تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
«أن تضيء شمعة خيرًا من أن تلعن الظلام».. هل تتذكرون هذا المبدأ الأخلاقى الرائع الذى كانوا يلقنونه لنا منذ نعومة أظافرنا فى مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وفى مقدمتها المدارس، لترسيخ مبدأ الإسهام فى البناء لا الهدم.. الإعانة على الخير لا الشر.. دون أن يضع أحد أيدينا على الطريقة التى نترجم بها هذا الشعار إلى أفعال لا أقوال.. لكن بقى صداه وتأثيره بمثابة منهج عمل وأسلوب حياة.
ووسط صراعات الحياة التى يموج بها المجتمع المصرى، ترسخت فى أذهاننا عقيدة لا تقبل التشكيك مفادها بأنه لا يجب أن نعيش وحدنا دون الشعور بآلام من حولنا.. ومن هذا المنطلق تحددت معالم الطريق التى تصب جميعها فى صالح الوطن والمواطنين، وذلك ليس تفضلا أو كمحاولة لرد الجميل لمصر، فهذا مطلب مستحيل المنال، لأننا مهما أعطينا لبلادنا فلن نوفيها حقها علينا.
كنا نعلم أن الطريق ليس معبدًا أو مفروشًا بالورود، وذلك بسبب وعورة التحديات ومحدودية الإمكانيات فى بلد متنوع ومفتوح مثل مصر لا يغلق أبوابه فى وجه أحد، بل يتسع لاستيعاب أهله الصابرين وكل شعوب العالم الفارين من جحيم أوطانهم بعد أن ضاقت بهم الأرض بما رحبت فلم يجدوا أمامهم سوى مصر.
وهذا ليس كلامًا مرسلًا أو إنشائيًا.. فبنظرة سريعة يدرك القاصى والدانى منذ الوهلة الأولى ملايين الضيوف بداية من إخوتنا الفلسطينيين والعراقيين والكويتيين واليمنيين والسوريين والسودانيين والليبيين بل الأوكرانيين والبلقانيين (أهل البوسنة والهرسك) الذين استقبلتهم أحضان مصر على الرحب والسعة ومنحتهم حقوق المواطنين كافة، بل حظوا بأوجه رعاية عديدة ربما لا يحظى بها المصريون أنفسهم ويشاركوننا كسرة الخبز.. ولمَ لا ونحن أصحاب المبدأ الأخلاقى المدهش «لقمة هنية تكفى مية».
ومن هذا المنطلق اخترنا أن تكون البداية من تقوية أركان هذا المجتمع، ليظل قادرًا على مواصلة دوره الإنسانى الذى ارتضته له الأقدار وسط عالم يموج بالصراعات المتوحشة التى غابت عنها مبادئ الرحمة والإنسانية على النحو الذى عبرت عنه مواقف العالم كافة من قضايا اللاجئين المشردين الذين يدفعون حياتهم غرقًا بسبب أنانية الدول الغنية مثل أمريكا وإيطاليا وألمانيا التى تتعامل مع هؤلاء الفارين من جحيم الحرب والفقر والبطالة كمعاملة العبيد، فى حين تبقى أبواب مصر المحروسة مفتوحة على مصراعيها أمامهم.
وفى تفاعل مباشر لأوضاع هؤلاء المشردين نجحنا فى إطلاق مبادرة «الطفل السورى إيلان»، الذى صدمت صورته غارقًا على الشاطئ مشاعر العالم، لدعم الأطفال اللاجئين فى العالم ولحثه على اتخاذ إجراءات كفيلة بوقف الانتهاكات ضدهم وتوفير غطاء قانونى وإنسانى لحمايتهم.
وجاءت بعض المبادرات المجتمعية والإنسانية الأخرى التى أطلقناها مثل: «أطفالنا خط أحمر» لمواجهة العنف بكل أنواعه ضد الأطفال، خصوصًا بعد انتشار جرائم الاغتصاب والتحرش والعمالة المبكرة وإنقاذ أطفال شوارع كخطوة عملية لمد يد العون للفئات الأولى بالرعاية والمحتاجين وفاقدى الأهلية.
كما عبرت مبادرة «كارت أحمر» لطرد كافة الآفات المجتمعية من أفلام هابطة تحض على الرذيلة وأغانى مهرجانات تقتل القيم النبيلة، كمحاولة لصون وحماية أخلاق أطفالنا لتنشئتهم على النهج القويم الذى يبنى المجتمعات على أسس سليمة.
فى حين سعت مبادرة «يوم السعادة» لوضع أسس برنامج متكامل يجوب كل الأحياء والقرى العشوائية والملاجئ ودور الرعاية الاجتماعية والصحية للمسنين والأحداث.
فيما عبرت مبادرات «يوم اليتيم» عن واجبنا كمجتمع لاحتضان فاقدى أحد الأبوين أو كلاهما، وحاولنا من خلالها رسم الابتسامة، ومشاركة الأيتام احتفالاتهم، وتوصيل رسالة أساسية ومباشرة إليهم مفادها «نحن معكم» وأنتم «لستم وحدكم».
وخلال هذه المسيرة وجدنا دعمًا كبيرًا من كثير من الوزارات والهيئات الحكومية والمجتمعية ومشاركات من القادرين لدعمنا على الاستمرار فى الدور الذى لا نقبل عنه بديلًا لخدمة هذا البلد الأمين.. إلا أننا ما زال لدينا الكثير لنقدمه حتى إننا كثيرًا ما نشعر أننا لم نقدم شيئًا بعد.. حفظ الله مصر وشعبها وصرف عنها السوء والفتن.
آخر كلمة..
أن تكون إنسانًا فهذا أساس الوجود.