السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لا تنخدع بمدحهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نظرية الكفاءة وأصحاب الثقة من أهم أسباب فشل كثير من المؤسسات والدول، فمعظم أصحاب العمل أو أصحاب القيادة الذين يتعاملون بنظرية أصحاب الثقة ويفضلون ذلك النوع عن أصحاب الكفاءة نجدهم فى معظم الأمر يتخبطون بين ما هو واقع وما هو لا بد أن يكون.
والسيئ فى كثير من الأحيان أن أصحاب الكفاءة يقعون تحت إمرة أصحاب الثقة، وللأسف يضيع كثير من الوقت فى صراعات بين الكفاءة والثقة لينتج عنها ما نراه من هرجلة إدارية مستشرية بشكل كبير داخل مجتمعاتنا، وللأسف تدخل داخل بيوتنا لتصيب أقرب الناس إلينا، وتصبح تلك النظرية أسلوب حياة.
من أين أتت تلك الثقة؟ 
هناك كثير من الأساليب لنيل تلك الثقة لتصبح من المقربين، ولقد رأينا أمثالا كثيرة على مر العصور، فأذكر مثلا فيلم «القاهرة ٣٠»، وكيف كان محجوب عبد الدايم يعتلى المناصب ويتنازل أمام أهدافه عن كل ما تعرفه البشرية من مبادئ وقيم ونخوة، وكنا نراه أيضا يصدق ما يفعله أو يحاول تبريره لنفسه. 
وهناك من يستخدم أساليب المدح ليصل إلى قلب صاحب القرار، ولكن ليس مدح هذا الزمان كسابقه، فأصبح اليوم متطورا كتكنولوجيا العصر وأسلوبه ليس فقط بالثناء على الشكل والمظهر، فقد تطور الثناء وتعاظم ليصل إلى أدق تفاصيل الحياة والكلام والأفعال، ليجعل من سيده حالة يصدقها فقط هو وسيده، فيتحول الثناء من طالب الرضا إلى سيده، ويصبح مكافأة من سيده إلى طالب الرضا، ويوضع طالب الرضا فى مكان يتحكم به فى كثير من الكفاءات لتنهار أو تتخبط تلك المنظومة على طول الخط، ولكن يبقى السيد مطمئن البال ويتولد عنده ذلك الإحساس بالرضا والإنجاز.
أعلم أن كلماتى اليوم إلى حد ما ثقيلة وليست بمرحة، ولا يوجد بها أى نوع من أنواع النصف الممتلئ من ذلك الكوب، ولكننى على يقين أن من يتفحص تلك الكلمات من العقلاء أو من أصحاب الكفاءة سيفهمون جيدا ما أريد أن أوصله وستلمسهم كلماتي.
ليس هذان النوعان من طرق الحصول على الثقة هما كل الأنواع، فالأنواع كثيرة والثعالب تملأ الحياة، وتجوب حاضرنا وماضينا، ولا تكل من تطوير أدواتها وأشكالها.
فيا أصحاب العقول تيقنوا بأن لا علو فى أى شأن إلا بالحقيقة وإن كانت على حساب مديحكم. 
الغراب كائن صوته سيئ جدًا عند الكثيرين، وهو يعرف ذلك.. ولكن رغم ذلك فإنه فى أحد الأيام وقف غراب أسود الريش ذو منقار أصفر رفيع وجسم ممتلئ، تبدو عليه علامات الطيبة على شجرة عالية كثيرة الأغصان فى وسط حديقة جميلة أشجارها كثيفة وأرضها فسيحة خضراء تكثر فيها الطيور المغردة والزهور الملونة.
كان فى فمه قطعة جبن صفراء، وفى تلك الأثناء مرّ ثعلب رمادى الفراء عيناه غائرتان، وفكه كبير وأسنانه حادة وجسمه نحيل من شدة الجوع يبدو عليه المكر والحيلة والدهاء.
أراد الثعلب خداع الغراب للحصول على قطعة الجبن، ولأنه يعلم أن الشجرة عالية، وهو لا يستطيع الطيران للوصول إلى الغراب طلب منه أن يغنّى ليستمتع بصوته الجميل.. فرح الغراب لأن هناك من يرى صوته جميلًا فغنى وما إن فتح الغراب فاه حتى وقعت قطعة الجبن فى فم الثعلب الذى جرى وهو يشعر بالفخر والانتصار.