لقد خضت انتخابات مجلس النواب فى دائرة الدقى والعجوزة، حاملًا ومعبرًا عن آمال وطموحات مشروع ثورة ٣٠ يونيو، التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، وشاهدت كيف انحازت غالبية الجماهير من الناخبين لهذا المشروع الوطنى وشرفتنى بتمثيلها فى برلمان الثورة من الجولة الأولى، وكنت أول عضو يعلن فوزه ببرلمان ٣٠ يونيو.
أقسمت تحت قبة مجلس النواب، على رعاية مصالح الشعب واحترام الدستور والقانون، وعاهدت نفسى أن أستمر وفيًا ومخلصًا للمشروع الوطنى الذى أحمله وأعبر عنه أنا وعدد كبير من نواب المجلس رغم ما واجهناه من صعوبات عديدة من بعض القوى خارج المجلس وداخله من المعادين لهذا المشروع الوطنى، مشروع ثورة ٣٠ يونيو، حتى جاءت لحظة الاختبار الحقيقى مع قرب إجراء انتخابات رئاسة اللجان النوعية.
فسرعان ما قفزت تلك القوى لكى تدفع بوجوه وأشخاص يعبرون عن مشروع ما قبل ٢٥ يناير، لتولى رئاسة عدد من اللجان فى مقدمتها اللجنة التي كنت أنوي الترشح لرئاستها وهي «لجنة الشئون العربية»، وهى نفس الوجوه التى تولت رئاسة اللجنة فى برلمانات ٢٠٠٥-٢٠١٠ دون أن تقدم ما يجعلها مؤهلة وقادرة على قيادة اللجنة فى هذه المرحلة التاريخية والمهمة من حياة مصر والأمة العربية وشعوبها وتطلع تلك الشعوب وفى مقدمتها الشعب المصري العظيم لدور بارز فى تحرك برلمانى واعٍ وقوى لدعم مسيرة العلاقات المصرية العربية، ومساندة توجهات القيادة السياسية المتمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقد هالنى ما شاهدته بنفسى من ممارسات غير ديمقراطية من أجل السيطرة على رئاسة تلك اللجان، وحشد أكبر عدد من النواب والموالين لتلك الوجوه، من خلال ما يسمى ائتلاف دعم مصر، ومصر بريئة من هذا الائتلاف، بل تجاوز ذلك إلى الحصول على بيعة من بعض النواب لصالح مرشح الائتلاف، لرئاسة لجنة الشئون العربية سميت ببيعة الجمال ومع تقديرى واحترامى لخيارات الزملاء، إلا أنها ليست خيارات بإرادة حرة، ولكنها خيارات تحت ضوابط الائتلاف، وأيضا تحت التزامات البيعة، والتى سبق للشعب المصرى أن ثار على المبايعين للمرشد وجماعته من قبل، لا لكى تعود البيعة من جديد وفى ثوب وشكل مغاير تلك المرة.
والغريب أن اللجان البرلمانية المرتبطة بمصالح وخدمات الجماهير الملحة والمباشرة، ضمت فى عضويتها عددا لا يزيد علي أصابع اليدين، كما هو الحال فى لجنة الصناعة، بينما لجنة الشئون العربية ومن أجل إزاحة أحد رموز ثورة ٣٠ يونيو ضمت ٤٢ عضوًا لأول مرة فى تاريخ هذه اللجنة وعلى مدار الحياة النيابية لمصر، بل فى نفس الفترة التى رأسها المرشح لتولى رئاستها مرة أخرى.
إن الممارسة الديمقراطية التى كنا نتطلع لها فى هذا البرلمان، قد ذهبت أدراج الرياح، وطبيعي أنه فى ظل تلك الممارسات، وفى ظل عودة البيعة وعودة ممثلى مشروع ما قبل ٢٥ يناير، أن أعلن اعتذارى وانسحابى من خوض معركة أشبه بتمثيلية هزلية ومسرحية كوميدية، من تأليف وإخراج بعض قيادات ائتلاف دعم مصر، وحتى لا أعطى لهؤلاء صك البراءة من الاتهامات التى سوف تلاحقهم وتطاردهم، بعد أن انكشفت عورتهم داخل البرلمان وخارجه، فليتولوا رئاسة هذه اللجنة ولكنهم لن يهنأوا بها كثيرًا، لأنهم لم يتعلموا من دروس الماضى القريب والبعيد.
وأقسم بالله العلى العظيم وأقسم بهذا البلد مصر العزيزة الغالية، وأقسم بهذا الشعب العظيم إننى لن أترك ما حدث دون أن أكشف كل المشاركين فيه سواء بالتحريض أو بالصمت أو بالخضوع للبيعة والضغوط، وإسقاط ممثلى مشروع ما قبل ٢٥ يناير، تحت قبة هذا المجلس وخارجه مهما كلفني ذلك من تضحيات، لأن رئاسة اللجنة لن تمنحهم حصانة من غضب الشعب المصرى العظيم عليهم.
وسيحكم التاريخ وهذا الشعب العظيم فى يوم من الأيام علي هذه الممارسات ويوم ذلك فليفرح المؤمنون بنصر الله.