بعد مظاهرات الجمعة الماضية شعر الرئيس عبدالفتاح السيسى بالضغط النفسى والإحباط، فأرسل كتابًا للدكتور على عبدالعال يتضمن استقالته ولما هاتفه رئيس مجلس النواب وناقشه فى الأمر أصر الرئيس على مطلبه، وهنا اضطر على عبدالعال أن يقرأ الاستقالة على نواب الشعب فهاجت القاعة ما بين مؤيد ومعارض، وعلى الفور طار الخبر إلى وسائل الإعلام المختلفة فهرع الآلاف إلى ميدان التحرير فرحا ورقصا، وغرد النشطاء تهليلاً وتكبيرًا، ومع اقتراب الليل ازدادت الأعداد حيث انضم إلى معارضى الرئيس من بقايا جماعة الإخوان ومنظمة ٦ إبريل والاشتراكيين الثوريين بعض المؤيدين الذين خافوا من القادم فقرروا القفز من السفينة وحملوا اللافتات التى تندد بالسيسى وأفعاله، وأعلن البرادعى عن عودته إلى مصر على متن أول طائرة، وكذلك أيمن نور وبعض الفارين إلى تركيا وقطر، ونزل إلى الميدان خالد على وحمدين صباحى وأبوالفتوح وخالد أبوالنجا وعمرو واكد ومحمد عطية وغيرهم، وأمام شاشات التلفاز التى تنقل الحدث بدأت الآراء تتضارب فأحدهم اقترح تشكيل مجلس رئاسى لإدارة شئون البلاد وحل مجلس النواب وتعطيل العمل بدستور السيسى، وآخر طالب بضرورة محاكمة السيسى بتهمة الخيانة العظمى، وثالث أعلن رفضه التام لانتقال الحكم بشكل مؤقت إلى رئيس الوزراء كما ينص الدستور الحالى، واقترح عودة مرسى، بينما رابع راح يردد حمدين هو الوصيف وطالما استقال الفائز فإن الوصيف من حقه أن يحكم، وهناك من طالب المستشار عدلى منصور بتولى الحكم مؤقتا، وفى هذا الوقت كان بعض رجال الأعمال يبحثون عن كيفية تصفية أعمالهم خلال ساعات للخروج من مصر، وكانوا يرددون خدعنا السيسى بالاستقرار، ليتنا ما أعدنا أموالنا، وبينما كان مؤيدو الرئيس يعانون هول الصدمة وهم يتابعون ما يحدث فى ميدان التحرير وغيره من الميادين التى أصابتها عدوى الثورة وأدرك بعضهم أن هؤلاء الذين أجبروا الرئيس على الاستقالة ما هم إلا فئة قليلة لا تتعدى عشرة آلاف أو بأكثر تقدير مائة ألف، بينما الأغلبية الساحقة والتى تقدر بالملايين مع الرئيس، وقرر هؤلاء النزول إلى الشارع للتعبير عن رفضهم لقراره وأهابت الشرطة بالمواطنين عدم التصادم، ولكن للأسف الشديد اصطدم الجمعان حيث بدأ العراك بمشادة كلامية ثم باشتباكات يدوية ثم بالحجارة ثم بالسلاح وسقطت الضحايا من الجانبين، وصرخ الجميع أين الشرطة؟، فأعلن وزير الداخلية أنه يقف على الحياد ولا يمكنه التدخل فاشتدت الأزمة لاسيما أن أعداد الضحايا تزداد، فطلب رئيس الوزراء من الفريق صدقى صبحى أن يتدخل لإيقاف عمليات العنف، فوافق الرجل وتحمل مسئوليته التاريخية تجاه الشعب وأنزل رجاله الذين وقفوا فى حيرة بين الفريقين فكلاهما مصرى، وهنا وجدت مجموعة من الثوار والنشطاء الفرصة للنيل من الجيش وراحوا يهتفون يسقط حكم العسكر، وقرروا مهاجمة ضباط الجيش وقتلهم وحرق الدبابات وسرقة السلاح، وهنا اضطر الجيش للدفاع عن نفسه، لاسيما بعد حرق مدرعاته وقتل العديد من جنوده وضباطه، وإذ بهجوم إعلامى يتهم الجيش بقتل الشعب وتعذيبه، فتطالب الولايات المتحدة جميع الأطراف المتحاربة فى مصر بضبط النفس والذهاب إلى جنيف للتفاوض، وإذ بعمر عفيفى ويوسف القرضاوى يدعوان لتشكيل جيش مصر الحر، وتستغل العناصر التكفيرية انشغال الجيش بما يحدث فتنسل إلى البلاد وتتحطم السجون ويهرب منها الآلاف، وتعلن جماعة الإخوان تشكيل حكومة مؤقتة تعترف بها تركيا وقطر بينما يرفض حازم إبو إسماعيل هذه الحكومة، ويزداد الأمر تعقيدا برفض المجلس العسكرى الحكم، ويفر مئات الآلاف من المصريين عبر البحر، فتعلن اليونان وإيطاليا رفضهما لاستقبال اللاجئين المصريين، ويعلن الرئيس الأمريكى أن الوضع فى مصر يتطلب التدخل الدولى بعد فشل جولة المفاوضات الأولى بين الفرق المتنازعة، وتستغل إسرائيل الفرصة فتتقدم نحو سيناء فى ظل القرار الدولى بوقف تسليح الجيش المصرى، واقتصار المساعدات على الإعانات الطبية فقط، وتم الإعلان عن مؤتمر دولى لحل مشكلة مصر فطلب السودان حضور المؤتمر لمناقشة أمر حلايب وشلاتين وأعلنت النوبة استقلالها وتسميتها بمملكة النوبة، وخاف بعض المسيحيين على أنفسهم فسكنوا بلادا بالصعيد اقتصرت عليهم، وشكلوا جيشا للدفاع عنها، وهكذا أصبحنا نعانى نفس ما تعانيه ليبيا والعراق وسوريا واليمن ووقتها فقط غرد أحد النشطاء قائلاً: ليتنا أدركنا معنى الانتحار القومى حين أخبرنا به السيسى.. يا قوم أليس منكم رجل رشيد؟ هل يعقل أن كل من فى وزارة الخارجية المصرية خائن لهذا الوطن ومتآمر عليه؟ وهل كل رجال المخابرات العامة والحربية من الخونة؟ أليس فى جيش مصر وطنى واحد؟ وأنتم أيها النشطاء فقط الذين احتكرتم الوطنية وصرتم خبراء فى القانون الدولى وترسيم الحدود والتاريخ والجغرافيا؟..ارحمونا قبل أن نسقط جميعا.
آراء حرة
"الانتحار القومي - سيناريو السقوط"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق