بانى أقدم حضارة عرفتها البشرية فى التاريخ، فمنذ عهد الفراعنة والمصرى الأصيل مشهود له بالكفاءة العالية فى الزراعة، لدرجة أن مصر ظلت لسنوات طويلة هى سلة غلال العالم، وكان ملوك وأمراء بلادنا فى التاريخ القديم يضعون الفلاح فى أولوية اهتمامهم من أجل بناء مملكتهم القوية، ويوفرون له كل سبل الراحة، حتى أن مياه النيل عندما كانت تجف كان الملوك يشفقون على الفلاح، ويساعدونه فى حفر الآبار لزراعة الأراضى، وأصبح الفلاح المصرى على مر عصور مصر، القديمة والحديثة، هو صانع الحضارة، وهو مؤسس الدولة، فمصر اصلها بلد زراعى، لما وهبها الله (سبحانه وتعالى) بنهر النيل العظيم، وتربة من أجود أنواع الأراضى الزراعية فى العالم.
لكن يبدو أن الوضع قد تغير، وتركنا الفلاح يواجه الأمواج والأعاصير بمفرده، دون أن يقف أحد بجانبه، لدرجة أن بعض الفلاحين والمزارعين تركوا أراضيهم بعد أن باعوا كل ما يمتلكون ليصرفوه على فلاحة وزراعة الارض، وعلى ما يبدو أن الحكومة لا تعطى أى اهتمام للفلاح الغلبان، ولا تسمع شكواه، ولا تستجيب لندائه. فبعض المزارعين الذين التقيتهم على مر الأسابيع الماضية، حالهم لا يسر عدوًا أو حبيبًا، فأغلبهم يؤكد أن الحكومة تركتهم فريسة للمستوردين وللقطاع الخاص عديمى الضمير فى وزارة الزراعة، فأغلب التقاوى التى يحصلون عليها مصابة بأمراض، وإنتاجها أضعف بكثير من السنوات الماضية، سواء فى البطاطس أو الطماطم أو البقوليات، وكذلك تقاوى القطن والذرة ـ خاصة الذرة الصفراء ـ فضاعت زراعتهم، وعندما اشتكوا للمسئولين لم يستجب أحد لهم.
لكن الأدهى والأمر من ذلك، ما قاله لى، باكيا، أحد أصحاب المزارع بالعامرية، الذي أكد أن مستقبلنا الزراعي أصبح فى خطر كبير بعد أن تركت الدولة الحبل على الغارب لمستوردي الأسمدة، الذين يستوردون طن السماد الذى لا يساوى ألف جنية لبيعه بخمسة آلاف جنيه! دون أن تحدد الدولة نسبة ربح معينة للمستورد، ففى جميع الاحوال الفلاح مضطر لأن يشترى من المستوردين الجشعين، لأن الجمعية الزراعية لا توفر للمزارعين أكثر من 25٪ من احتياجاتهم الحقيقية من السماد، ولكن الانكى من ذلك، أن بعض المستوردين يجلبون من الخارج أسمدة ومبيدات زراعية منتهية الصلاحية، وبعضها يحتوى على مواد مسرطنة، ولا رقيب أو حسيب عليهم، والضحية فى النهاية هو الفلاح والمواطن معًا، الأمر الذى شجع ضعاف النفوس فى الداخل على إنشاء مصانع للأسمدة والمبيدات داخل مصر فى أماكن مجهولة وغير مرخصة، ولا تعرف الدولة عنها شيئا، حيث يتم فيها تصنيع مستلزمات زراعية "مضروبة" من أسمدة ومبيدات، الامر الذى يقضى على الحرث والنسل، ومكمن الخطورة الحقيقية ذلك الامر أن المواد المستخدمة فى عملية التصنيع تحتوى على عناصر لا علاقة لها بالأسمدة أو المبيدات.
ففى مجال الأسمدة مثلا، تقوم مصانع "بير السلم" باستخدام الرمال وبودرة السيراميك والحجر الجيرى وقليل من الفوسفات، ووضع هذا كله فى مطحنة أو خلاطة لمزجها، وتقدم بعد ذلك فى الاسواق للفلاحين على انه سماد حقيقى! ويقدم هذا الخلط المهلك على انه سماد "مصرى معترف به" أو "مستورد"، حيث يقومون بتعبئة "الاسمدة المغشوشة" فى شكائر مدون عليها أسماء مصانع معروفة أو شركات أجنبية كبيرة، ويدفعون بها فى الاسواق، وبيعونها بنفس أسعار الاصلية، وأحيانا تقل بقليل عن الأسعار المتداولة، حتى يقبل عليها الفلاح. وهى الاسمدة التى تصيب الأراضى الزراعية والبشر والطير والحيوان بكل أنواع الأمراض.
ففى الأيام الماضية استطاعت أجهزة الأمن ضبط أكثر من 20 مصنعًا تقوم بصناعة هذه الأسمدة وتم غلقها وتحويل أصحابها للنيابة العامة، لكن الحقيقة تقول إن القانون عاجز عن ردع هؤلاء المخالفين، لأن الأحكام فى هذه المخالفات لا تتعدى كونها "جنحة" وهو ما يساعد هؤلاء الغشاشين على العودة مرة ثانية لإنشاء مصانع "بير سلم" أخرى، بنفس الطريقة، فى أماكن مغايرة أكثر أمنًا فى الصحارى المصرية، الأمر الذى أصاب الفلاح المصرى بالدمار الشامل، حتى المزارعين الذين أكرمهم الله بزراعة القمح الذى يعد السلعة الاستراتيجية للبلاد، رفضت وزارة التموين استلام المحاصيل من بعضهم، كونهم لا يمتلكون حيازة زراعية، لأن البعض منهم مستأجر الأرض ويقوم بزراعتها من صاحبها الأصلى، فكانت الازمة، ولولا تدخل وزير التموين فى الأيام الأخيرة لانتحر غالبية مزارعى القمح الشجعان.
إلى متى نترك الفلاح المصرى بهذه الطريقة؟ فهو لا يملك معاشًا ولا بطاقة صحية ولا عناية حكومية ولا مساعدة إنسانية من أى جهاز فى الدولة؟ حتى أصبحت مصر الزراعية مهددة بالتوقف عن الزراعة! بعد أن بارت مساحات واسعة من الأراضى وأكلت المبانى أكثر من 50 ألف فدان بعد ثورة يناير لم يعد منها حتى الآن إلا 12 ألف فدان فقط!، الرحمة مطلوبة بالفلاح المصرى.
ارحموا فلاحى مصر!
لكن يبدو أن الوضع قد تغير، وتركنا الفلاح يواجه الأمواج والأعاصير بمفرده، دون أن يقف أحد بجانبه، لدرجة أن بعض الفلاحين والمزارعين تركوا أراضيهم بعد أن باعوا كل ما يمتلكون ليصرفوه على فلاحة وزراعة الارض، وعلى ما يبدو أن الحكومة لا تعطى أى اهتمام للفلاح الغلبان، ولا تسمع شكواه، ولا تستجيب لندائه. فبعض المزارعين الذين التقيتهم على مر الأسابيع الماضية، حالهم لا يسر عدوًا أو حبيبًا، فأغلبهم يؤكد أن الحكومة تركتهم فريسة للمستوردين وللقطاع الخاص عديمى الضمير فى وزارة الزراعة، فأغلب التقاوى التى يحصلون عليها مصابة بأمراض، وإنتاجها أضعف بكثير من السنوات الماضية، سواء فى البطاطس أو الطماطم أو البقوليات، وكذلك تقاوى القطن والذرة ـ خاصة الذرة الصفراء ـ فضاعت زراعتهم، وعندما اشتكوا للمسئولين لم يستجب أحد لهم.
لكن الأدهى والأمر من ذلك، ما قاله لى، باكيا، أحد أصحاب المزارع بالعامرية، الذي أكد أن مستقبلنا الزراعي أصبح فى خطر كبير بعد أن تركت الدولة الحبل على الغارب لمستوردي الأسمدة، الذين يستوردون طن السماد الذى لا يساوى ألف جنية لبيعه بخمسة آلاف جنيه! دون أن تحدد الدولة نسبة ربح معينة للمستورد، ففى جميع الاحوال الفلاح مضطر لأن يشترى من المستوردين الجشعين، لأن الجمعية الزراعية لا توفر للمزارعين أكثر من 25٪ من احتياجاتهم الحقيقية من السماد، ولكن الانكى من ذلك، أن بعض المستوردين يجلبون من الخارج أسمدة ومبيدات زراعية منتهية الصلاحية، وبعضها يحتوى على مواد مسرطنة، ولا رقيب أو حسيب عليهم، والضحية فى النهاية هو الفلاح والمواطن معًا، الأمر الذى شجع ضعاف النفوس فى الداخل على إنشاء مصانع للأسمدة والمبيدات داخل مصر فى أماكن مجهولة وغير مرخصة، ولا تعرف الدولة عنها شيئا، حيث يتم فيها تصنيع مستلزمات زراعية "مضروبة" من أسمدة ومبيدات، الامر الذى يقضى على الحرث والنسل، ومكمن الخطورة الحقيقية ذلك الامر أن المواد المستخدمة فى عملية التصنيع تحتوى على عناصر لا علاقة لها بالأسمدة أو المبيدات.
ففى مجال الأسمدة مثلا، تقوم مصانع "بير السلم" باستخدام الرمال وبودرة السيراميك والحجر الجيرى وقليل من الفوسفات، ووضع هذا كله فى مطحنة أو خلاطة لمزجها، وتقدم بعد ذلك فى الاسواق للفلاحين على انه سماد حقيقى! ويقدم هذا الخلط المهلك على انه سماد "مصرى معترف به" أو "مستورد"، حيث يقومون بتعبئة "الاسمدة المغشوشة" فى شكائر مدون عليها أسماء مصانع معروفة أو شركات أجنبية كبيرة، ويدفعون بها فى الاسواق، وبيعونها بنفس أسعار الاصلية، وأحيانا تقل بقليل عن الأسعار المتداولة، حتى يقبل عليها الفلاح. وهى الاسمدة التى تصيب الأراضى الزراعية والبشر والطير والحيوان بكل أنواع الأمراض.
ففى الأيام الماضية استطاعت أجهزة الأمن ضبط أكثر من 20 مصنعًا تقوم بصناعة هذه الأسمدة وتم غلقها وتحويل أصحابها للنيابة العامة، لكن الحقيقة تقول إن القانون عاجز عن ردع هؤلاء المخالفين، لأن الأحكام فى هذه المخالفات لا تتعدى كونها "جنحة" وهو ما يساعد هؤلاء الغشاشين على العودة مرة ثانية لإنشاء مصانع "بير سلم" أخرى، بنفس الطريقة، فى أماكن مغايرة أكثر أمنًا فى الصحارى المصرية، الأمر الذى أصاب الفلاح المصرى بالدمار الشامل، حتى المزارعين الذين أكرمهم الله بزراعة القمح الذى يعد السلعة الاستراتيجية للبلاد، رفضت وزارة التموين استلام المحاصيل من بعضهم، كونهم لا يمتلكون حيازة زراعية، لأن البعض منهم مستأجر الأرض ويقوم بزراعتها من صاحبها الأصلى، فكانت الازمة، ولولا تدخل وزير التموين فى الأيام الأخيرة لانتحر غالبية مزارعى القمح الشجعان.
إلى متى نترك الفلاح المصرى بهذه الطريقة؟ فهو لا يملك معاشًا ولا بطاقة صحية ولا عناية حكومية ولا مساعدة إنسانية من أى جهاز فى الدولة؟ حتى أصبحت مصر الزراعية مهددة بالتوقف عن الزراعة! بعد أن بارت مساحات واسعة من الأراضى وأكلت المبانى أكثر من 50 ألف فدان بعد ثورة يناير لم يعد منها حتى الآن إلا 12 ألف فدان فقط!، الرحمة مطلوبة بالفلاح المصرى.
ارحموا فلاحى مصر!