السبت 11 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة البرلمان

ائتلاف "دعك" مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما أعُلن عن تشكيل ائتلاف «دعم» مصر، استبشر المصريون خيرًا، وظنوا أنهم أمام كيان سيعبر عن ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو»، وسيأخذ بيد الوطن نحو مفهوم جديد للديمقراطية، أو على الأقل سيُغير خريطة الأداء تحت قبة مجلس النواب.
إلا أنه وللأسف سرعان ما تبدد كل هذا، وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وظهر ما لا يتمناه أحد، من إعادة إنتاج لفكرة الاستحواذ والهيمنة والسيطرة، أو بمعني أوضح الإعلان عن «حزب وطني» جديد، يفعل ما يريد بالبرلمان وأعضائه ويجعل من هذا بطلًا إن أراد، و«يُعملق» من يريد و«يقزم» من يريد.
هذا «الائتلاف» الذي جاء لدعم مصر، أو هكذا قيل، أصبح وبلا شك لا هدف له إلا «دعك» مصر، وما يحدث من ترسيخ لمبدأ الاستحواذ على كل شيء، سواء بالترغيب أو بالترهيب، إن لزم الأمر، يؤكد أننا أمام أُناس لا يسيرون في طريق الوطن، بل يهرولون في طريقهم فقط، ولا يبتغون إلا صالحهم الشخصي.
فكرة «الهيمنة» التي رفضها المصريون من مبارك ونظامه، ومن جماعة الإخوان الإرهابية وأذيالها، فوجئ الجميع بها تطل بوجهها القبيح من جديد داخل أروقة البرلمان، فمن يتبع الائتلاف سيحظى بالرضا وسيكون له نصيب من «التورتة»، ومن يعارضه لن ينال إلا السخط والغضب والتشويه في أحيان كثيرة.
هل ثار المصريون من أجل هذا؟، هل رفض المصريون ممارسات أحمد عز، معبرًا عن نظام مبارك، وممارسات خيرت الشاطر، معبرًا عن صفقات الإخوان، ليجدوا هذا العقاب في نهاية المطاف؟، هل يوافق عاقل على أن يتم توزيع «كعكة» اللجان داخل البرلمان، بنظام «المصالح تتصالح»، حتى تجد معظمها حُسم بالتزكية؟، هل كُتب علينا ألا نرى الديمقراطية الحقيقة، أو نعرف كيف تُمارس؟، هل هذا هو جزاء شعب انتظر الحرية والديمقراطية، وضحى بالغالي والنفيس حتى يرى، ولو بصيص النور على طريقهما؟، هل ذهب كل هذا لأدراج الرياح؟.
الكل يتساءل متى سنعلي المصلحة العامة على الخاصة؟، متى سنعترف أن هذا – أيًا كان هو- أصلح لهذا المنصب، وأن هذا – أيًا كان هو أيضًا- لا يصلح لهذا المكان، ويمكن توظيفه في مكان آخر؟، متي سنتجرد من لغة التبعية، والسعي الدؤوب للسيطرة على كل شيء، حتى نضمن فعل ما نريده، دون أن يعارضنا أحد؟
أعتقد أن التربيطات، ولغة «شيلني وأشيلك»، هي التي سادت في انتخابات لجان البرلمان، حتى داخل ائتلاف «دعم مصر» هو الآخر، فبعد تقديم وعود لبعض أعضائه، برئاسة لجان بعينها، تم تغيير القرار لصالح آخرين، بل تم إغراء بعض من لهم حق التصويت في تلك الانتخابات بالتخلي عن «فلان» لصالح «علان».
والواقع يقول: إن ائتلاف دعم مصر، جاء من أجل ممارسات خاصة به، وبأعضائه، أما الوطن، فيبدو أنه خارج حسابات الكثيرين من أعضاء هذا الائتلاف، لكن ليعرف هؤلاء جيدًا أنهم مكشوفون للمصريين، وأنهم أصبحوا بلا غطاء أمام الجميع، حتى ورقة التوت سقطت عنهم، وإن أرادوا التحقق من هذا، فلينزلوا إلى الشارع، وليستمعوا لما يقوله عنهم الجميع، ووقتها سيضعون أيديهم على الحقيقة، ويوقنون أنهم أخطأوا في حق هذا الشعب، وفي حق أنفسهم، هل يفعلون هذا؟، أعتقد أنه درب من دروب الخيال.
أيها السادة، التاريخ لن ينسى، ولن يرحم كل من أساء لمصر وشعبها، وسيأتي الوقت الذي سيعرف فيه الجميع حقيقة الأمور، وكيف تُدار، وفي هذا الحين، لن تجدي التوبة، ولن يجدي استجداء العطف، أو اللعب على منهج الفرصة الأخيرة.